فسألته تماف :- إلى أين ؟
أجابها :- إلى السماء !
أجابته :- يا ليتني !!
أجابت تماف إيريني الملاك هكذا وللوقت شعرت بقوة تحملها وتطير بها نحو السماء ، ولبثت تصعد حتى وجدت نفسها تسير أفقياً بصحبة الملاك ولم تكن تطير ، حتى دخلت مكاناً تشمله الخضرة والأزهار ورأت هناك أنهاراً وبدا المكان في غاية الروعة والجمال ، ومع هذا كله إلا أنها وجدت هذا الجمال لا يُعد شيئاً إزاء الفرح والسلام اللذين غمرا هذا المكان .
وبعدما أمعنت تماف إيريني ناظريها في هذا المكان الذي إستحوذ عليها بكليتها ، رأت ما يشبه المباني التي كانت على شكل أنصاف دوائر "اي أرجات" وأمام كل أرج منها ، رأت دهليزاً رحباً جداً وكان كلٌ من هذه الأرجات يخص راهب أو راهبة ، وكانت كلها متصلة ببعض .
ورأت الرب يسوع المسيح الذي له كل المجد يتوسط هذه الدهاليز ، ورأت الرب مُعتلياً عرشاً وكان كله مُنيراً ومضيئاً جداً وفي جمال لا يُعبَّر عنه وينبثق منه فرح وسلام ، وكانت دهاليز الرهبان والراهبات مُشتملة بالفرح على أثر الرب الحال في وسطهم .
وأوضحت تماف إيريني أنها لاحظت أماكن قريبة جداً من ربنا يسوع المسيح ، بينما كانت هناك أماكن بعيدة عنه قليلاً وأخرى أبعد كثيراً ، هذا وقد عقبت تماف إيريني بأن قرب أو بُعد الأماكن التي يسكنها رهبان أو راهبات يرجع إلى تعب كل منهم حين كان في الجسد على الأرض ، رغم أن كافة هذه الأماكن مُفرحة ومُبهجة ومن يسكنها يشعر بالفرح والسلام والطمأنينة .
وفجأة شاهدت تماف إيريني أمنا " إيلاريا " وهي ترتدي ثياباً بيضاء ، وكان وجهها مضيئاً ولما رأتها تماف إيريني هكذا شرعت أن تركض نحوها وتحتضنها ، إلا أن أمنا إيلاريا منعتها وقالت لها :- أنا في الروح .
ثم دار بينهما هذا الحوار الذي أستهلته تماف إيريني قائلة لها :- لماذا أنتِ واقفة هكذا ؟
أمنا :- عندي خبر أنكِ آتية إلى ههنا فجئتُ أنتظرك .
تماف :- ومن أين عرفتِ أنني آتية إلى ههنا ؟
أمنا :- الملاك الذي أتى بكِ إلى ههنا سبق وأخبرني أنه ذاهب إليك ليأتي بكِ إلينا .
قالت أمنا إيلاريا مقولتها هذه وأردفت : - أنظري كم أنا فَرحة وفي سلام ومجد !!
ردت تماف :- يا لفرحك ، هوذا المكان الذي أنت فيه مملوء بالفرح والسلام .
ثم أخذت أمنا إيلاريا تماف إيريني لتُريها مكانها ، فوجدته جميلاً جداً ومُفرحاً ، لكنه كان قابعاً في مكان يشبه الصحراء وليس فيه خضرة ولا زهور ، فسألت تماف إيريني أمنا إيلاريا قائلة :-
لماذا مكانك ههنا مع أنك كنتِ راهبة قوية وقدوة للآخرين ؟
أمنا :- لأنني كنت شحيحة ( قليلة العطاء ) إلى حدٍ ما.
تماف :- ماذا كنتِ تمتلكين وأنت في الجسد على الأرض حين كنتِ راهبة في الدير ؟
أمنا :- لقد كنتُ ممسكة اليد وليس من السهل عليَّ أن أعطي لراهبة سواي شيئاً مما هو لي ، وأذكر حين كنتُ راهبة في الدير وأنا في الجسد على الأرض أن كان لديَّ كتاب بستان الرهبان الذي لم يكن لدى كثيرين ، فإذا قصدتني راهبة فيه ، كنت أرفض متعللة بخوفي عليه لئلا يتلف في يديها ، وإن حدث وأعطيته لواحدة من الراهبات ، كنت ألبث أحذرها لئلا يتمزق بين يديها وقت قراءتها له .
هنا أستوقفتها تماف إيريني وأستفسرتها قائلة :- ماذا في تحذيرك هذا مما تُلامين عليه ؟!
أُمنا :- كان هذا يعني أنه كانت لي محبة قنية ، وليس هذا فحسب إنما كان لديَّ أدوات كثيرة كنت أرفض أن أقرضها لإحدى الراهبات متعللة بالمحافظة عليها ، وأذكر أيضاً حينما كانت تأتيني إحدى الأمهات لتجمع مالاً لأجل أخوة الرب ، كنتُ أمتنع عن الدفع بشئ مما لي .
أستأنفت تماف إيريني حوارها مع أمنا إيلاريا وقالت لها :- أتوق أن أذهب إلى ربنا يسوع المسيح ، ليتك تأخذيني عنده !؟.
أُمنا :- أنت لا تحتملين أن تتجهي ناحيته .
تماف :- لماذا ؟
أُمنا :- لأنكِ لا تستطيعين أن تحتملي شدة نوره .
تماف :- وأنتِ كيف تحتملين أن تريه هكذا ؟
أُمنا :- أنا الآن في الروح ولست في الجسد ، وإن كنتِ ترينني في الشكل الذي كنتُ عليه فهذا راجع إلى أن الروح تأخذ شكل الجسد الذي كانت تسكنه ، ولذلك أنتِ تشاهدينني كما لو كنتُ لا زلتُ في الجسد لكنني تركته في الأرض ، أما أنتِ فلازلتِ في الجسد .
تماف :- دعيني أحاول أن أدنو منه على قدر إستطاعتي . وبدأت تماف إيريني تسير مع أُمنا إيلاريا والملاك الذي أتى بتماف يرافقهما ، وذلك في طريق طويل جداً وفي نهايته رأت ربنا يسوع المسيح جالساً على العرش ، ولما رأته تماف أخذت تقترب منه شيئاً فشيئاً ، وكلما كانت تدنو منه تشعر برهبة وأن نوره كما لو كان ناراً أخذت تحرقها .
ووقتئذ قالت تماف إيريني لأُمنا إيلاريا :- كفى ... كفى يا أُمنا إيلاريا لم أعد قادرة على أن أقترب منه أكثر من ذلك .
أُمنا :- حاولي ... حاولي .
وكان الملاك المرافق لها يشجعها ويقول لها :- حاولي مرة أخرى .
أما تماف فحاولت أن تقترب أكثر فشعرت بوجهها يحترق فقالت لأُمنا إيلاريا :- لم أعد قادرة أن أقترب أكثر من ههنا .
فقال لها الملاك المرافق لها :- يكفيك هذا لأنكِ لا زلتِ في الجسد .
وأخذت تماف إيريني تصف الرب قائلة :- " لقد رأيت ملامح وجهه ... عينيه جميلة جداً والحب والحنان والعطف والأبوّة كانت تتدفق منهما ، كل هذه المشاعر أحسست بها فيه مع رهبة قوية ، وجعلتُ آخذ منه فرحاً وسلاماً قدر ما أستطعتُ ، ولا يمكنني مطلقاً أن أصف روعة جماله ومدى حبه والسلام الذي كان يصدر منه علاوة على دفء المشاعر التي إستدفأت بها من قِبَلِه ، إضافة إلى عطفه وأبوته الحانية تلك التي لا يسوغ لإنسان أن ينطق بها " .
بعدئذ قال الملاك لتماف إيريني هيا لأُريكِ بعض مواضع القديسين وبعضاً من الناس الذين تعرفينهم وهم في الجسد ، ثم أنزل بكِ إلى الأرض مرة أخرى ، وقتئذ توسلت تماف إيريني إلى الملاك ليتركها في هذا المكان لكنه أجابها :- لا يمكنني أن أتركك ههنا ، أنا أتيتُ بك للتعزية في رحلة فقط .
وتستطرد تماف إيريني حول رحلتها قائلة :- بعدما أراني الملاك ما وعدني به أخذني وسار بي أفقياً حتى خرجنا من الفردوس ، ومن هنا هبط بي من السماء عمودياً على الأرض وإذ بي أجد نفسي في الدير ومن ثمّ دخلت قلايتي ، ولبث وجهي شديد الإحمرار ولامعاً جداً حتى أنني غسلته كثيراً إلا أن لمعانه لم يتغير وكانت الراهبات يلاحظنه ، الأمر الذي إضطرني أن أمتنع عن مقابلة أحد فترة نظراً لسؤال كل أحد لي عما جعل وجهي يلمع هكذا وبالطبع كان هذا إنعكاساً لنور الرب يسوع المسيح حين رأيته ، وذلك على وجهي .
أقرأ ايضا رؤية الأب بطرس المقارى كاملة
أقرأ أيضاً رؤية ملحد صربى سابق عن السماء والجحيم
أقرأ أيضاً رؤية الأخ (ع.ف) عن السماء والجحيم
0 تعليقات