Ad Code

الراعي لهرماس أقدم النصوص المسيحية الجزء الأول


كاتب ” الراعي ” كان من المسيحيين الذين التزموا شريعة المسيح وكنيسته وجهروا بها في زمن كانت المسيحية فيه تنعم بقليل من الراحة، وكان الفتور الروحي ابتدأ يؤثر على ضعاف النفوس الذين لم يتقيدوا كليا بالبشارة الجديدة. الي ذلك يبقي ايضا هرماس وجها نبويا في مرحلة من اهم مراحل تطور المسيحية في العالم وانتشارها في الامبراطورية الرومانية المترامية الاطراف. بيد أنه لم يكون لاهوتياً بارعاً يدقق في اختيار الكلمات وهمه كان تشديد الايمان والعودة الي  حضن الكنيسة بالالتزام الكامل بتعليم المسيح والرسل.  (عاشق الوطن )
رغم كون البعض رفض طابع الوحي في كتاب ” الراعي ” فان الجميع أجمع على انه كتاب ضروري نظرا لتعاليمه وتوجيهاته وقيمته الاخلاقية. وفي بداية القرن الرابع نري المؤرخ ” أوسابيوس القيصري ” يؤكد على ان الكتاب كان يقرأ في جميع الكنائس، خصوصا ككتاب تعليمي للذين يهيئون نفوسهم للعماد. كذلك القديس ” أثناسيوس “الذي ينفي عنه طابع الوحي، يفرض قراءته على الموعظين ويقول: ” انني مجبر على التأكيد ان هناك كتبا لا يمكننا ان نصنفها كتب وحي، ولكن يجب ان تقرأ على الذين يريدون تعلم أسس الايمان ” (قانون مجمع نيقيا، 18). ثم يعدد هذا الكتب ومنها كتاب ” الراعي ” لهرماس، رغم أنه استند اليه ليدحض اراء الاريوسيين الذين استعملوه لمآربهم الخاصة. وهكذا، جميع الآباء اليونان، فرضوا قراءته في كنائسهم نظر للإفادة الكبيرة التي كان الموعوظون يحصلون عليها من مجرد قراءته.

الكتاب مسموع على يوتيوب 👇



الرؤيا الأولى

١ - لقد باعني من رباني إلى سيدة من روميه أسمها روذي . بعد سنوات خبرتها وأخذت أحبها كأخت .
٢ - كان قد مضى بعض الوقت على ذلك عندما رأيتها تسبح في نهر التيبر وقد مددت لها يدي وأعنتها على الخروج من النهر . وأمام جمالها طرق قلبي خاطر وقلت في نفسي " لو كان عندي امرأة لها هذا الجمال وهذا البهاء لكنت من المحظوظين جداً " هذا الخاطر البسيط مر بذهني لا أكثر ولا أقل .
٣ - بعد هذا الحادث بقليل كنت في طريقي إلى كوماس وكنت أمجد أعمال الله وعظمتها وقدرتها وقد أستولى علي النوم وأنا امشي . أن روحاً أمسك بي وحملني إلى مفازة يصعب إجتيازها ، كان المكان وعراً وقد صقلته المياه . بعد أن عبرت النهر الذي كان هناك وصلت سهل فركعت وأخذت أصلي للرب وأعترف له بخطاياي .
٤ - وبينما كنت أصلي إنفتحت السموات ورأيت المرأة التي كنت قد أشتهيتها تحييني قائلةٌ عم صباحاً يا هرماس . ٥ - فحدقت بها وقلت أيتها السيدة ماذا تفعلين هنا ؟ فأجابتني صعدت إلى هنا لكي أشكو خطاياك للمخلص . ٦ - ماذا تقولين أدياني أنت الآن ؟ قالت : لا . أنما أصْغ إلى الكلام الذي سأقوله لك . الله الذي يسكن في السماء والذي خلق الكائنات من العدم وكثرها ونماها من أجل كنيسته غاضب منك لأنك أخطأت بحقي . ٧ - ماذا تقولين أأخطأت أنا بحقك ؟ كيف ؟ متى خاطبتك بكلام بذئ ؟ ألم أعتبرك كأخت ؟ لماذا تختلقين أيتها المرأة هذه الأمور الشريرة المشينة ؟ . ٨ - فأجابتني ضاحكة . إن رغبة الخداع مرت بقلبك . ألا تعتقد أن من يترك النية السيئة تدخل إلى قلبه إنما يفعل شراً ؟ ثم أضافت وقالت إن ذلك ليس بخطيئة فقط . أنه خطيئة كبرى لأن الرجل العادل لا يفكر إلا بالعدل . استقامة نواياه توسع شهرته في السماء وتضمن له غفران الله في كل أعماله . أما أولئك الذين يفكرون في قلوبهم شراً فإنهم يعدون أنفسهم للموت والعبودية ، خاصةً أولئك الذين يرتبطون بالعالم الحاضر ويفاخرون بثرواتهم ولا يبالون بالخيرات العتيدة . ٩ - نفوس هؤلاء البشر المتروكين هم وحياتهم ولا رجاء لهم ستتوب . أما أنت فأضرع إلى الله ليشفي خطاياك وخطايا كل بيتك وكل القديسين .
II بعد أن نطقت بهذه الكلمات أنقفلت السموات فأنتابني خوف كلي وسيطر عليَّ الألم وقلت في نفسي . إذا كانت مثل هذه الخطيئة قد أحصيت عليَّ فكيف السبيل إلى خلاصي ؟ كيف يمكنني أن أطلب مغفرة كل خطاياي من اللَّه ؟ بأية كلمات أطلب الرحمة منه ؟ . 
٢ - بينما كنت أسائل نفسي رأيت أمامي عرشاً كبيراً من الصوف الأبيض كالثلج وأمرأة مسنة كانت ترتدي وشاحاً براقاً وتمسك في يدها كتاباً وقد تقدمت وجلست وحيدة وحيتني، قائلة عم صباحاً يا هرماس . فأجبتها والدمع يغمرني والحزن يملأ قلبي : عمي صباحاً يا سيدتي . ٣ - فقالت وهي تبتسم ما هذه العبوسة التي تغمر محياك ؟ لماذا أنت مقطب الجبين يا هرماس الصبور اللطيف الضاحك أبدا ؟ لماذا حل التجهم محل البُشر ؟ فأجبتها : إن امرأة فائقة الصلاح قالت أني أخطأت إليها . ٤ - أن خدام الله لا يفعلون ذلك قط . قالت: لا شك أن فكرة ما مرت بخاطرك فأسأت إليها . سألتها : أمثل هذه النية خطيئة بالنسبة لخدام اللَّه ؟ نعم أنها خطيئة ، أجابت ، أن تفكيراً كهذا يمر بنفس صارمة مُجربة هو تفكير شرير يبعث على الدهشة خصوصاً إذا أشتهى العمل الشرير إنسان كهرماس العفيف ، البعيد عن كل الشهوات ، الملئ بالبساطة المتناهية والبراءة العظيمة .
III أن اللَّه مغتاظ منك من أجل أولادك لا من أجل ذلك . يريد اللَّه منك أن تعيد أولادك إلى طريق الخير لأنهم أخطأوا إلى المخلص وإليكم أنتم أقاربهم . أن محبتك هي التي منعتك من نصح أهل بيتك فتركتهم يسقطون في فساد عظيم . من هنا جاء غضب اللَّه . أصلح أولاً كل ما جرى سابقاً من الشرور في بيتك فخطايا أولادك ومساوئهم هي التي جلبت عليك الدمار الزمني .
٢ - أن اللَّه بغفرانه العظيم رائف بك وبعائلتك وهو الذي سيقويك وسيعينك على أساس مجده بشرط ألا تضعف وأن تكون قوياً في رفع معنويات عائلتك . فكما أن الحداد ينتهي بإعطاء عمله الشكل الذي يريده تحت ثقل ضربات المطرقة كذلك لغة العدل إذا تكررت تقضي على كل شر . لا تهمل نصح أولادك . أني أعرف أنهم إذا تابوا من كل قلوبهم فأن أسماءهم ستكتب مع القديسين في سفر الحياة . ٣ - بعد أن أنهت كلامها قالت لي أتريد أن أقرأ و أن تسمعني ؟ أجبت : بكل سرور ، قالت : أعرني إذاً سمعك وأسمع مدائح اللَّه . لقد سمعت الكلام العجيب السامي الذي لم استطع أن احفظه وأتذكره لأنه كلام مخيف يفوق القوى البشرية إلا أني تمكنت من حفظ الكلمات الأخيرة لأنها كانت كلمات هادئة ومغرية . ٤ - ها هو إله القوات الذي خلق بقدرته غير المنظورة وبحكمته العظيمة العالم وبإرادته المجيدة البس خليقته الجمال . هذا الإله الذي بقدرته ، بقدرة كلمته ، ثّبت السموات ووضع أساسات الأرض فوق المياه وبحكمته وعنايته خلق كنيسته المقدسة وباركها . ها هو ينقل السموات والجبال والتلال والبحار ويسطحها أمام مختاريه فيتم الوعد الذي وعدهم به بمجد عظيم وسرور جم إذا هم حافظوا على وصايا اللَّه التي أستلموها بإيمان عظيم . (عاشق الوطن )
IV عندما انتهيَت من القراءة ونهضَت من مقعدها جاء أربعة فتيان وحملوا العرش وساروا متجهين نحو المشرق . ٢ - حينئذ دعتني ولمست صدري وقالت أأعجبتك قراءتي ؟ أجبتها أعجبتني الكلمات الأخيرة يا سيدتي أما الكلمات الأُول فصعبه وقاسية . قالت الكلمات الأخيرة هي للصالحين أما الكلمات الأُول فللأمم والعصاة . ٣ - بينما كانت تكلمني جاء رجلان وأمسكاها بذراعها وحملاها إلى حيث حُمل العرش إلى المشرق . تركتني والفرح يغمرها وقالت وهي راحلة : كن رجلاً يا هرماس .
الرؤيا الثانية

I في نفس التاريخ كالسنة الماضية كنت في طريقي إلى كوماس ، وقد عاودتني ذكريات رؤيتي الأولى وإذ بالروح من جديد ينقلني إلى المكان الذي نقلني إليه في السنة الماضية . ٢ - عندما وصلت إلى هناك ركعت وأخذت أصلي للمخلص وأمجد أسمه لأنه قّبل أن يُعرفني بخطاياي الماضية . ٣ - بعد نهوضي من الصلاة رأيت أمامي المرأة المسنة التي كنت قد رأيتها في السنة الماضية . كانت تتنزه وفي يدها كتيب صغير كانت تقرأه فقالت لي : أتستطيع أن تعلن هذا لمختاري اللَّه ؟ قلت إني لا أستطيع تذكر هذا القدر من الكلام ، اعطني الكتيب لأنسخه . قالت خذه وأعطتني إياه .
٤ - فأخذت الكتيب وذهبت إلى مكان في البرية ونسخته حرفياً لأني لم أكن أستطيع أن أميز بين المقاطع . بعد أن أنهيت نسخ الكتاب خُطف من يدي . من خطف الكتيب ! لا أعرف ؟ .(عاشق الوطن )
II بعد خمسة عشر يوماً قضيتها صائماً أسائل الرب سؤالات كثيرة انكشفت لي معاني الكلمات وإليك ما تحويه . ٢ - إن أولادك يا هرماس أخطأوا ضد اللَّه وشتموا المخلص وخانوا أهلهم بطريقة جد خبيثة وأنصتوا آذانهم إلى خائني أهلهم دون أن يستفيدوا شيئاً وقد أضافوا إلى خطاياهم دعارة وطوفاناً من الخبث وهكذا كثرت آثامهم . ٣ - اطلع أولادك على هذه الكلمات وكذلك امرأتك التي يجب من الآن فصاعداً أن تكون كأخت لك لأنها هي أيضاً تترك الحرية للسانها وتسقط بسبب ذلك في الخطيئة . بعد هذا التحذير ستلجم لسانها وستنال المغفرة . ٤ - بعد أن تطلعهم على هذه الأقوال التي أمرني الرب أن أكشفها لك حينئذ تغفر جميع خطاياهم وخطايا القديسين الذين ارتكبوها حتى اليوم بشرط أن يتوبوا توبة قلبية ويبعدوا كل تردد عن قلوبهم . ٥ - لقد حلف الرب بمجده أنه إذا أستمر مختاروه بعد اليوم في خطيئتهم فلن يكون لهم خلاص . للتوبة نهاية عند الصديقين يوم التوبة للصديقين تقترب نهايته . أما توبة الأمم فتستمر حتى اليوم الأخير . ٦ - ستقول لرؤساء الكنيسة ليسلكوا طريقهم بالعدل حتى يتمتعوا بكمال الموعد بمجد عظيم . ٧ - اثبتوا أيها العاملون بالعدل ولا تترددوا حتى تحتلوا مكانكم بين الملائكة القديسين أنكم أنتم الذين تجابهون الأحزان الكبيرة الآتية بشجاعة المغبوطون وكذلك أولئك الذين لا يتنكرون لحياتهم .
٨ - حلف الرب بأبنه أن الذين ينكرون المخلص بعد الآن يتجاهلهم ويُحرمون من الحياة أما الذين أنكروه قبلاً فالمجال أمامهم مفتوح واللَّه يستقبلهم برحمته إذ ندموا وتابوا .          (عاشق الوطن )
III أما أنت يا هرماس فلا تحقدن على أولادك ولا تطرد شقيقتك وهكذا يتنقون من خطاياهم السابقة ويتثقفون ثقافة عادلة إذا لم تحقد عليهم . أن الحقد يولد الموت . أنك يا هرماس قد عانيت أحزاناً عائلية بسبب تجاوز بيتك الذي أهملته وبسبب أنغماسك الكلي في أعمالك الشريرة لم تعتني بهم .٢ - أن عدم تركك للإله الحي وبساطتك وعفتك الزائدة هي التي تخلصك وستخلصك أن استمريت ثابتاً فيها وتخلص كل المؤمنين الذين يُدينون بها ويتغلبون على كل خُبث ويثبتون في الحياة الخالدة . ٣ - طوبى لجميع الذين يفعلون العدل . أنهم لا يهلكون إلى الأبد .٤ - ستقول إلى مكسيموس أن الأحزان مُقبلة . إذا حلا لك فأجحد ثانية . أن اللَّه قريب من المرتدين كما هو مكتوب في الداد والموداد الذين تنابؤا للشعب في الصحراء.
IV لقد أُوحي إلي يا اخوتي وأنا مستغرق في نومي بواسطة شاب جميل جداً وقال لي : من تكون المرأة المسنه التي أخذت منها الكتيب ؟ قلت : إنها سيفيلا . قال لا ، أنك مخطئ قلت : من تكون إذا ، أتكون الكنيسة ؟ ولماذا هي مسنة ؟ قال : لأنها خُلقت قبل الكل ومن أجلها وُجد العالم . ٢ - فيما بعد عاودتني الرؤيا في بيتي . دخلت المرأة المسنة إلى بيتي وسألتني إذا كنت قد أعطيت الكتيب للشيوخ فأجبتها كلا . قالت لقد فعلت حسنا . عندي كلمات أضيفها ، عندما أحقق كل الكلمات سوف يعرفها المختارون بواسطتك .٣ - أكتب كتيبين كتيب إلى اقليمس وكتيب إلى غرابتي . ويُسمح لاقليمس أن يرسل ذلك إلى المدن التي في الخارج ، وعلى غرابتي أن تنصح الأرامل والفقراء أما أنت فعليك أن تقرأ ذلك في هذه المدينة على الشيوخ ومتقدمي الكنيسة .
الرؤيا الثالثة                  (عاشق الوطن )

I إليكم أيها الأخوة الرؤيا التي رأيتها . ٢ - كنت قد صُمت مراراً كثيرة وصليت للرب أن يفسر الرؤيا التي وعدني أن يفسرها لي عن طريق تلك المرأة المسنة . فظهرت لي المرأة وقالت لي : مادامت لك هذه الرغبة الشديدة ومادامت حاجتك تُلح عليك لتعرف كل شئ . فهلم إلى الحقل حيث تُزرع أصناف الحبوب فأظهر لك عند الساعة الخامسة وسأريك ما أنت بحاجة إلى رؤيته . ٣ - فسألتها قائلاً : أيتها السيدة في أي مكان من الحقل ؟ قالت : في المكان الذي تختاره ، فأخترت مكاناً جميلاً منفرداً . وقبل أن أقول لها عن المكان الذي أخترته قالت لي : سأذهب إلى أي مكان تختاره . ٤ - ذهبت إلى الحقل وأنا أعد الساعات وقد وصلت إلى المكان الذي أخترته لإجتماعنا ، وهناك وجدت مقعداً من العاج يعلوه مسند من الصوف مغطى بغلاله صوفية . ٥ - صدمتني الدهشة عندما رأيت هذه الأمور موضوعة هناك دون أن يكون هناك أحد ، وتملكني خوف قّفَ له شعر رأسي وشعرت بالجزع في وحدتي . عدت إلى نفسي وتذكرت مجد اللَّه فعادت إلي شجاعتي فركعت كما كنت أفعل سابقاً ووقفت وأعترفت للرب بخطاياي . ٦ - أخيراً جاءت المرأة المسنة ومعها ستة فتيان كنت قد رأيتهم سابقاً ووقفت بالقرب مني وسمعتني أصلي للرب وأعترف له بخطاياي ثم لمستني وقالت : قف يا هرماس ولا تضرع في صلاتك من أجل خطاياك فقط ، أطلب العدل أيضاً حتى يحظى بيتك بقسم منه . ٧ - وعندما أمسكتني بيدها وأنهضتني قادتني إلى المقعد وقالت للفتيان : أذهبوا أبنوا . ٨ - بعد رحيل الفتيان وبقائنا وحيدين قالت لي اجلس هنا . قلت لها دعي يا سيدتي المتقدمين يجلسون أولاً . قالت : قلت لك اجلس أنت . ٩ - أردت أن اجلس إلى جهة اليمين ، فلم تتركني وأشارت إلي بيدها أن اجلس إلى اليسار . ولما سألتها لماذا لم تتركني اجلس إلى اليمين ، قالت : أأزعجك هذا يا هرماس ؟ إن جهة اليمين محفوظة لأناس آخرين ، لأولئك الذين صاروا محبوبين من اللَّه وتألموا من أجل أسمه . لا تزال تنقصك أمور كثيرة حتى تجلس مع أولئك ثابر على أستقامتك كما تفعل لتحقق لك مكاناً أنت وأولئك الذين يعملون ويتحملون ما عمله أولئك وتحملوه .                (عاشق الوطن )
II ما الذي تحمله أولئك؟ قالت : احتملوا السياط والسجون والأحزان الشديدة والصلب والوحوش من أجل أسمه . لذلك أُعدت لهم جهة اليمين من المكان المقدس ولأولئك الذين عانوا ما عانوه من أجل أسمه . أما الآخرون فقد أُعدت لهم الجهة اليسرى . بيد أن الجالسين عن اليمين وعن اليسار فأنهم جميعاً يشتركون بالمواعيد والمواهب ذاتها . الأمتياز الوحيد الذي يتمتع به الجالسون عن اليمين هو الجلوس عن اليمين فقط الذي يعطيهم نوعاً من المجد . ٢ - أتتآكلك رغبة الجلوس عن اليمين ؟ انك لا تزال تحمل خطايا كثيرة . نقي نفسك من نقائصك ولا يتنقى من كل الخطايا إلا أولئك الذين يطردون من قلوبهم كل تردد وكل خطيئة يرتكبونها . ٣ - قالت هذا وصممت على الذهاب . إلا أنني أرتميت عند قدميها واستحلفتها بأسم الرب وطلبت منها أن تريني الرؤيا التي وعدتني بها .
٤ - فأخذتني من جديد بيدها وأنهضتني وأجلستني على المقعد عن اليسار وجلست هي عن اليمين ثم رفعت عصا براقة وقالت لي : أترى شيئاً عظيماً ؟ قلت لا يا سيدتي أني لا أرى شيئاً . قالت أنظر ألا ترى أمامك برجاً عظيماً يُبنى فوق المياه بحجارة مربعة براقة ؟ .
٥ - كان الفتيان الستة . الذين كانوا مع المرأة المسنة يبنون البرج المربع ، وكان ألوف من الرجال ينقلون الحجارة على ظهروهم بعضهم من أعماق البحر وبعضهم من اليابسة ويقدمونها إلى الفتيان الستة ليبنوها . ٦ - وكانت الحجارة المستخرجة من أعماق البحر توضع كلها في البناء لأنها كانت متجانسة مع الحجارة الأخرى وكانت تلتصق ببعضها البعض بصورة محكمة يستحيل معها معرفة نقطة الإلتصاق فبدا البرج كأنه حجر واحد . ٧ - أما الحجارة المستخرجة من اليابسة فكان بعضها يُرفض وبعضها يُقبل في البنيان والبعض الآخر يكسر ويلقى بعيداً عن البرج .
٨ - وكانت أحجار كثيرة ملقاة حول البرج ولم يكن البرج بحاجة لها ، لأن بعضها كان مقلماً والبعض مليئاً بالأثلام والبعض الآخر غير نقي والبعض مستديراً ابيض لا تنسجم مع شكل أحجار البرج ولا تصلح للبناء . ٩ - رأيت أن بعض الحجارة كانت تلقى بعيداً عن البرج حتى تصل إلى الطريق ومن ثم تتدحرج وتسقط في الأماكن الوعرة وبعضها يسقط في النار فيحترق وبعضها كان يسقط قريباً من الماء دون أن يتمكن من التدحرج إلى الماء بالرغم من رغبتها في الغوص فيها .
III بعد أن أرتني هذه الرؤيا أرادت المرأة المسنة أن تبتعد فقلت لها : ماذا تنفعني الرؤيا يا سيدتي إذا كنت لا أدرك معناها . قالت : يا لك من رجل لجوج . إنك تريد أن تدخل إلى سر هذا البرج . نعم يا سيدتي هذا ما أريده لأعلن لأخوتي ذلك حتى إذا ما سمعوا ذلك يصيرون أكثر بهاء بإدراكهم لمجد الرب الفائق .
٢ - قالت لا شك أن الكثيرون سيسمعون هذه القصة وستصير مدعاة لفرح البعض ونبعاً للدموع للبعض الآخر وهؤلاء إذا سمعوا وتابوا سيحظون بالفرح . إليك ما إليه البرج سأكشف لك كل شئ بشرط ألا ترهقني بسؤالاتك لانك لا ترتوي ولا تشبع . ٣ - البرج الذي تراه هو أنا ، الكنيسة التي ظهرت لك سابقاً . أسألني كل ما تريد عن البرج لأوضحه لك فتفرح مع القديسين . 
٤ - قلت لها : اكشفي لي يا سيدة كل شئ ما دمتِ قد وجدتنيِ أهل لذلك . قالت سأكشف لك كل شئ يمكن كشفه لك ، بشرط أن يكون قلبك مع اللَّه وآلا تتردد أمام ما تراه . ٥ - قلت : لماذا يُبنى هذا البرج يا سيدة فوق الماء ؟ قالت : قلت لك سابقاً ذلك ومع ذلك فأنك تسألني إنك بسؤالك تفتش عن الحقيقة . اسمع لماذا يُبنى البرج فوق الماء . أن حياتنا خلُصت وتخلُص بالماء . للبرج أساس وأساسه كلمة أسم اللَّه العظيم الممجد وسنده قوة المعلم غير المنظورة .

لسماع الجزء الثاني على يوتيوب 👇



IV أن هذا يا سيدتي عظيم عجيب . من يكون الفتيه الستة الذين يبنون ؟ هؤلاء هم ملائكة اللَّه القديسين الذين خُلِقوا أولاً وإلى هؤلاء سلم اللَّه كل خليقته لإزدهارها وترتيبها ولسيادة الكون كله وبهم ينفذ مخطط بناء البرج . ٢ - قلت وأولئك الذين يحملون الحجارة ؟ قالت إنهم أيضاً ملائكة قديسون . إلا أن الستة الآخرين يفوقونهم . وبجهودهم المشتركة سيتم بناء البرج وسيفرحون جميعهم وهم يحيطون به وسيمجدون الله على إتمامه . ٣ - قلت : أريد يا سيدتي أن أعرف مصدر الحجارة ومصيرها ومعناها . قالت : لا لأنك افضل الناس وأجدرهم أكشف لك ذلك . فهناك من هم أجدر منك وافضل بالرتبة والسمو ويستحقون أن تُكشف لهم هذه الرؤى لكن اللَّه كشف لك أنت وسيكشف للمترددين الذين يتساءلون في داخلهم إذا كان هذا صحيح أم لا لكي يتمجد أسم الرب . قل لهم أن كل هذه الأشياء هي حقيقة . أنها حقيقة من جميع نواحيها ، أنها أمور أكيدة قائمة كلها على أساس متين .
V إليك ما تعنيه الحجارة التي دخلت في البناء . الحجارة المربعة البيضاء المتشابهة كلياً تمثل الرسل والأساقفة والمعلمين والشمامسة الذين سلكوا طريق الرب المقدس ورعوا وعلموا وخدموا بإخلاص وطهارة مختاري اللَّه . بعضهم مات وبعضهم لا يزال على قيد الحياة وكانوا دائماً على وفاق فيما بينهم يسودهم السلام ويطيعون بعضهم بعضاً . لذلك تراهم في هذا البرج حجارة متلاحمة كلياً وفي إتساق عظيم .
٢ - قلت وهذه الحجارة المستخرجة من أعماق الماء التي وضعت فوق الحجارة المبنية واتسقت معها إتساقاً محكماً ؟ قالت : أنها تمثل أولئك الذين تألموا من أجل اسم الرب . ٣ - أريد أن أعرف يا سيدتي من تكون هذه الحجارة التي قُلعت من الأرض ؟ قالت : الحجارة التي وضعت في البناء دون أن تنحت هم الذين خبر الرب أمانتهم فسلكوا طريق الرب بإستقامة وأتموا وصاياه .
٤ - وهذه الحجارة التي تُحمل الآن وتوضع فوراً فوق حجارة البناء ؟ أنها تمثل الرجال المؤمنين حديثاً الذين لا يعرفون الشر وترشدهم الملائكة إلى عمل الخير .
٥ - من تكون الحجارة التي رُفضت ورُميت بعيداً ؟ قالت : أنها تمثل الخطاة الذين يودون التوبة . أنهم لا يرمونها بعيداً عن البرج لأنها إذا تابت يمكن إستخدامها في البناء . الذين يرغبون في التوبة يصبحون أقوياء في الإيمان إذا هم تابوا حقيقة . انهم بتوبتهم يصبحون حجارة صالحة للبناء بشرط أن يتوبوا والبرج في حالة البنيان لأنه إذا تم بناء البرج فلن يكون لهم مكان فيه وسيطرحون خارجاً ويبقون طوال حياتهم حول البرج .
VI أتريد أن تعرف ماذا تمثل الحجارة التي يكسرونها ويلقونها بعيداً عن البرج ؟ قلت : نعم ، قالت : أنهم أولاد الإثم آمنوا رياء ولم يبعدوا الشر عن قلوبهم لذلك لا مجال لخلاصهم وهم لا يصلحون للبناء بسبب خبثهم ولهذا كُسروا وطُرحوا بعيداً وأثاروا غضب اللَّه لأنهم أغضبوه . ٢ - أما الحجارة الأخرى الكثيرة التي لا ترتبط بالبناء فهم أولئك الذين عرفوا الحقيقة ولم يثبتوا فيها ولم يلتصقوا بالقديسين لذلك لا يصلحون لشئ .
٣ - ماذا تعني الحجارة المثلمة ؟ قالت: أنها تمثل أولئك 
الذين يضمرون الشر في قلوبهم للآخرين ولا يعرف السلام إلى قلوبهم سبيلاً . سلامهم يظهر على وجوههم إلا أن شرهم يبقى في قلوبهم وخبثهم لا يفارقهم حتى بعد تركهم لأخوتهم . ٤ - أما الحجارة المبتورة فأنها تمثل الذين آمنوا والذين يركزون أكبر قسم من حياتهم على العدل أما ما تبقى فقائم على الإثم لذلك تراها مبتورة وغير كاملة . ٥ - ماذا تعني يا سيدتي الحجارة البيضاء المستديرة التي لا تصلح للبناء ؟ قالت : حتى متى تبقى جاهلاً لا تدرك فتسأل عن كل شئ ولا تعي أي شئ ؟ هذه الحجارة تمثل أولئك الذين يملكون الإيمان وثروة هذا الجيل . عندما تضربهم المصائب تدفعهم أعمالهم وثرواتهم إلى نكران المعلم .
٦ - قلت: أي متى تصبح هذه الحجارة صالحة للبنيان ؟ أجابت: عندما تُنزع منهم ثروتهم التي توقظ فيهم الحياة ويصيرون لله . كما أن الحجر المستدير لا يصلح للبناء ألا إذا قطعت منه ما يجعله مربعاً كذلك الأغنياء في هذا الجيل إذا لم تقطع منهم ثروتهم لا يمكن أن يصيروا جديرين لأن يستخدمهم اللَّه .
٧ - اعرف ذلك من نفسك . عندما كنت غنياً لم تكن تصلح لأي شئ أما الآن فأنك نافع وصالح للعمل فاجعل نفسك حالة صالحة ليستعملك اللَّه . ألم تكن أنت حجراً من هذه الحجارة ؟       (عاشق الوطن )
VII أما الحجارة الأخرى التي رأيتها بعيدة عن البرج مرمية على الطريق تتدحرج من هناك إلى أماكن وعرة غير مسلوكة تمثل الذين آمنوا وتركوا الطريق الحقيقي بسبب ترددهم معتقدين أنهم يستطيعون أن يمهدوا لأنفسهم طريقاً افضل فتاهوا معذبين وسلكوا هذه الطريق الوعرة . ٢ - أما الحجارة التي سقطت في النار فأنها تمثل أولئك الذين شقوا عصا الطاعة على اللَّه الحي ولم يشعروا قط بعاطفة من التوبة تصعد إلى قلوبهم لسبب رغبات الفساد والأفكار الشريرة العاملة فيهم . ٣ - أما الحجارة التي سقطت بالقرب من الماء ولا تستطيع أن تتدحرج إليها فتمثل أولئك الذين يسمعون كلمة اللَّه ويريدون أن يعتمدوا بأسم الرب ويحجمون عندما يسمعون صوت النقاوة الحقيقية يدعوهم فيعاودون السير وراء رغباتهم الشريرة غير نادمين .٤ - عندما أنهت السيدة شرح البرج .
٥ - سألتها أيمكن لهذه الحجارة إذا تابت أن يكون لها مكان في البرج ؟ قالت : سيكون لها مكان إذا تابت لكن ليس في هذا البرج . ٦ - لأنها لا تليق به بل في برج أصغر وذلك بعد أن يتعذبوا ويضعوا حداً لخطاياهم . أنهم يستطيعون أن يتحرروا من خطاياهم إذا ما أصغوا إلى كلام العدل . وهذا التحرر يجعلهم يتذكرون أيام خطاياهم التى اقترفوها وإلا لا مجال لخلاصهم بسبب قساوة قلوبهم        (عاشق الوطن )
VIII عندما توقفت عن سؤالها عن هذه الأشياء كلها قالت لي : أتريد أن ترى شيئا أخر ؟ كانت الرغبة تملأني وكنت فرحاً جداً لأرى رؤية جديدة . ٢ - فنظرت إلي وابتسمت ثم قالت لي : ألا ترى سبع نسوه يحطن بالبرج ؟ قلت : قلت نعم يا سيدتي أني أرى كل ذلك . إنهن يحملن البرج بناء على أوامر السيد . ٣ - إليك ما تعنيه الأولى ذات الأيدي القوية . أنها تسمى الإيمان . وبه يخلص مختاروا اللَّه . ٤ - والثانية المزنرة ذات الهيئة الرجولية تسمى العفة ، أنها ابنة الإيمان ، ومن يتبعها تصبح حياته مغبطة لأنها تبعد كل الأفعال الشريرة . من يبتعد عن العمل الشرير يرث الحياة الأبدية . ٥ - ترى من تكون النسوة الباقيات ؟ إنهن بنات بعضهن وهن البساطة والعلم والبراءة والقداسة والمحبة فإذا تمكنت من تحقيق أعمال أمهن تمكنت من أن تحيا . ٦ - أريد أيتها السيدة أن أعرف ما هي خاصة كل منهن . قالت : إليك ما تملكه كل واحدة منهن من القوى . ٧ - هذه الفضائل متماسكة فيما بينها وتتبع الواحدة الأخرى وفقاً لتدريج ولادتهن . من الإيمان تولد العفة ومن العفة البساطة ومن البساطة البراءة ومن البراءة القداسة ومن القداسة العلم ومن العلم المحبة . إن أعمالهن أعمال نقية قدسية إلهية . ٨ - من يخدم هؤلاء النسوة ويتمكن أن يبقى مخلصاً لأعمالهن يمكنه أن يحظى بالسكنى في البرج مع قديسي اللَّه .
٩ - وعندما سألتها أيضاً عن الأزمنة وعن النهاية إذا كانت قد أزفت صرخت بصوت عظيم قائلة : أيها الرجل الغير العاقل ... ألا ترى أن البرج لا يزال في حالة البنيان ؟ لمن تكون النهاية قبل أن يتم بناء البرج وسيتم بناؤه سريعاً ، فلا تسألني بعد . يكفي أن تحفظ أنت والقديسون التوصيات وتتذكروها في أرواحكم .
١٠ - ما كشفت ليس لك وحدك بل لتعلنه وتلقنه للجميع . ١١ - ما آمرك به يا هرماس هو هذا : خلال ثلاثة أيام بعد أن تحفر ذلك في روحك ، ستردد بصدق في أذان القديسين بأمانة كل الكلمات التي سأقولها لك حتى إذا سمعوها وطبقوها عملياً يتنقون من خطاياهم وتتنقى أنت معهم .           (عاشق الوطن )
IX اسمعوا يا أولادي . لقد ربيتكم ببساطة كثيرة وببراءة وقداسة برحمة وغفران السيد الذي انزل عليكم العدالة نقطة نقطة لتتبرروا وتتنقوا من كل خطيئة وانحراف . أنكم لا تريدون أن تصلحوا شروركم .
٢ - أصغوا إلي الآن ، تسالموا فيما بينكم وتفاهموا ولا تستأثروا بمخلوقات اللَّه بل أعطوها أيضاً إلى الناقصين . ٣ - البعض يجلبون الأمراض لأجسادهم لكثرة ما يأكلون والبعض تفنى أجسادهم لأنهم لا يجدون ما يأكلون . ٤ - هذا التفاوت مضر بكم انتم الذين تملكون كثيراً ولا تعطون المحتاجين . ٥ - فكروا بالدينونة الأخيرة الآتية انتم يا من تتمتعون بالخيرات حتى الاختناق وتمنعوها عن المحتاجين . فكروا ما دام البرج بعد لم ينته . لأنكم لن تستطيعوا شيئاً بعد انتهائه .
٦ - احترزوا انتم الأغنياء الذين تفاخرون بثروتكم . احترزوا من نحيب المحتاجين لئلا يتصاعد إلى آذان الرب فيقفل دونكم ودون ثروتكم باب البرج .
٧ - أقول هذا الآن لمتقدمي الكنيسة ولمتصدري المجالس . لا تكونوا كبائعي السموم الذين يحفظون سمومهم في علب ، وعلبكم هي قلوبكم بأحقادكم وخبثكم . ٨ - أنكم قساة عتاة لا تريدون أن تنقوا قلوبكم وتحققوا الدمج الكلي لحكمتكم بنقاوة قلوبكم فتنالوا رحمة الملك العظيم . ٩ - احزروا يا أبنائي أن تفقدكم شقاقاتكم حياتكم . ١٠ - كيف تريدون أنتم المختارين أن تنقوا أولئك الذين لا نقاوة فيهم ؟ نقوا أنفسكم أولاً وتسالموا فيما بينكم حتى إذا ما وقفتم أمام الرب ، اقف بثبات أمامه لأقدم له مسردة الحساب عن جميعكم .            (عاشق الوطن )
X عندما أنهت المرأة حديثها معي جاء الفتيان الستة الذين يبنون الهيكل وحملوها إلى البرج وحمل المقعد أيضاً أربعة فتيان آخرين لم أرى وجوههم لأنهم لم يديرونهم نحوي . ٢ - بينما كانت المرأة تبتعد رجوتها أن تكشف ما يعنيه ظهورها بشكلها الثلاثي . فأجابتني اسأل غيري هذا فيكشف لك . ٣ - لقد ظهرت لي أيها الأخوة في الرؤيا الأولى السنة الماضية كشيخة جالسة على العرش .٤ - وفي الرؤيا الثانية كانت أكثر بهاء من المرة الأولى وأكثر فتوة ، إنما كان جسدها وشعرها جسد وشعر شيخة . ٥ - أما في المرة الثالثة فكانت فتية تماماً وبارعة في الجمال إلا أن شعرها كان شعر امرأة مسنة وكانت تبدو فرحة وكانت تجلس على مقعد . ٦ - كنت تواقاً لمعرفة هذه النواحي المختلفة عن طريق الكشف وقد رأيت المرأة في حلمي تقول لي : أن سؤالك يحتاج إلى تواضع . صُم فتنال ما تريده من المخلص . ٧ - فصُمت يوماً واحداً فظهر لي في تلك الليلة شاب قال لي لماذا العجلة في طلب الكشوفات الجديدة ؟ أحذر لئلا تسئ إلى صحتك من كثرة طلباتك . ٨ - تكفيك هذه الظهورات . أجدير أنت بتحمل كشوفات أكثر من الكشوفات التي ظهرت لك ؟ .
٩ - أني يا سيدي لا اطلب إلا شيئاً واحداً ، أني اطلب تفسير الظهورات الثلاثة التي ظهرت فيها السيدة حتى تكون الظهورات كاملة . حتى متى تبقى فاقد الإدراك ؟ ما يظلم فكركم هو شككم وعدم ارتفاع قلوبكم للمخلص . ١٠ - أجبته قائلاً : أننا بواسطتك يا سيدي نعرف هذه الأشياء بصورة أدق .
XI إليك ما تعنيه أشكال الظهورات التي تريد تفسيرها .
٢ - أنك تسأل لماذا ظهرت المرأة في المرة الأولى مسنة تجلس على مقعد . لأنك كنت عجوزاً بروحك لا قوة فيها بسبب رخاوتك وشكوكك . ٣ - كما أن لا أمل للشيوخ بالعودة إلى الشباب وكل آمالهم تنحصر في إنتظار رقدتهم الأخيرة ، كذلك انتم المسترخون في الأمور الحياتية أنكم أسلمتم ذواتكم إلى اليأس بدلاً من أن تلقوا كل همومكم على المخلص ، وأثقلتم قلوبكم بالأحزان فهرِمت من الأسى . ٤ - أريد أن أعرف لماذا كانت المرأة تجلس فوق المقعد ؟ قال : لأن كل كسيح يقعده ضعفه لا يمكنه إلا وأن يقعد . هذا هو معنى الرؤيا الأولى .           (عاشق الوطن )
XII في الرؤيا الثانية رأيت المرأة تنتصب على قدميها بوجه أكثر فتوة وإشراقاً إلا أن جسدها وشعرها كانا جسد وشعر أمرأة مسنة . أن هذا يشبه المثل الآتي .
٢ - إنسان شيخ أقعدته همومه وأحزانه واستولى عليه اليأس وكان ينتظر يومه الأخير تخلصاً من اليأس الذي استولى عليه وفجأة سقطت عليه ثروة ما كان يحلم بها وبسبب هذه الثروة نسيَ ضعفه وسرت فيه الحياة من جديد وتجددت قواه التي أنهكتها الأشغال السابقة فخرج من سريره فرحاً ووقف على قدميه . كذلك أنت عندما سمعت إعلان المخلص لك . ٣ - لقد ترأف بك وتحنن عليك وعادت إليك القوة بعد أن طرحت الضعف جانباً وتركزت في الإيمان . أن ترميم قواك افرح المخلص لذلك أراك بناء البرج وأَهلك لكشوفات أخرى بشرط أن تعمل دائماً في إحلال السلام في قلبك وبيتك . XIII في المرة الثالثة ظهرت المرأة فتية فرحة وجميلة . كان شكلها رائعاً . ٢ - كما أن أعلان الخير يُنسي الرجل المحزون أحزانه وأتعابه الماضية ولا يفكر إلا بالبشارة الجديدة فتعود إليه كل القوى التي تفعل للخير ويشعر بأن روحه قد عادت فتية بالفرح الذي أنتابه كذلك أنت فقد شعرت بأن الفتوة قد عادت إلى نفسك لدى رؤيتك هذه الخيرات . ٣ - إذا كنت قد رأيتها جالسة على مقعد فلأنها أرادت أن تبرهن على رسوخ مركزها وثباته . للمقعد أربعة أرجل وهذا ما يجعله ثابتاً في جلسته . أن العالم تكون من أربعة عناصر . ٤ - لذلك يصيرون شباباً أولئك الذين يتوبون من أعماق قلوبهم . لقد صار الكشف الآن تاماً فلا تطلبن شيئاً آخر حول هذا الموضوع وسيُكشف لك إذا قضت الحاجة وشعرت بالضرورة .(عاشق الوطن )
الرؤيا الرابعة
I بعد عشرين يوماً من الرؤيا الأخيرة التي رأيتها ، رأيت رؤيا أخرى كل ما فيها يرمز إلى الأحزان المقبلة .
٢ - كنت ذاهباً إلى حقل يخصني في طريق " كمباني " وكان الحقل يبعد عن الطريق العام عشرة فراسخ . وكان الطريق الموصل إليه سهلاً . ٣ - كنت وحيداً وكنت اطلب من المخلص أن يتم الوحي والكشوفات التي نقلها إلي بواسطة كنيسته المقدسة ليثبتني ويهب التوبة لخدامه الذين سقطوا وبهذه الطريقة يتمجد أسمه العظيم . ألم يجعلني جديراً بتأمل كشوفاته ؟ .
٤ - بينما كنت اقدم الشكر والمجد للمخلص سمعت صوتاً يقول لي : لا تشك يا هرماس . فقلت في نفسي : كيف السبيل إلى الشك بعد أن ثبتني المخلص وقواني وجعلني أتأمل هذه الأمور العظيمة . ٥ - بعد أن خطوت خطوات قليلة رأيتني أمام سحابة من الغبار كانت كأنها ترتفع حتى السماء . فقلت في ذاتي : ترى ألا يمكن أن تكون هذه السحابة غباراً يسببه مسير قطيع كبير من الخنازير ؟ كانت المسافة بيني وبين هذه السحابة لا تتجاوز الفرسخ . ٦ - وكانت السحابة تزداد وتكبر ، فقلت في نفسي : لا شك أن في الأمر سراً إلهياً . بعد قليل أشرقت الشمس فرأيت وحشاً هائلاً تخاله تنيناً كان يقذف من شدقيه جراداً نارياً وكان طول الحيوان قرابة مئة قدم أما رأسه فكان كبرفير . ٧ - فأخذت أبكي واسأل اللَّه أن ينجيني منه وتذكرت الكلمات التي سمعتها : لا تتردد يا هرماس ولا تشك . ٨ - فتمنطقت أيها الأخوة بالإيمان بالرب وتذكرت ما علمني إياه من العظائم وتجرأت وتقدمت باتجاه الحيوان وكان الحيوان يندفع هائجاً كأنه يستهدف تدمير المدينة .
٩ - اقتربت منه فإذا بالحيوان الضخم يتمدد فوق التراب لا حراك فيه . بلى انه كان يخرج لسانه إلى الخارج . وقد بقي هكذا حتى تجاوزته . ١٠ - وكانت فوق رأسه ألوان أربعة : الأسود ، الأحمر الناري الدموي ، الذهبي والأبيض .      (عاشق الوطن )
II بعد أن إجتزت الحيوان التقيت بعد ثلاثين خطوة بفتاة مزينة كأنها خارجة من عرس يوشحها البياض وتنتعل حذاء أبيض وتغطي رأسها حتى الجبين وتلبس فوقه تاجاً وكان شعرها أبيض . ٢ - فعرفتها أنها الكنيسة استناداً إلى أحلامي السابقة فملأتني رؤيتها بالفرح فصافحتني وقالت : سلام اللَّه عليك يا رجل فرددت عليها السلام .٣ - فقالت : ألم تصادف شيئاً في طريقك ؟ قلت : نعم . لقد صادفت حيواناً يمكنه أن يهدم مدينة إلا أن رحمة اللَّه وقدرته جعلتاني أنجو منه . ٤ - فقالت : إذا كنت قد نجوت فلأنك ألقيت همومك على اللَّه وفتحت له قلبك وآمنت أن لا خلاص لأي إنسان إلا بواسطة أسمه العظيم . لذلك أرسل اللَّه ملاكه الموكل إليه أمر الحيوانات المسمى ثاغري ولّجم فمه حتى لا يقضي عليك لقد نجوت بإيمانك من أحزان عظيمة فلم تجذع أمام وحش هائل كهذا . ٥ - اذهب وفسر لمختاري اللَّه عظمته وقل لهم أن هذا الوحش هو صورة للأحزان المستقبلة العظيمة . استعدوا وتوبوا من أعماق قلوبكم واجعلوها نقية لا دنس فيها واخدموا اللَّه في أيامكم الباقية بدون عيب . القوا همكم على اللَّه فيخلصكم آمنوا بالمخلص أيها المؤمنون المتأرجحون . ٦ - آمنوا به فهو يستطيع أن يفعل لكم كل شئ يستطيع أن يحول غضبه عنكم كما يستطيع أن يقودكم إلى العقاب . يتوقف ذلك على النوايا التي تربونها في قلوبكم . ويل للإنسان الذي يسمع كلمات المخلص ويحيد عنها الأفضل له إن لم يولد .
III سألتها عن الألوان الأربعة التي كانت فوق رأس الحيوان فأجبتني قائلة : أتحيرك هذه الأشياء ؟ قلت : نعم يا سيدتي . أريد أن أعرف معنى ذلك . ٢ - قالت : الأسود هو العالم الذي تقطنه . ٣ - أما الناري الدموي فإنه العالم الذي سيهلك بالنار والدم . ٤ - أما القسم الذهبي منه فهو أنتم الذين تهربون من هذا العالم ، فكما أن الذهب يُختبر بالنار ويصبح صالحاً للإستعمال كذلك أنتم الذين تقطنون هذا العالم تُختبرون . أولئك الذين أُختبروا في بوتقة النار وثبتوا يتنقون ويصبحون صالحين للعمل وكما أن الذهب يطرح في النار الشوائب العالقة به ، كذلك أنتم تتخلصون من أحزانكم وتصبحون حجارة صالحة للبناء . ٥ - أما القسم الأبيض فإنه الجيل المقبل الذي يقطنه مختاروا اللَّه لأن المختارين لحياة أبدية يكونون أنقياء وبلا دنس .
٦ - لا تتوان عن إعلان ذلك في أذان القديسين فصورة الأحزان المقبلة قائمة أمام أعينكم . إذا أردتم أنتم فلا شئ يتم . تذكروا ما كُتب سابقاً . ٧ - قالت ذلك ومضت ولم أرى المكان الذي ذهبت إليه . لقد حصل ضجيج فالتفت إلى الوراء جزعاً معتقداً أن الوحش مقبل إلي .
الرؤيا الخامسة          (عاشق الوطن )

بينما كنت أُصلي في بيتي جالساً فوق سريري دخل رجل بهي الطلعة له شكل راعٍ يلبس جلداً أبيض ويحمل فوق كتفيه جراباً وفي يده عصي . فصافحني وصافحته . ٢ - وجلس إلى جانبي وقال لي : أُرسلت من الملاك الكلي الكرامة لأسكن معك طوال ما تبقى لك من الحياة . ٣ - اعتقدت أولاً أنه جاء ليسخر مني فقلت له : من أنت ؟ قال لي : ألا تعرفني ؟ قلت : لا . قال أنا الراعي الذي أُسلمت إليه . ٤ - وبينما كان يتكلم تغيرت هيئته وعرفت أنه الشخص الذي أُكل إليه أمري . فاضطربت حالاً وتملكني خوف وحطمني الألم لأني أجبته بخبث وبدون تروِ . ٥ - فأدرك قلقي وقال فوراً : لا تنزعجن بل تقو في وصاياي التي سأوصيك بها . وقال : أُرسلت لأريك كل ما رأيته سابقاً أي ما هو مفيد لك . أكتب أولاً وصاياي وكلماتي أما تبقى فستكتبه كما أقول لك . لذلك أوصيك أن تكتب الوصايا والأمثال لتكون في متناول يدك لتقرأها وتحفظها . ٦ - لقد كتبت الوصايا والأمثال كما امرني . ٧ - فإذا سمعتموها ولم تتوبوا بل تزدادون غياً فأنكم تنالون من الرب عكس ما وعدكم به . ٨ - هذا ما أمرني ملاك الرحمة أن أكتبه .

لقراءة الجزء الثاني من هنا



لقراءة الجزء الثالث من هنا




لقراءة الجزء الرابع من هنا

إرسال تعليق

0 تعليقات

Close Menu