Ad Code

عالم مخ وأعصاب يتعرض لتجربة فائقة للطبيعة ( المرض النادر )


عندما استيقظت يوم العاشر من نوفمبر عام ٢٠٠٨ ، حاولت أن أفهم ما الذي أيقظني باكراً قبل ميعاد استيقاظي بساعة ، كان كل ما هنالك إصابة " هولي" بفيروس تنفسي بسيط كنت أحمله أنا و "بوند " من الأسبوع الأسبق . وكان ظهري يؤلمني قليلاً قبل النوم ، فظننت أنني استيقظت مبكراً نتيجة بقاء ذاك الفيروس في جسمي . ابدلت وضعي في السرير ، وإذا بموجة من الألم تجتاح عمودي الفقري أكثر حدة من الليلة السابقة . وكلما نهضت أكثر كلما ازداد الألم سوءاً . وبما أنني كان لدي ساعة قبل ميعاد نزولي للعمل ، قررت أن أعرض ظهري لبعض الماء الدافئ ، فجلست على السرير ودليت رجلي نحو الأرض ووقفت فازداد الألم أكثر وقد بدأ يُصيب عمودي الفقري بشكل مباشر . تركت " هولي نائمة ، ومشيت بخطى بطيئة إلى الحمام ، فتحت الماء ، واسترخيت في حوض الأستحمام ، انتظاراً لتحسن ملحوظ . لكنني كنت مخطئ تماماً . 
فقبل أن يمتلئ نصف حوض الاستحمام ، كان الألم يزداد في الحدة بشكل يستدعي أن أستنجد بهولي لتساعدني على الخروج من حوض الاستحمام .
وبينما كنت أفكر كم صار الموقف سخيفاً ، أصابتني ضربة أخرى قوية من الألم في ظهري ، جعلتني ألهث .
بالتأكيد ليست هذه أنفلونزا ، لكن ما عساها أن تكون ؟ 
بعد صراع للخروج من حوض الأستحمام الزلق لأرتدي ملابسي ، اتجهت ببطء إلى غرفة نومنا وأويت إلى الفراش ، كان جسمي قد ابتل مرة أخرى من العرق .
قلقت هولي فتقلبت . وسألتني : ماذا يحدث ؟ كم الساعة ؟ 
- أجبتها : لا أعلم .. ظهري .. أنا أتألم بشدة .
بدأت هولي تُدلك ظهري . مما جعلني أشعر ببعض التحسن ، لكن حتى الساعة السادسة والنصف صباحاً ، وهو الموعد الذي أرحل فيه عادةً للعمل ، كنت لا زلت أعاني وكأني مشلول من شدة الألم .
في السابعة والنصف ، جاء " بوند " إلى سريرنا ، متسائلاً عن سبب بقائي في المنزل إلى هذا الوقت ، قائلاً : ماذا يحدث ؟ 
قالت هولي : والدك ليس بخير يا حبيبي .
كنت لاأزال راقداً في السرير ورأسي مسنوداً على وسادة . أقترب بوند مني ، وبدأ يُدلك صدغي برفق . 
فأرسلت لمسته هذه صاعقة مؤلمة جداً لرأسي فصرخت . قفز بوند إلى الخلف ، مندهشاً من ردة فعلي هذه . حاولت هولي أن تهدئ من بوند بينما كانت هي مزعورة ، تبحث عما إن كان عليها استدعاء الإسعاف أم لا .
إن كان هناك ما يكرهه الأطباء أكثر من إصابتهم بالمرض ، فهو أن يدخلوا غرفة الطوارئ كمرضى . كما فكرت إنه في مرحلةٍ ما سأبدأ في التحسن وسأندم على طلب الإسعاف كل الندم .
فقلت لهولي : لا بأس . إن الوضع سيء الآن لكنه سيتحسن سريعاً . فقط ينبغي أن تساعدي بوند ليستعد للمدرسة . سأكون بخير لا تطلبي الإسعاف . أنا لست مريضاً لهذه الدرجة . إنه مجرد تقلص عضلي في أسفل ظهري ، مصحوب بصداع . 
رغم عدم اقتناعها ، اخذت هولي " بوند " إلى الطابق السفلي وقدمت له طعام الإفطار قبل أن ترسله إلى منزل صاحبه ليركب معه إلى المدرسة .
عندما عادت " هولي " لتطمئن عليَّ ، كنت قد بدأت الدخول في الغيبوبة . فظنت إني أغفوا قليلاً ، لهذا تركتني لأرتاح ، ونزلت إلى أسفل لتتصل ببعض زملائي ، لتأخذ رأيهم فيما يحدث .
بعد ساعتين ، عادت لتطمئن عليَّ . ورأتني راقداً في السرير كما كنت تماماً . لكن ، عندما اقتربت ، اكتشفت أن جسمي ليس مرخياً ، بل متشنجاً صلباً كلوح خشبي. أضاءت النور فرأتني ارتعش بعنف . وكان فكي الأسفل يبرز للأمام وعيناي مفتوحتان ومقلوبتان إلى الخلف .
صرخت هولي قائلة : إبين ، قل شيئاً ! وعندما لم أجيبها اتصلت حالاً بالاسعاف الذين وصلوا وحملوني في سيارتهم إلى غرفة الطوارئ بمستشفى لينشبرج العام .
لو كنت في وعيي في تلك اللحظة المرعبة التي كانت " هولي " تنتظر فيها سيارة الاسعاف لفسرت لها طبياً ما يحدث لي بالضبط - لكن بالطبع كان هذا مستحيلاً - نوبة صرع كُبرى كاملة ، نتيجة صدمة حادة جداً بالمخ.
قضيت سبعة أيام في غيبوبة كاملة ، كنت موجوداً فيها بالنسبة ل " هولي " وعائلتي بالجسد فقط . فكان عليَّ أن استعين بمن هم حولي لأكتب هذا الجزء من قصتي.
عندما أدخلني فنيو الطوارئ الطبية إلى مدخل غرفة الطوارئ كنت لا أزال انتفض بعنف ، وأئن بشكل متقطع وألوح في الهواء بيدي ورجلي .
" لورا بوتر " طبيبة طوارئ عَمَلت معي ما يقرب من عامين ، تعاملت لورا خلال سنوات عملها الطويلة في غرفة الطوارئ مع الكثير من الحالات الحرجة ، لكنها لأول مرة تتعامل مع أحد زملائها الأطباء في غرفة الطوارئ كمريض ، عرفت لورا من تلك الأعراض أن عقلي تعرض لنوبة عنيفة . فبدأ فريق العمل بخطوات سريعة في احضار عربة الطوارئ ، وسحب عينة من الدم ، ووضع محلول وريدي .
في هذا الوقت ، كنت أتلوى كسمكة أُنتشلت من الماء ، وأنطق بكلمات لا معنى لها ، وأطلق صرخات كأصوات الحيوانات . وما أقلق لورا بالفعل ، هو حركات جسدي غير المألوفة ، والتي تَنُم عن تعرض العقل لنوبة ، بل عن أصابته بتلف قد لا يمكن أصلاحه .
عندما أخبرت " هولي " دكتورة " لورا " عن الصداع الذي أصابني قبل النوبة ، قررت لورا أن تأخذ عينة قَطَنيَّة ، عن طريق سحب كمية قليلة من سائل النخاع الشوكي من العمود الفقري .
سائل النخاع الشوكي هو سائل شفاف كالماء يحيط بالحبل الشوكي ويُغلف المخ ، ليوفر لهما الحماية من الصدمات . يُنتج منه الجسم الطبيعي الصحي يومياً حوالي " ثُمن جالون تقريباً " . وفي حالة اكتشاف عدم نقاء في هذا السائل ، فإن ذلك يشير إلى وجود عدوى أو نزيف .
لم يخطر ببال أحد ممن كانوا معي في غرفة الطوارئ أنني مصاب بالتهاب سحائي بكتيري نتيجة الإيكولاي ، لم يكن هناك ما يدعوهم حتى للشك في هذا . فحديثي الولادة هم الأكثر عرضة للإصابة بهذا المرض . وتندر به عند الرُضع الذين تجاوزوا الثلاثة أشهر الأولى . أما عند البالغين ففرصة الإصابة به لا تتعدى واحد إلى عشرة مليون حالة في السنة .
رغم عدم اشتباه دكتورة لورا في إصابتي بالالتهاب السحائي نتيجة الإيكولاي ، إلا أنها استنتجت أنني مصاب بنوع من أنواع العدوى بالمخ ، وبسبب حالة الهياج العصبي العنيفة التي كنت فيها ، احتاجت " لورا" إلى ستة مساعدين لإبقائي ثابتاً لأخذ عينة من عمودي الفقري .
عندما تبدأ البكتيريا بالهجوم ، يتخذ الجسم في الحال موقف الدفاع ، فتخرج أعداد كبيرة من كرات الدم البيضاء من ثكناتها في الطحال والنخاع العظمي لتحارب الغزاة ، وغالباً ما تكون هي الضحية الأولى في تلك الحرب ، مما يعكر صفاء النخاع الشوكي قليلاً .
معرفة دكتورة لورا بهذا جعلها تنظر بانتباه إلى جهاز " المانوميتر " ، حيث الأنبوبة الشفافة التي تظهر بها عينة النخاع الشوكي . وكان أول ما أدهش لورا هو أن السائل تدفق في الانبوبة بسرعة نظراً لارتفاع ضغط الدم جداً . ولكن ما أدهشها أكثر منظر السائل في المانوميتر ، فقد كان لزجاً وأبيضاً ، وبه مسحة خفيفة من اللون الأخضر . إذ كان قد امتلأ بالصديد .
استدعت دكتورة لورا زميلها دكتور " روبرت برينان " أخصائي الأمراض المعدية ، ليتناولان كل الاحتمالات التشخيصية والخيارات العلاجية الممكنة ، ازداد المشهد ارتباكاً عندما جاءت نتيجة تحليل صبغة غرام ( تحليل كيميائي به تُصنف البكتريا المهاجمة للجسم إلى سلبية غرام أو إيجابية غرام ) ، مشيرة إلى وجود عصويات سلبية-غرام ، وهو أمر غير عادي . ثم جاءت الأشعة المقطعية على الرأس مشيرة إلى التهاب وتورم في الأغشية السحائية للمخ ، لذا تم وضعي على مجموعة من الأجهزة لرصد ومتابعة جميع العمليات الحيوية للجسم .

الوحش وحيد الخلية

عدوى الالتهاب السحائي ، هو تورم في السحايا . والسحايا هي الأغشية التي تبطن العمود الفقري والجمجمة . وهي على اتصال مباشر بسائل النخاع الشوكي . في كل خمس حالات للالتهاب السحائي يكون أربع منها فيروسي ، وواحدة فقط يكون سببها بكتيري ، الالتهاب السحائي الفيروسي خطير وقد يكون مميت بنسبة ١% فقط ، أما الالتهاب السحائي البكتيري فهو أكثر خطورة ومميت حقاً - لأن البكتيريا أكثر بدائية من الفيروسات - وتكون نسبة إحتمالية الوفاة ١٥-٤٠% .
أحد أندر أنواع البكتيريا التي تُسبب الالتهاب السحائي البكتيري لدى البالغين ، هي المعروفة ب" ايكولاي " ولا يعرف أحد بالتحديد عُمر الإيكولاي لكنه يُقدر ما بين ٣ : ٤ بليون سنة . هذا الكائن الحي ليس له نواة ، ويتكاثر بطريقة بدائية لكن نشط للغاية ، تُعرف بالأنقسام الثنائي اللاتزاوجي .
 تخيل خلية ممتلئة بالحمض النووي DNA تحصل على غذائها عن طريق مهاجمة خلايا أخرى ، وتمتصه بواسطة جدارها ، وتصنع عدة نسخ من الحمض النووي ، وتنقسم خليتين كل عشرين دقيقة تقريباً ، وفي خلال ساعة يصيرون ٨ خلايا . وفي اثنتي عشرة ساعة يكونون ٦٩ مليار خلية . وبمضي خمسة عشرة ساعة سيكون لديك ٣٥ تريليون خلية . 
هذا النمو السريع لا يهدأ إلا عندما يبدأ غذاؤها في النفاذ . الإيكولاي تعتبر أيضاً كائنات تبادلية . تستطيع تبادل الجينات مع أنواع أخرى من البكتيريا خلال عملية " الإقتران البكتيري " ، فتكتسب خواص جديدة مثل مقاومة مضاد حيوي جديد مثلاً . وهذا هو سبب بقاء الإيكولاي منذ وُجدت الكائنات وحيدة الخلية حتى اليوم .
في الوضع الطبيعي يحمل جهازنا الهضمي بكتيريا الإيكولاي دون أن يشكل هذا أي تهديداً لنا . لكن عندما تتنوع تشكيلات الإيكولاي متخذة سلاسل جديدة من الحمض النووي ، تصير كائنات عدوانية جداً ، تهاجم سائل النخاع الشوكي الذي يحيط بالحبل الشوكي والمخ وتبدأ في التهام الجلوكوز الموجود بالسائل ، ثم تتحول لتلتهم المخ نفسه .
في حالة الالتهاب السحائي البكتيري ، تهاجم البكتيريا الطبقة أو القشرة الخارجية للمخ أولاً . تلك الطبقة هي المسئولة عن الذاكرة ، واللغة ، والمشاعر ، والإدراك البصري والسمعي ، والمنطق . لذلك عندما تهاجم الإيكولاي المخ ، تُضار تلك العمليات الحيوية أولاً 
الإصابة بالالتهاب السحائي البكتيري بالإيكولاي قد يكون سببها جراحة بالمخ أو جرح نافذ في الرأس مثلاً . وقد يكون تلقائي نتيجة ضعف في الجهاز المناعي بسبب الإيدز مثلاً . لكن لا يحدث أن تغزو بكتيريا الإيكولاي المخ عن طريق الجيوب الأنفية أو الأذن الوسطى كغيرها من أنواع البكتيريا . كما لا تستطيع تلك الموجودة في الجهاز الهضمي أن تدخل محيط المخ والنخاع الشوكي ، لأنه معزول بأحكام مما يحول دون حدوث هذا أو ذاك ، ما لم يتم اختراق العمود الفقري أو الجمجمة بمُحفز داخلي للمخ أو تركيب جراحي لتحويلة دماغية على سبيل المثال . ولأني لم أتعرض لعمليات في المخ ولم اكن مصاباً بالإيدز فإني ببساطة كنت مصاب بمرض من المستحيل أن أصاب به .  
أدعوني وقت الضيق أنقذك فتمجدني
لم يكن هذا التشخيص هو أغرب ما حدث لي في اليوم الأول بالمستشفى ، بل حدث ما هو أشد غرابة ، ففي اللحظة الأخيرة لي في غرفة الطوارئ ، وبعد ساعتين متصلتين من الأنين والصراخ ، وبعد أن سكت صوتي قليلاً ، صرخت من حيث لا أدري بثلاث كلمات واضحة للغاية قائلاً : يا .. الله .. ساعدني .
سمعني الأطباء وكل الموجودين ، بل وهولي أيضاً التي كانت تقف على بُعد خطوات قليلة ، فأسرع الجميع نحو سريري . وكان هذا أخر ما صدر عني لمدة سبعة أيام .
قام الأطباء بحقني بثلاث مضادات حيوية وريدية قبل أن أُنقل لغرفة ١٠ في وحدة العناية المركزة ، تلك الغُرف التي كثيراً ما دخلناها كجراحين ، نصارع فيها للإبقاء على حياة مرضى كانوا قريبين جداً من الموت .
أظهر دكتور برينان وباقي الأطباء تفاؤلاً أمام هولي قد الإمكان رغم أن كل المؤشرات كانت تُرجح احتمالية الموت السريع عن البقاء حياً .
على مدى حياتي ، كانت علاقتي بعائلتي - والديَّ وإخوتي قبلاً ثم هولي وإبنيَّ هي مصدر قوتي واستقراري . وزاد هذا في السنوات الأخيرة . حيث صارت عائلتي هي ملجأي عندما احتاج إلى الدعم في عالم يفتقد هذا كثيراً .
كنت أحياناً أذهب إلى كنيستنا الأسقفية مع هولي والأولاد . لكن بعد سنوات قليلة اقتصر ذهابي إليها على عيدي الميلاد والقيامة فقط . ورغم أنني كنت أُشجع ولدينا على الصلاة قبل النوم ، إلا أنني لم أكن قائداً روحياً في منزلنا ، إذ لم أستطع أبداً أن أغلب شكوكي في أهمية كل هذا . ورغم أنني كنت أؤمن بوجود الله والسماء والحياة بعد الموت منذ صباي ، إلا أن العقود التي أمضيتها وسط عقلانية العلم القاسي الذي يجعل من المخ مصدراً لكل إدراك فينا ، جعلني أرتاب في وجود مثل هذه الأمور .

كيف أصبت بهذا المرض ؟ 

في اليوم التالي دخل أحد الأطباء المتخصصين في الأمراض المُعدية ، ومعه تقرير جديد من المعامل مفاده استمرار ارتفاع عدد كرات الدم البيضاء بالرغم من تعديلهم للمضادات الحيوية التي أتناولها على مدار الليل . إذ كانت البكتريا مستمرة ، دون أن يعوقها شيء في مهمتها التي هي التهام مخي .
عندما بدأت الخيارات تنفذ منهم ، قام الأطباء مرة أخرى عن طريق هولي بمراجعة تفاصيل الأنشطة التي قمت بها في الايام القليلة الماضية. ثم امتدوا بأسئلتهم ليقوموا بتغطية أحداث الأسابيع القليلة الأخيرة .ربما يصلوا لما قد يساعدهم في تفسير حالتي .
وعندما ذكرت هولي أنني ذهبت في رحلة عمل إلى إسرائيل منذ شهور قليلة ، رفع دكتور برينان نظره عن مفكرته !
خلايا الإيكولاي البكتيرية تستطيع أن تتبادل الحمض النووي ليس فقط مع خلايا الإيكولاي مثيلاتها ، بل مع كائنات بكتيرية أخرى سالبة الغرام .
فلو وجدت بكتريا إيكولاي نفسها في بيئة بيولوجية قاسية مع بعض الكائنات البدائية الأخرى التي تتأقلم بشكل أفضل منها ، تستطيع الإيكولاي أن تكتسب بعض الحمض النووي من تلك البكتيريا الأكثر تأقلماً لتتعايش . وهنا يؤخذ في الإعتبار أي سفر بين دول العالم ، ونوع المضادات الحيوية ، والسلالات المتجددة من الامراض البكتيرية سريعة التحول .
عام ١٩٩٦ ، اكتشف الأطباء سلالة جديدة من البكتيريا تأوي الحمض النووي لجين يُعرف باسم " الكلبسيلة الرئوية " KPC وهو إنزيم يمنح البكتريا المضيفة مقاومة لأي مضاد حيوي ، وقد وُجِدَت في معدة أحد المرضى وكان قد توفى في مستشفى بشمال كارولينا .
جذبت هذه السلالة اهتمام الأطباء في العالم كله عندما تم اكتشاف أن KPC تستطيع أن تنتج بكتريا مقاومة ليس فقط لبعض المضادات الحيوية الموجودة ، بل لها كلها . إذا انطلقت سلسلة من البكتريا الضارة المقاومة للمضادات الحيوية في وسط عدد كبير من الناس ، ستحقق كارثة للجنس البشري . إذ لا توجد مضادات حيوية في عالم الصيدلة تستطيع أن تكون منقذاً في هذه الحالة .
كان قد وصل إلى علم دكتور برينان منذ شهور قليلة ، أن هناك مريضاً كان قد دخل إلى مستشفى بعدوى بكتيرية قوية وتم اعطائه مجموعة قوية من المضادات الحيوية في محاولة للسيطرة على عدوى الكلبسيلة الرئوية لديه . لكن استمرت حالة الرجل في التدهور . وكشفت التحاليل والفحوصات أن المضادات الحيوية لم تأتي بمفعولها . كما كشفت تحاليل أخرى أن البكتيريا التي كانت تعيش في الأمعاء الغليظة للرجل ، قد اكتسبت هي أيضاً جين KPC بانتقال بلازمي مباشر من عدوى الكلبسيلة الرئوية لديه . أي أن جسمه كان قد صار معملاً لخلق فصيلة من البكتيريا ، إن انتشرات بين الناس ، قد تضاهي الموت الأسود ، أي الطاعون الذي قتل نصف سكان أوروبا في القرن الرابع عشر .
كان مركز سوراسكي الطبي في تل أبيب - اسرائيل هو مقر تلك الواقعة . وكان ذلك في نفس الوقت الذي كنت فيه هناك ، أي قبل مرضي بشهور قليلة ، إذ كنت في رحلة عمل لحضور مبادرة البحث العالمي لجراحة المخ بالأشعة المركزة . 
وصلت تل أبيب في الثالثة والربع صباحاً ، وبعد أن وجدت فندقي قررت أخذ جولة في المدينة القديمة .
وانتهى بي المطاف قبل الفجر في طريق الآلام وزيارة المكان المحتمل للعشاء الاخير . لقد كانت الرحلة مؤثرة بشكل غريب ، وعندما رجعت إلى الولايات المتحدة كنت كثيراً ما أذكرها لهولي . لكن في ذلك الوقت لم أكن أعرف شيئاً لا عن مريض مركز سوراسكي الطبي ، ولا عن تلك السلالة من الإيكولاي التي اكتسبت جين KPC .
بينما كنت في اسرائيل هل من الممكن أن أكون قد التقطت عدوى بكتيريا تأوي KPC ؟ 
كان الاحتمال ضعيفاً جداً ، لكنه التفسير المنطقي الوحيد لمقاومة العدوى التي لدي للمضادات الحيوية .
وأخذ أطبائي يعملون ليقرروا ما إذا كان هذا ما حدث بالفعل .


أقرأ أيضا الجزء الثالث الاختبار الفريد
 حيث يروي دكتور إبين ما رأه في عالم الروح بعيداً عن سجن الجسد ولمدة سبعة أيام كاملة هي فترة بقاءه في الغيبوبة حيث لا يوجد عمل للمخ نهائي لكي يملي عليه ما يراه .

لقراءة الجزء الأول من هو دكتور إبين







إرسال تعليق

0 تعليقات

Close Menu