Ad Code

عالم مخ وأعصاب يتعرض لتجربة فائقة للطبيعة ( رحلة العودة)


أتى الحظ في ذلك اليوم بالكثيرين للمساعدة . " مايكل سوليفان " جارنا وكاهن كنيستنا الأسقفية ، وصل إلى غرفة الطوارئ بعد " هولي " بساعة تقريباً . " سيلفيا وايت " صديقة هولي التي كانت تراها وسيطة روحية ، غير أنني كنت أراها شخصية بارعة في التخمين ليس إلا . اتصلت سيلفيا بهولي لحظة خروجها من الباب خلف سيارة الإسعاف ، فعرفت منها ما كان يحدث ، وقامتا ببعض الاتصالات بأقاربي " بيتسي " أختي الصغيرة التي كانت تعيش في مكان قريب ، " فيليس " أصغر إخوتي ، تعيش في بوسطن ، وجين أكبر إخوتي .
في صباح هذا الاثنين كانت جين قد استقلت سيارتها ذاهبة إلى الجنوب عبر فيرجينيا من بيتها في " ديلاوير " لتساعد والدتنا التي كانت تعيش في " وينستون - سليم " وفي الطريق اتصل بها " ديفيد " زوجها وطلب منها الاتجاه نحو " لينشبرج " ، مخبراً إياها بأن هولي قد اتصلت لتخبرهم بأن " إبين " في غرفة الطوارئ .
اتصلت "فيليس " في الثالثة مساءاً ب " إبين الرابع " في سكنه في جامعة ديلاوير وأخبرته بالموقف وطلبت منه ألا يقلق . أخبرها إبين بأنه يحتاج بعض الوقت لكي يترك رسائل لأساتذته بالجامعة لأن امتحاناته كانت وشيكة . عرفتُ فيما بعد أن إبين لم يكن يتصور أنني في حالة خطرة ، خاصةً أنه لم يرني يوماً مريضاً ، فظن أن فيليس وهولي قد أعطتا الأمر أكثر من حجمه كعادتهما . لكن عندما اتصل به مايكل سوليفان بعد ساعة تقريباً ، أدرك أنه ينبغي أن يتحرك في الحال .
وبينما كان إبين متجهاً إلى فيرجينيا بسيارته ، كانت فيليس في طائرة متجهة إلى هناك أيضاً . وصل إبين إلى المستشفى ودخل وحدة العناية المركزة في الساعة الحادية عشر وربع ليلاً . وكان الجميع قد غادر المكان ولم يبقى سوى صوت الأجهزة التي كانت تُبقي جسدي حياً . تجمد إبين عند الباب عندما رآني . إذ لم يجد أمامه أباه الذي يعرفه بل جثته فقط .
وصلت فيليس إلى المستشفى بعد إبين بساعتين أي في الواحدة صباحاً تقريباً . وعندما دخلت غرفة العناية المركزة وجدت إبين الرابع بجانب سريري ، مُمسكاً بوسادة أمامه لتساعده على البقاء مستيقظاً ، فطلبت منه أن يغادر إلى بيته ليرتاح من السفر ويعود في الغد وأنها هي من سيمكث معي هذه الليلة ، وبعد إلحاح شديد ، ألقى إبين الرابع نظرة على جسدي ووجهي ومضى ، جَلَست فيليس بجانب سريري ، لا يرافقها سوى صوت الأجهزة وزيارات الممرضة الليلية من حين لآخر . أمسكت فيليس يدي وأخذت تربض عليها وتُدلكها ، لأنها كانت تعلم أهمية هذا التواصل بالنسبة لي لو كنت سأحيا . فالعلاقات العائلية عند سكان الجنوب حميمية جداً ، فعائلتك هي أنت .
بحلول الثامنة من صباح اليوم التالي ، كانت هولي قد عادت إلى غرفتي مرة أخرى . لتتناوب مع فيليس الجلوس معي ، آخذة مكانها في الكرسي الذي بجانب رأس سريري وممسكة بقوة بيدي التي لا تزال بلا استجابة .
في حوالي الحادية عشرة صباحاً ، وصل مايكل سوليفان . وشكل الجميع دائرة حولي ، وأمسكت بيتسي بيدي لتشركني معهم . قام مايكل بقيادة الصلاة . وبينما كانوا ينتهون دخل أحد الأطباء المتخصصين في الأمراض المُعدية ومعه تقرير مفاده أن البكتريا مستمرة في إلتهام مخي دون أن يعوقها شيء بالرغم من تعديلهم للمضادات الحيوية التي أتناولها على مدار الليل ، وقام الأطباء بمساعدة هولي بمراجعة الأنشطة التي قمت بها على مدار الأيام القليلة الماضية ثم امتدوا بأسئلتهم ليقوموا بتغطية الأسابيع القليلة الأخيرة وحين ذكرت هولي أنني ذهبت في رحلة عمل لإسرائيل شك الدكتور برينان بنوع من العدوى يعرف باسم الكلبسيلة الرئوية KPC تأوي في حمضها النووي إنزيم يمنح البكتريا المضيفة مقاومة لأي مضاد حيوي .
لاحظت هولي كيف اهتم الأطباء بموضوع رحلتي إلى إسرائيل ، لكنها لم تفهم لماذا كان الأمر بهذه الأهمية . وقد كان من الأفضل أنها لم تفهم ، فخوفها من شبح موتي المُحتمل كان كافياً ، لا يحتمل أن يُضاف إليه فكرة أن أكون شرارة انتشار وباء عالمي .
 في تلك الأثناء كان هناك المزيد من الاتصالات بالأصدقاء والعائلة ، بما في ذلك عائلتي بالميلاد .
بينما كنت ولداً صغيراً كنت أعشق والدي ، الذي كان رئيس هيئة العاملين في مركز " ويك فوريست المعمداني الطبي " في " وينستون _ سليم " لمدة عشرين عاماً . ولقد اخترت تخصص جراحة المخ والأعصاب لأتبع خُطاه على قد استطاعتي مع أنني أعلم أنني لن أستطيع أبداً أن أكون مثله .
كان والدي رجل متدين جداً . وقد خدم كجراح في القوات الجوية للجيش الأمريكي في أدغال غينيا الجديدة والفلبين أثناء الحرب العالمية الثانية .
لقد تزوج والدي من حب حياته وابنة قائد وحدته ، " بيتي " في أكتوبر ١٩٤٢ ، في مرحلة مبكرة جداً من طفولتي ، لا أتذكر متى كانت ، أخبرني أبي وأمي أنهم تبنوني . لم يكونا والديَّ بالجسد أو الميلاد ، لكنهما أحباني جداً ، كما لو كنت من لحمهم ودمهم .
كبرت وأنا أعرف أنهم تبنوني في أبريل ١٩٥٤ ، عندما كان عمري أربعة شهور ، وأن والدتي بالميلاد كانت في السادسة عشر من عمرها ، طالبة في السنة الثانية من المرحلة الثانوية ، ولم تكن متزوجة عندما أنجبتني عام ١٩٥٣ . كان صديقها في السنة النهائية بلا إمكانيات مناسبة لإعالة طفل ، فاتفقا على أن يتخليا عني ، مع أنهما لم يريدا ذلك . عرفت كل هذه الأمور مبكراً جداً لدرجة أنها صارت ببساطة مقبولة كجزء من شخصيتي . وقد أحببت والديَّ بالتبني بنفس المقدار الذي كنت سأحبهم به لو كانوا والديَّ بالدم ، ومن الواضح أنهما كانا يكنان لي نفس المشاعر .
كانت أختي الأكبر " جين " متبناه هي أيضاً ، لكن بعد أن تبنوني بخمسة أشهر حملت والدتي ، وأنجبت طفلة ، هي أختي " بيتسي " ، وبعد ذلك بخمسة سنوات وُلِدَت " فيليس " أختنا الصغرى . كنا إخوة فعلاً في كل المقاصد والغايات . لقد نشأت في عائلة لا تحبني فقط بل وتؤمن بي أيضاً وتشجع أحلامي ، بما في ذلك حلمي أن أصير جراحاً للمخ والأعصاب كوالدي .

المكالمة التي غيرت حياتي 

عام ١٩٩٩ ، بينما كان إبين الرابع في الثانية عشرة من عمره وكنا لا نزال نعيش في " ماساتشوستس " ، كان إبين يعمل على مشروع " شجرة العائلة " بمدرسة " تشارلز ريفر " حيث كان بالصف السادس هناك ، عندها عرف أنني متبنى ، وانه بذلك لديه أقارب بالدم على هذا الكوكب لا يعرفهم شخصياً ، ولا حتى بالاسم . فحرك هذا المشروع بداخله فضولاً شديداً ، فسألني إن كُنا نستطيع أن نبحث عن والديَّ بالميلاد . فأخبرته أنني على مر السنوات أبحث في هذا الموضوع وأتصل بجمعية ملجأ الأطفال بشمال كارولينا وأسألهم إن كان والدي ووالدتي بالميلاد يرغبان في التواصل معي ، لكني لم أسمع منهم أي رد .
وأخبرت إبين أن ذلك لا يعني أن والدتي الحقيقية لا تحبني ، أو أنها لن تحبك إن رأتك . لكنها لا تريد ذلك ، في الغالب لأنها تشعر أن لنا عائلتنا الخاصة وهي لا تريد أن تقف في طريق ذلك .
لكن إبين لم يتراجع عن الأمر ، ففكرت في أن أجاريه وكتبت إلى أخصائية اجتماعية تُدعى " بيتي " في ملجأ الأطفال كانت قد ساعدتني في طلبي من قبل . وبعد أسابيع قليلة في فبراير ٢٠٠٠ ، أتصلت ببيتي لأعرف آخر التطورات ، وأخبرتني أن والديَّ بالميلاد قد تزوجا بالفعل . وهنا خفق قلبي بقوة في صدري ، فدائماً ما اعتقدت أنه بمجرد أن تخليا عني ، أخذت حياة كل منهما طريقاً منفصلاً عن الآخر ، كما أخبرتني أنهما أنجبا ثلاثة أطفال آخرين ، أختين وأخ ، وأنها تواصلت مع الأخت الكُبرى ، التي أخبرتها بأن الأخت الصغرى توفيت منذ سنتين . وماذال والديها حزانى على خسارتها . وأنها ترفض طلبي بالتواصل معهم .
تغيرت نظرتي لنفسي تماماً بعد تلك المكالمة التليفونية . بالتأكيد ، أنا مازلت العالم ، والطبيب ، والأب ، والزوج . لكنني أيضاً شعرت لأول مرة على الإطلاق ، أنني يتيم . شخص متروك ، غير مرغوب فيه بدرجة كبيرة . مقتطع من أصله . 
على مدار الشهور القليلة التي أعقبت هذا سقطت في هوة من الحزن ، كادت تهدد كل ما عملت بكدٍ لأحققه في حياتي حتى تلك اللحظة ، كنت أواجه مشكلة لا يُلام فيها أحد إلا أنا . إذ كنت أُسلم نفسي لحزنٍ مفرطٍ . لم يبدو صائباً أن معلومة تخص الماضي تستطيع أن تجعلني أنحرف تماماً عن طريقي عاطفياً ومهنياً . كنت في صراع ، وكنت أراقب في أسى كم صار دوري كطبيب وأب وزوج أكثر صعوبة في تأديته . وكان لاكتئابي عواقبه في عملي وقد كاد يقتلني أن مهنتي في جراحة المخ والأعصاب الأكاديمية كانت في تدهور . ثم أدركت شيئاً آخر أهم بدأ يجرفه هذا الحزن الجديد الذي فرض نفسه علي . لقد جرف معه آخر أمل لديَّ بأن يكون هناك كيانٌ ما يحبني فعلاً ويهتم بي ، وأن صلواتي تُسمع ، ويُستجاب لها أيضاً . بعد تلك المكالمة ، اختفت تماماً فكرة وجود إله محب لي بشكل شخصي ، كعضو يذهب إلى الكنيسة بعقيدة تؤمن بالله.
ظللت معظم السنوات السبعة التالية أعاني في عملي وفي حياتي العائلية . ولمدة طويلة ، لم يكن حتى المقربين لي يدركون سبب المشكلة . لكن بالتدريج ، ومن خلال ملاحظات عابرة نطقت بها تمكنت هولي وأخواتي من فهم الموضوع .

نهاية الانحدار 

في يوليو ٢٠٠٧ أثناء عطلة عائلية فتحت كل من بيتسي وفيليس الموضوع . وسألتني فيليس : هل فكرت في أن تكتب خطاباً آخر لعائلتك بالميلاد ؟ 
قالت بيتسي : نعم، أنت لا تعرف ،ربما تغيرت الأوضاع الآن . كان جوابي الفوري - عقلياً أكثر منه لفظياً : لا ، ليس مرة أخرى ! ، لقد تذكرت هوة الحزن الذي واجهته قبل سبع سنوات . لكنني علمت أنهما فتحتا الحوار من أجلي وأرادتا مني أن أُقدم على حل المُشكلة .
لذلك في أغسطس ٢٠٠٧ كتبت خطاب من مجهول إلى أختي بالميلاد ، وأرسلته إلى " بيتي " في جمعية ملجأ الاطفال لترسله إليها . مظهراً فيه أهتمامي بالتواصل معها ومع أخينا ووالدينا . بعد أسابيع قليلة تلقيت رسالة من جمعية الأطفال . كانت من أختي بالميلاد تقول فيها " نعم ، نود أن نقابلك " .
أخيراً في أكتوبر ٢٠٠٧ ، التقيت بوالديَّ بالميلاد " آن " و " ريتشارد " ، وأخوتي ربالميلاد " كاثي " و " ديفيد " . أخبرتني " آن " القصة كاملة . كيف أنها عام ١٩٥٣ أمضت ثلاث شهور في بيت فلورنس كريتيدين للأمهات غير المتزوجات ، ولأنها كانت في السادسة عشر من عمرها ، أخبرتني أن والدها كان مستعداً لعمل أي شيء لمساعدتها عندما علم بورطتها ، لكنه كان عاطلاً عن العمل آنذاك ، وسيشكل مجيء طفل إلى المنزل عبئاً مادياً ثقيلاً ، دون ذكر كل المشاكل الأخرى ، وقد نصحه أحد أصدقائه بطبيب يعرفه في الجنوب في " ديلون " بجنوب كارولينا ، يستطيع أن " يصلح الأمور " . 
أخبرتني " آن " كيف كانت تتأمل النجوم تلمع بقوة وقت الرياح العاصفة في ليلة ميلادي ، تلك الليلة الباردة من ديسمبر عام ١٩٥٣ . وكيف وضع الطبيب على وجهها شاش مشبع بالإتير ( مخدر ) لتخفيف الألم ، لذلك كانت نصف واعية عندما وضعت أخيراً طفلها الأول في ٢:٤٢ صباحاً . وأنها أرادت بشدة أن تحملني وتقبلني ، وانها لن تنسى أبداً صوت بكائي بينما غلبها الإرهاق والمخدر فغابت عن الوعي . وقد أجمعت كل الممرضات على أنني كنت أجمل طفل في الحضانة ، فكانت " آن " تشعر بفخر شديد ..... تابعت " آن " وأخبرتني أنها بعد أن تزوجت هي وريتشارد وأنجبوا باقي أولادهم ، تزايد اهتمامها لتعرف ماذا صار لي . وبالإضافة إلى أن ريتشارد كان طياراً في البحرية وطياراً في شركة طيران ، كان محامياً ، فتصورت " آن " أن ذلك سيتيح له كشف هويتي بالتبني . لكن ريتشارد كان أكثر نبلاً من أن يتراجع عن اتفاقية التبني التي تمت في ١٩٥٤ ، ولم يتطرق للموضوع . وفي بداية السبعينات ، بينما كانت حرب فيتنام مُحتدمة ، لم تستطع " آن " أن تُخرج تاريخ ميلادي من تفكيرها . ففي ديسمبر ١٩٧٢ كنت سأتم تسع عشر سنة . في ربيع عام ١٩٧٣ ، كانت عائلتي تشاهد الناجين من الأسر وهم ينزلون من الطائرات العائدة من شمال فيتنام . وكانوا مكسوري الفؤاد إذ لم ينزل من تلك الطائرات معارفهم من الطيارين ، أكثر من نصف دفعة ريتشارد في البحرية لم يعودوا ، وفكرت " آن " أنني ربما قد قُتلت أنا أيضاً هناك . وبمجرد أن دَخَلَت هذه الفكرة عقلها لم تخرج أبداً .
كانت تلك اللقاءات مع والديَّ بالميلاد تعلن نهاية ما أدعوه سنوات عدم المعرفة . أدركت أخيراً ، أنها كانت تحمل لوالديَّ نفس الألم الرهيب الذي كانت تحمله لي .
كان هناك جرح واحد لم يشفى ؛ خسارة أختي بالميلاد " بيتسي " قبل ذلك بعشر سنوات عام ١٩٩٨ ، أخبرني الجميع أنها كانت ذات قلب كبير ، وعندما لم يكن لديها عمل في مركز أزمات الاغتصاب حيث كانت تمضي معظم وقتها ، عادةً ما تجدها تُطعم وتهتم بمجموعة من الكلاب والقطط الضالة . " آن " كانت تدعوها " ملاك حقيقي " ووعدتني " كاثي " أن ترسل لي صورتها . 
منذ لقائي بوالديَّ بالميلاد بدأت لأول مرة بحياتي أشعر أن كل شيء بخير فعلاً . العائلة مهمة جداً ، وأنا قد استعدت عائلتي ، أو معظمها ، كان هذا اول درس لي ، وهو أن معرفة أصل الإنسان من الممكن أن تُجمل حياته بطرق غير متوقعة . فمن خلال لقائي بهم ، استطعت أن أتخلص من الهاجس المُلح الذي كنت أحمله دون أن أدرك ، القائل أنه مهما كان أصلي ، بيولوجياً ، فأنا لست محبوباً أو مهماً ، واكتشافي أنني محبوب ، منذ البداية ، بدأ يداويني لأعمق درجة يتصورها أحد . فشعرت بكمال لم أشعر به من قبل . 
لكن كان السؤال الآخر مازال قائماً . وهو إن كان هناك حقاً إله محب ، وكانت الإجابة في عقلي لا تزال " لا " . ولم أعاود التفكير في ذلك السؤال إلى أن أمضيت سبعة ايام في الغيبوبة .
 
على مدى يومين كان يوم الأربعاء هو اليوم الذي ينتظره الاطباء لكي يتحدثوا عن مدى وجود فرصة لنجاتي من عدمها . والآن ها هو يوم الاربعاء ولم يظهر أي بصيص تحسن لحالتي ، ابتداءً من يوم الأربعاء ، أحضرت هولي " بوند " ليزورني كل مساء بعد المدرسة . لكنها بدأت تتساءل ، من يوم الجمعة إن كانت هذه الزيارات تضر أكثر ما تفيد ، فسابقاً كنت أتحرك بين الحين والآخر . كان جسمي ينتفض فجأة بعنف . فكانت ممرضة تقوم بتدليك رأسي وتعطيني المزيد من المهدئات ، وفي النهاية كنت كنت أعود هادئاً مرة أخرى . كان هذا مُحيراً ومؤلماً بالنسبة لإبني ذو العشر سنوات . كان يكفي أنه ينظر إلى جسمي الذي لم يعد يشبه والده الذي يعرفه ، فمن الصعب للغاية أن يرى جسمي يقوم بحركات ميكانيكية لا تشبه حركاتي . فيوماً بعد يوم ، أصير أبعد ما يكون عن الأب الذي كان يعرفه ، ويصير جسمي الذي على السرير غريب عنه وكأنه توأم قاسي للأب الذي كان يعرفه سابقاً .
كان يوم الخميس عندما قرر الأطباء أن سلالة الإيكولاي الموجودة بجسمي تختلف عن السلالة فائقة المقاومة التي ظهرت بدون سبب معروف في إسرائيل وقتما كنت هناك . لكن ذلك جعل حالتي أكثر ارباكاً . وتحولت حالتي من ميئوس منها إلى مستحيل شفائها . إذ لم يملك الأطباء إجابة على كيفية إصابتي بالمرض ، أو كيف يمكنهم إخراجي من الغيبوبة ، وكان هذا هو اليوم الرابع لي في الغيبوبة .
نال التوتر من الجميع . وقد اتفقت كل من " فيليس " و "بيتسي " يوم الثلاثاء على منع التحدث عن احتمالية موتي في وجودي ، على افتراض أن جزء مني قد يكون مُدركاً للحوار . حتى أنه في صباح الخميس ، عندما سألت " جين " أحد ممرضات حجرة العناية عن فرص نجاتي ، وسمعتها بيتسي على الجانب الآخر من سريري ، قالت : أرجوكم أكملوا هذا الحوار خارج الغرفة .


الإستعانة بوسيطة روحية



تعرفت هولي على صديقتنا سيلفيا في الثمانينات ، عندما كانتا تعملان بالتدريس في مدرسة 
رافينسكروفت بشمال كارولينا . وبينما كانت هولي هناك كانت " سوزان رينتجيز " أيضاً صديقة مقربة لها . سوزان شخصية تعتمد على الحدس . فقد كانت في رأيي شخصية مميزة ، بغض النظر عن أن ما تفعله يتفق مع مفاهيمي العلمية البحتة عن الأعصاب . كانت تعمل كوسيطة روحية وقد كتبت كتاب يدعى " عين ثالثة مفتوحة " وكانت هولي من أشد المعجبين به . عن طريق التواصل مع المرضى الذين في الغيبوبة من خلال الوساطة الروحية . وفي يوم الخميس . فكرت سيلفيا أنه ينبغي أن تحاول سوزان التواصل معي .
فاتصلت بها واخبرتها بحالتي وسألتها إن كان في استطاعتها أن تتواصل معي ؟ فأجابتها سوزان بالإيجاب وطلبت بعض التفاصيل بشأن مرضي . فأخبرتها سيلفيا بالأمور الأساسية : أنني دخلت في غيبوبة منذ أربعة أيام وأنني في حالة حرجة .
فقالت سوزان : هذا كل ما أحتاج لمعرفته ، سأحاول أن أتواصل معه الليلة .
من خبرة سوزان ، كانت أحد السمات المميزة لمرضى الغيبوبة هي أنهم يستجيبون للتواصل عن طريق التخاطر . فكانت واثقة أنها بمجرد أن تضع نفسها في حالة تأملية ، ستستطيع أن تتواصل معي بسرعة .
وبعد خمس دقائق كاملة من النزول العقلي عن طريق الحبل التخاطري ، شعرت سوزان بتغير بسيط ، كما يحدث عندما  يُجذب حبل صنارة صيد السمك برفق لكن بوضوح وهو في عمق المياه .
وقالت لي لاحقاً : كنت واثقة أن ما التقطه حبل التخاطر هو أنت ، وأخبرت هولي بذلك ، وأن ليس موعد رحيلك بعد ، كما أخبرتها أنها يجب أن تحفظ هذه الأمور في عقلها ، وترددها لك بينما تجلس بجانب سريرك .
 في مساء يوم الخميس ، دخلت سكرتيرة " مايكل سوليفان " وقالت له : أحد الممرضات اللاتي تعتنين ب " إبين " تريد أن تتحدث معك . وقالت أن الأمر عاجل.
فأجاب على المكالمة . وقالت له الممرضة : ينبغي أن تأتي في الحال . إن " إبين " يموت .
لأنه كاهن تعرض مايكل لهذا الموقف كثيراً من قبل . لكنه صُدم عندما سمع كلمة الموت مرتبطة بي . فاتصل بزوجته " بيج " وطلب منها أن تصلي من أجلي ومن أجله ليكون قوياً في هذا الموقف . عندما دخل غرفتي كان المشهد كما رآه في آخر زيارة له " فيليس " جالسة بجانب سريري ، وكانت ممرضة العناية المركزة تقوم بعملها المعتاد . ثم دخلت ممرضة أخرى ، وسألها مايكل إن كانت هي التي اتصلت بالسكرتيرة الخاصة به .
فقالت : لا ، لقد كنت هنا منذ الصباح ، ولم تتغير حالته كثيراً منذ الليلة الماضية ، لا أعرف من اتصل بك .
بحلول الساعة الحادية عشر كانت هولي وأمي وفيليس وبيتسي في غرفتي . واقترح مايكل أن يصلوا معاً . فأمسك الجميع بأيدي بعضهم البعض حول سريري ، بما في ذلك الممرضتين ، وقام مايكل بطلبة أخرى قلبية من أجل شفائي . " يا رب أعد لنا " إبين " . أنا أعلم أن هذا في سلطانك " .
لا أحد يعرف من الذي اتصل بمايكل . لكن أياً كان المتصل ، فقد كان ما عمله عملاً حسناً . لأن الصلوات القادمة من العالم الأرضي - العالم الذي بدأت منه - كانت قد بدأت تصلني أخيراً .
في ليلة السبت عادت هولي إلى المستشفى لتتابع المكوث بجانبي . فجلست بجانب سريري ، أمسكت بيدي ، وظلت تكرر الجمل التي اقترحتها عليها سوزان " اقبل الصلوات . لقد شَفيت آخرين . والآن حان وقتك لتشفى . أنت محبوب من الكثيرين . جسمك يعرف ماذا ينبغي أن يفعل . لم يحن وقت موتك بعد .

الإغلاق والعودة 
 
في كل مرة كنت أجد نفسي عالقاً في عالم " منظور دودة الأرض " القاسي ، كنت أستطيع أن أتذكر اللحن المغزلي الرائع ، الذي كان يفتح لي مرة أخرى المدخل إلى البوابة والمركز . لقد أمضيت وقتاً طويلاً - وإن كان يبدو وكأنه لم يمر على الإطلاق - مع ملاكي الحارس على جناح الفراشة كما أمضيت أبدية أتعلم دروساً من الخالق والجرم السماوي النوراني في عمق المركز .
في مرحلة ما ، صعدت إلى حافة البوابة ووجدت أنني لم أستطع الدخول . فاللحن المغزلي - الذي كان هو تذكرة دخولي إلى المناطق الأعلى - لم يعد يأخذني إلى هناك . لقد أُغلقت أبواب السماء .
مرة أخرى ، من الصعب للغاية وصف ما شعرت به ، وذلك لقصور اللغة التي علينا أن نُعبِّر بها هنا على الأرض ، والاتجاه العام لتبسيط الخبرات عندما نكون في الجسد . فكر في كل المرات التي تعرضت فيها للإحباط . بطريقة ما ، كل ما نخسره هنا على الأرض هو في الحقيقة صور مختلفة لخسارة جوهرية وهي خسارة السماء . في اليوم الذي أُغلقت فيه أبواب السماء أمامي ، شعرت بحزن لم أعرفه من قبل . وإن كانت المشاعر مختلفة هناك بالأعلى . فكل المشاعر الإنسانية موجودة ، لكنها أعمق ، وأشمل - فهي ليست داخلية فقط بل خارجية كذلك . تخيل أنه في كل مرة يتغير مزاجك هنا على الأرض ، يتغير الطقس معه في نفس اللحظة . وأن دموعك تجلب أمطار غزيرة جارفة وأن سعادتك تجعل السحب تختفي في الحال مثلاً . يقدم لك هذا تصوراً لمدى اتساع تأثير وأهمية تغيُّر المزاج هناك بالأعلى ، وكيف أنه بشكل غريب لا يوجد فارق بين الداخل والخارج .
ولأنني قد صرت ، مكسور الفؤاد ، غرقت فعلياً في عالم من الحزن . فتحركت إلى أسفل عبر جدران هائلة من السحب . وكانت همهمة حولي في كل مكان ، لكنني لم أستطع فهم الكلمات . ثم أدركت أن هناك عدد لا يُحصى من الكائنات تحيط بي ، راكعة على هيئة أقواس في الفضاء . وبالرجوع إلى الأمر الآن ، أُدرك ماذا كانت تفعل تلك الكائنات الملائكية نصف المرئية ونصف المحسوسة المنتشرة في الظلام بالأعلى وبالأسفل . كانت تُصلي من أجلي .
وتذكرت لاحقاً وجهين منهم كانا ل" مايكل سوليفان " وزوجته " بيج " . أنا أتذكر رؤيتهم بشكل جانبي فقط ، لكنني تعرفت عليهم بوضوح بعد عودتي واستعادتي اللغة . كان " مايكل " حاضراً بنفسه في غرفة العناية المركزة مرات عديدة ليقود الصلوات ، أما " بيج " فلم تحضر أبداً إلى غرفتي ( لكنها كانت تصلي من أجلي ) .
منحتني تلك الصلوات قوة . وربما لذلك ، برغم شدة حزني ، كان بداخلي ثقة غريبة أن كل شيء سيكون عل  ما يُرام . كانت تلك الكائنات تعرف أنني أَمرّ بمرحلة انتقالية ، وكانوا ينشدون ويصلون ليساعدوا على رفع روحي المعنوية . كنت متجهاً إلى داخل المجهول ، لكن في تلك المرحلة كان لدي ثقة وإيمان كاملين بأنه سيتم الاعتناء بي ، كما وعدتني رفيقتي على جناح الفراشة ووعدني الإله ذو المحبة غير المحدودة ، بأنني أينما ذهبت ، ستأتي معي السماء . ستأتي على هيئة الخالق ، على هيئة " OM " ، كما ستأتي على هيئة الملاك - ملاكي - الفتاة على جناح الفراشة . فكُنت في طريق العودة ، لكنني لم أكن وحيداً ، وعلمت أنني لن أشعر بالوحدة مرة أخرى .
وبينما كنت أنزل كانت تظهر من الوحل المزيد من الوجوه ، تماماً كما كانت عندما كنت أنزل إلى عالم " منظور دودة الأرض " . لكن كان هناك شيء مختلف بشأن الوجوه هذه المرة كانت الآن وجوه بشرية .
وكان من الواضح أنها تتكلم .
لم أكن قادراً على تفسير ما يقولونه . وفيما بعد عندما أعدت النظر في الموضوع ، أدركت أنني تعرفت على ستة وجوه من التي رأيتها . منهم سيلفيا وهولي وأختها بيجي . كان هناك " سكوت ويد " وسوزان . كانت سوزان هي الوحيدة فيهم التي لم تكن فعلياً بجانبي في الساعات الأخيرة ، لكنها ، كانت جانبي بطريقتها الخاصة .
عندما علمت بذلك لاحقاً تحيرت جداً ، فوالدتي بيتي وأخواتي اللاتي كن بجانبي طوال الأسبوع مُمسكات بيدي بكل حب لساعاتٍ لا تنتهي ، لم يكنَّ ضمن تلك الوجوه التي رأيتها في الوحل . ثم علمت فيما بعد أنهن لم تكن حاضرات في تلك الليلة الأخيرة . إذاً فالوجوه التي رأيتها في الوحل كانت لهؤلاء الحاضرين جسدياً في ذلك الصباح السابع من غيبوبتي أو الليلة السابقة .
أثناء نزولي ، لم أكن أربط أي هويات أو أسماء بأيٍ من تلك الوجوه . إلا أنني علمت أو شعرت أنهم كانوا أشخاص مهمين بالنسبة لي بطريقة ما .
أحدهم بشكل خاص جذبني نحوه بقدرة خاصة . وبدأ يشدني . برجة قوية تبدو وكأنها تؤثر بأعلى وأسفل بئر السحب المتسع الذي كنت أنزل من خلاله والذي به كائنات ملائكية تُصلي ، وفجأة أدركت أن كائنات البوابة والمركز التي عرفتها وأحببتها كما لو كان دائماً ، لم تكن الكائنات الوحيدة التي عرفتها . بل عرفت وأحببت الكائنات التي تحتي أيضاً ، تحتي في العالم الذي كنت أقترب منه بسرعة .
كنت مهتماً بالستة وجوه ، لكن بشكل خاص بالوجه السادس . كان مألوفاً للغاية وأدركت وأنا مصدوماً من الخوف أنه أياً كان هذا الوجه ، فهو وجه شخص يحتاجني . شخص لن يتعافى إن رحلت . إن تخليت عنه ، لن يستطيع تحمل الخسارة - كالشعور الذي شعرت به عندما أُغلقت أبواب السماء . عندما كنت في المركز لم يكن هناك أي قلق أو شعور بالذنب من أن أخذل أحداً . وبالتأكيد كان هذا أحد أول الأمور التي تعلمتها عندما كنت مع الفتاة على جناح الفراشة فهي قالت لي " لا يمكنك أن تُخطيء بشيء " .
لكن الأمر مختلف الآن . للمرة الأولى في كل رحلتي ، شعرت بخوفٍ عظيم . ليس خوف على نفسي ، بل على تلك الوجوه ، وبخاصةٍ ذلك الوجه السادس . وجه مازلت لا أستطيع أن أتعرف عليه ، لكنني علمت أنه هام جداً بالنسبة لي .
كانت تتضح تفاصيل هذا الوجه أكثر ، في الحقيقة كان يناشدني أن أعود : أن أخاطر بالنزول الرهيب إلى العالم بالأسفل لأكون معه مرة أخرى . كان وجه طفل صغير .

آخر ليلة  
قبل أن تجلس هولي مع دكتور " ويد " طَلبت من " بوند " أن ينتظرها خارجاً لأنها لم تريده أن يسمع ما كانت تخشى أنه سيكون خبر سيء للغاية . لكن بوند شعر بذلك ، فوقف خارجاً بجوار الباب وسمع بعض الكلمات ، ما يكفي ليفهم حقيقة الموقف ، ففهم أن والده لن يعود أبداً للحياة ، فأسرع بوند إلى غرفتي وإلى سريري ، وكان يبكي ، ويُقبِّل جبهتي ويدلك كتفي . ثم فتح جفني وقال موجهاً كلامه إلى عيني الفارغتين الزائغتين : " ستكون بخير ، يا أبي . أنك ستكون بخير ." وظل يردد هذه الكلمات مراراً وتكراراً مؤمناً ببراءة الطفولة أنها ستتحقق إن كررها بالقدر الكافي .
في تلك الأثناء كانت هولي تحدق بالفراغ محاولة أن تتقبل كلمات دكتور " ويد" ، أخيراً قالت : أعتقد هذا يعني أن عليَّ أن أتصل ب" إبين " في الجامعة ليأتي .
أجاب دكتور " ويد " في الحال : نعم من الافضل أن تفعلي ذلك . أقتربت هولي من النافذة الكبيرة لغرفة الاجتماعات وأمسكت بهاتفها المحمول لتتصل ب " إبين " ، وبينما كانت تفعل ذلك وقفت سيلفيا وقالت هولي انتظري دقيقة ، دعيني أدخل إليه مرة أخيرة .
دخلت سيلفيا ووقفت بجوار بوند حيث كان يجلس صامتاً ويدلك يدي . ثم وضعت سيلفيا يدها على ذراعي وحركتها برفق ، بينما كان سيلفيا وبوند يحدقان في وجهي المتراخي ، ويرفضان بكل إصرار أن يقبلا ما قد سمعاه للتو من الطبيب ، حدث شيء ما .
انفتحت عيناي ، فصرخت سليفيا ، وأخبرتني لاحقاً أنها تفاجأت عندما بدأت في الحال انظر حولي . لأعلى وأسفل ، هنا وهناك ... لا بطريقة شخص بالغ يفيق من غيبوبة ، بل بطريقة طفل حديث الولادة .يتامل العالم .
صرخت سيلفيا قائلة : هولي .. هولي .. لقد أفاق ! أخبري إبين أن والده يعود للحياة .
حدقت هولي ب سلفيا وقالت في الهاتف : إبين سوف أطلبك لاحقاً إن والدك يعود... للحياة ." 
ركضت هولي إلى داخل غرفة العناية المركزة ودكتور " ويد " خلفها ، كان من الواضح أن هناك ما يزعجني . في الحال فهم دكتور ويد ما الذي يزعجني ، أنبوبة التنفس التي في حلقي ، الأنبوبة التي لم أعد في حاجة إليها ، فمد الطبيب يده وقطع شريط التثبيت وأخرج الانبوبة بحرص ، اختنقت للحظة ، ولهثت آخذاً أول شهيق بدون مساعدة منذ سبعة أيام ، وكذلك نطقت بكلماتي الأولى منذ أسبوع " شكراً " .
كانت عائلتي المُحبة وكل من كانوا يعتنون بي مجتمعين حول سريري ، ومازالوا مذهولين من التحول الذي لا يمكن تفسيره ، وكنت أنا مبتسماً بسلام وسرور . وقُلت : " كل شيء على ما يرام " وأنا أشع تلك الرسالة السعيدة بمظهري بنفس مقدار نطقي للكلمات . ونظرت إلى كل واحد منهم ، بعمق ، مدركاً المعجزة الإلهية التي هي وجودنا نفسه .


ختام 
كانت هذا اختبار الدكتور إبين وكنت قد كتبته في سياق بحثنا لنظرية التطور ستجدها تحت مسمى مجموعة بحثية في هذه المدونة ، ويجب على القارئ أن يأخذ في عين الإعتبار أنه ليس لاهوتياً ويفسر أختباره من منطلق ثقافته من جهة التخاطر والعوالم المتعدد ولتحميل كتابه مترجم لمن أراد مزيد من المعلومات عن اختباره كما أنه له أسلوب شيق ممتع في السرد من هنا ، ونهاية الاختبار أنه بينما كان في وضع بلا ذاكرة أو وعي كان هناك جزء منه عاقل ويحيا في مكان ما وهذا هو الثنائية في الإنسان وليس أن الإنسان نهايته الموت كما يقول المشككين 



أقرأ أيضا الجزء السابق  الاختبار الفريد




إرسال تعليق

0 تعليقات

Close Menu