Ad Code

الراعي لهرماس أقدم النصوص المسيحية الجزء الثالث


الراعي هرماس 


هذا هو الجزء الثالث من كتاب الراعي لهرماس وبعيد عن الطابع الرؤيوي الذي يتحدث به الكتاب إلا إنه يمتلك أسلوب بسيط ولقد انتقد الفلاسفة والعلماء أسلوب الكاتب وقالوا أنه لو وقع هذا الكتاب في يد كاتب بارع لصاغه بطريقة أفضل من هذه ، ولكننا لا نريد العبارات الرنانة والكلمات المنمقة بل نريد الذي يدلنا على الطريق للملكوت والسيد المسيح عندما اختار تلاميذه أختارهم من البسطاء وعامة الشعب ، وهرماس هذا كان راعي وفلاح لهذا أمثلته تدور حول الارض والرعية وقد ترجمه عن اليونانية المثلث الرحمات البطريرك الياس الرابع ( معوض ) من الكنيسة الأنطاكية .
ولقد لُقب هرماس كاتب هذا الكتاب بنبي التوبة 
ولنقرأ الآن الأمثلة التي صاغها لنا هرماس وليفتح كل منا قلبه قبل عينيه ليعرف أين هو وما يحتاجه ليقوم سبيله .
المثل الأول
قال الراعي : أنكم يا عبيد الله تعرفون أنكم تقطنون أرضاً غريبة وأن وطنكم بعيداً جداً وليس ههنا . لماذا تقتنون الحقول الواسعة والعمارات الكبيرة والقصور والأبنية والبيوت ما دمتم تعرفون أن المدينة التي ستستوطنوها ليست هنا . ٢ - من يهيئ نفسه لهذه الحياة يصعب عليه أن يعود إلى مدينته الحقيقية .
٣ - ألا تعرف أيها الشاك الشقي الجاهل أن الأشياء التي هنا كلها غريبة عنك وأن غيرك يتسلط عليها ؟ سيقول لك سيد هذه المدينة لا أريدك أن تكون من مواطني مدينتي . أخرج منها مادمت لا تدين بنواميسي .
٤ - ماذا تفعل أيها المالك للحقول الواسعة والعمارات الكبيرة والثروة الضخمة بحقولك وعماراتك وثروتك إذا طردك سيد المدينة . سيقول لك سيد المدينة بحق . أن مدينتي هي لك إذا حافظت على شريعتي أما إذا رفضت فأن أبوابها مغلقة في وجهك . ٥ - ماذا ستفعل يا صاحب الناموس الإلهي ، أتنكر ناموسك الحقيقي لتتبع ناموس المدينة هنا ؟ أحذر لئلا يقودك تنكرك لناموسك الحقيقي فأبواب مدينتك الحقيقية ستكون موصدة الأبواب في وجهك . ٦ - أحذر أن تقتني أكثر مما أنت بحاجة إليه وأنت في أرض غريبة وكن مستعداً للساعة التي سيطردك فيها سيد البلاد لعدم طاعتك لشريعة مملكته حتى إذا ما ذهبت إلى مدينتك تكون فرح القلب لا تأسف على شيء . ٧ - إنتبهوا يا معشر عبيد الله . أنتم يا من جعلتم الله في قلوبكم وأتممتم أعمال الله متذكرين وصاياه والوعود التي أوصاكم ووعدكم بها . ثقوا به وتأكدوا أنه سيحقق مواعيده إذا حافظتم على وصاياه . ٨ - اشتروا الأرواح المعذبة بدلاً من الأبنية . زوروا الأرامل والأيتام ولا تحتقروهم . هذه هي الأرض التي يجب أن تصرفوا من أجلها أموالكم والكنوز التي أعطاها الرب لكم . ٩ - لم يعطكم الله الثروة إلا لتنفقوها في هذا السبيل . الأفضل لكم أن تشتروا الحقول والعمارات والممتلكات التي ستجدونها عند رحيلكم إلى وطنكم الحقيقي .
١٠ - هذا هو الغنى الجميل المقدس الذي لا يسبب الغم ولا الأحزان . أنه لا يسبب إلا الفرح . لا يغرنكم غنى الوثنيين . أنه غنى يسبب لكم الويلات ويحمل إليكم المصائب . ١١ - أجمعوا الثروة التي تناسبكم ، الثروة التي تهب لكم الغنى . تجنبوا الإغتصاب واحزروا أن تشتهوا شيئاً يخص الآخرين . شر هو إشتهاء ما للغير . أعمل عملك فتخلص.
المثل الثاني 
بينما كنت أمشي باتجاه الحقل الذي رأيت كرمة ودردارة وبينما كنت أفكر بهذه الأشجار وبثمارها ظهر الراعي وقال لي : أية أفكار توحيها إليك هذه الكرمة وهذه الدردارة ؟ قلت أني أفكر يا سيدي كيف تنسجمان معاً . ٢ - قال : انهما موجودتان ههنا لتكونا مثلاً لعبيد الله . قلت وأي مثل تستطيعان أن تقدماه ؟ قال : أترى الكرمة وشجرة الدردار ؟ قلت : نعم أني أراهما .
٣ - قال - هذه الكرمة تثمر أما الدردارة فلا ، أنها لا تصلح إلا للخشب . الكرمة إذا بقيت ممدودة على الأرض ولا تتسلق أغصان الدردارة فثمرها يبقى قليلاً وما تحمله إذا بقى ممدوداً فوق الثرى يهترئ . إلا أن أغصان الكرمة إذا تسلقت أغصان الدردارة فثمرها يكون من صنع الكرمة والدردارة معاً . ٤ - ارأيت أن الدردارة لا تعطي ثمراً أقل من ثمر الكرمة . قلت : كيف يمكن أن تعطي شجرة الدردار ثمراً كالتي تعطيه الكرمة . قال : لأن الكرمة التي تعلو شجرة الدردار تعطي ثمراً جيداً وكثيراً أما إذا تُركت فوق الأرض فأنها تعطي ثمراً قليلاً ومهترئاً . هذا المثل ينطبق على خدام الله وعلى الفقير والغني . ٥ - قلت : كيف ذلك ، عرفني يا سيدي ، قال : أنتبه . الغني يملك ثروة كبيرة إلا أنه فقير في خدمة الله لأن أمواله تستنزف كل تفكيره وأوقاته . الإعتراف بالخطأ والصلاة لا يشغلان الكثير من وقته ويكونان غالباً مختصرين لا قوة فيهما ليرفعاه إلى الله  . أما إذا إلتصق الغني بالفقير وأعطاه ما يحتاج إليه . فعطيته له بإستطاعتها أن تحقق له أجره عند الله . صلاة الفقير وإعترافه بخطاياه زاخران بالغني ولصلاته قوة عظيمة عند الله . ٦ - يعطي الغني للفقير كل شيء وبدون تردد أما الفقير الذي يعطيه للغني فإنه يعطيه شُكر الله عما أعطاه . هكذا يضاعف الغني إهتمامه بالفقير ليبقى في شركة دائمة مع حياته لعلمه أن صلاة الفقير غنية ومقبولة عند الله . ٧ - الغني والفقير يتمان عملاً واحداً ، هذا بالصلاة ، وهي ثروته التي أخذها من الرب ويقدمها للرب مختاراً ، وذاك بماله الذي أعطاه الرب ليعطي المحتاج بدون تردد وهكذا يتم عملاً عظيماً يُرضي الله لأنه استعمل ثروته بتعقل وروية واستخدمها لصالح الإنسان وحقق إرادة الرب .
٨ - شجرة الدردار تظهر لأعين الناس شجرة غير مثمرة لكنهم لا يعرفون أن شجرة الدردار ، في حالة الجفاف تهب الماء للكرمة وتضاعف ثمارها . وكذلك الفقراء فإنهم بصلواتهم لله من أجل الأغنياء يعطون ثروتهم ملء قامتها ، كما أن الأغنياء بإعطائهم للفقراء يحققون كمال رغبات نفوسهم . ٩ - وهكذا يصير الإثنان شركاء في عمل العدل . من فعل ذلك لا الله بل يكتب أسمه في أسفار الحياة . ١٠ طوبى للذين يعرفون ويعون أن الله هو الذي يعطي الثروة مثل هذا الإحساس يجعله يتم عملاً مفيداً .

المثل الثالث 
لقد أراني الراعي عدداً من الأشجار العارية فخلتُها ( بدت) يابسة لتشابهها ثم قال لي : أترى هذه الأشجار ؟ قلت نعم يا سيدي . فجاوبني قائلاً : الأشجار التي تراها هي مواطنوا هذا العالم . ٢ - قلت لماذا يا سيدي هي يابسة ومتشابهة ؟ قال : لأن الصديقين والخطاة لا يظهرون كلٍ على حقيقته بل جميعهم يتشابهون في هذا الدهر . هذا الجيل هو جيل الشتاء للصديقين ولا يتميزون عن الخطاة الذين يعيشون بينهم . ٣ - تفقد الأشجار في الشتاء أوراقها وتصبح متشابهة كلياً ويصعب التميز بين الأشجار الميتة والأشجار الحية وهكذا لا يمكن التفريق في هذا الجيل بين الصديقين والخطاة وجميعهم يتساوون .

المثل الرابع 
ثم أراني عدداً آخر من الأشجار بعضها مغطى بالأوراق وبعضها يابس وقال : أترى هذه الأشجار ؟ قلت : نعم يا سيدي أني أراها فمنها المورق ومنها اليابس . ٢ - قال لي : الأشجار المورقة هي الصديقين المؤهلون لسكنى الجيل الآتي . والجيل الآتي هو الصيف للصديقين والشتاء للخطاة . عندما تشرق رحمة الرب سيظهر الذين يعملون لله . ٣ - كما أن ثمار الأشجار تظهر في الصيف وكل شجرة تُعرف من ثمارها ، كذلك الصديقون  المثقلون بأوراق ظليلة سيُعرفون من ثمارهم . ٤ - أما الوثنيون والخطاة الذين ترمز إليهم الأشجار اليابسة فإنهم سيظهرون في الجيل الآتي عاقرين يابسين وسيلقون في النار ويحرقون لأن أعمالهم كانت شريرة . سيحرق الخطاة لعدم توبتهم وسيحرق الوثنيون لأنهم لم يعرفوا خالقهم . ٥ - فكن أنت مثمراً حتى تُعرف في الجيل الآتي من ثمارك . إياك والأعمال المتعددة لأن الذين ينهمكون في أعمال كثيرة يخطئون وتصرِفُهم أعمالهم عن خدمة الله . ٦ - أيستطيع مثل هذا الإنسان المُنهمك بأشغاله الكثيرة أن يخدم الرب ؟ الذين يخدمون الرب ينالون سؤلهم أما الذين لا يخدمونه فلا. ٧ - إذا فعلت كذلك فإنك تستطيع أن تحمل ثماراً للجيل الآتي ومن فعل كذلك فإنه يثمر .

المثل الخامس 
I كنت صائماً ، وكنت فوق الجبل وكنت أقدم شكري لله ، من أجل الأفعال التي فعلها من أجلي ، فرأيت الراعي يجلس إلى جانبي وقد بادرني قائلاً : لماذا بكرت وأتيت إلى هنا ؟ قلت : لأني أحترس . ٢ - قال : ماذا تعني ؟ قلت أني صائم يا سيد . قال : وما هذا الصيام الذي تصومه ؟ قلت : أني أصوم يا سيد حسب طريقتي .
٣ - قال : إنك لا تعرف أن تصوم الصوم الذي يرضي الرب ، والصوم الذي تصومه لا يرضي الله ولا يفيدك . قلت : لماذا يا سيد ؟ قال : الصوم الذي تصومه ليس بصوم . أني سأعلمك معنى الصيام الكامل المقبول لدى الرب . ٤ - إنتبه أن الله لا يريد صياماً بطالاً كهذا الصوم وإنك لا تفعل شيئاً عادلاً إذا صُمن كما تصوم . ٥ - صُم للرب هذا الصوم . لا تصنع الشر واعمل بقلب نقي وحافظ على وصايا الله وسر حسب أوامره ولا تدخلن إلى قلبك رغبة شريرة وآمن بالله . فإذا فعلت ذلك وخشيت الله تكون قد صُمت صياماً عظيماً مقبولاً عند الله .
II إليك مثلاً أسوقه لك عن الصوم . ٢ - كان لإنسان حقل وعبيد وقد زرع قسماً منه كرماً واختار له عبداً أميناً يحترمه ولما دعاه قال له : خذ هذا الحقل الذي غرسته وسيجه حتى أعود ولا تفعل غير ذلك ، حافظ على وصيتي فتحيا حياة سعيدة في بيتي . ثم سافر سيد الحقل إلى مكان بعيد . ٣ - فأخذ العبد بعد سفر سيده بتسييج الحقل وعندما أنهى عمله رأى أن الحقل مليء بالأشواك . ٤ - ففكر في نفسه وقال : ها أني قد أتممت العمل كما أمرني سيدي فلماذا لا أفلح الكرم وأنقيه من الأعشاب ليصبح جميل المنظر وتزداد ثماره؟ وبالفعل فلح العبد الكرم واقتلع منه كل الأشواك الخبيثة فصار الكرم جميلاً خالياً من الأعشاب التي كانت تعيق نموه . ٥ - بعد مضي وقت طويل عاد سيد الحقل وذهب لزيارة أرضه فوجد أن الكرم لم يكن مسيجاً فقط بل ومفلوحاً فلاحة حسنة ومنقى من الأعشاب المُضرة والدوالي مليئة بالعناقيد ، فدُهش من عمل عبده واعجب . ٦ - فاستدعى ابنه الحبيب ووريثه وكل المستشارين أصدقائه واخبرهم بالأمر الذي أمر عبده به وبالأفعال التي رأى عبده قد فعلها بعد عودته فهنأ هؤلاء العبد على الشهادة التي نالها من سيده .
٧ - وقال لهم السيد . لقد وعدت ذلك العبد بحريته إذا أتم أوامري إلا أنه لم يتمم أوامري فحسب بل عمل أكثر بكثير مما أمرته به لذلك سأجعله ، مكافأة على أعماله ، شريكاً مساوياً لإبني يرث معه لأنه يملك تفكيراً صائباً وقد حقق هذا التفكير ولم يهمله . ٨ - وقد وافق ابن السيد على فكرة والده بجعل العبد شريكاً مساوياً في الإرث . ٩ - وبعد أيام قليلة صنع سيده عشاء وأرسل له الكثير من الأطعمة فلم يحتفظ العبد إلا بما احتاجه ووزع الباقي على رفقاءه العبيد . ١٠ - فقبل هؤلاء الأطعمة شاكرين وصلوا من أجله وطلبوا أن تزداد حظوة هذا العبد عند سيده . ١١ - عندما علم السيد بما فعل عبده فرح فرحاً عظيماً ودعا أصدقاءه وابنه وابلغهم ما فعله العبد وكيف تصرف بالأطعمة التي أرسلها له . فوافقوا السيد على تصميمه بجعل العبد وريثاً مساوياً لأبنه .
III قلت : أني لا أفهم يا سيدي هذه الأمثلة ولا أعيها فأرجو أن تفسرها لي . ٢ - قال : سأشرح لك كل ما قلته لك حافظ على وصايا الله لتصير مقبولاً عنده ومستحقاً لتكون من المسجلين في سجل حافظي وصاياه . 
٣ - فإذا فعلت حسنة علاوة على أوامر الله فإنك تحقق مجداً عظيماً وتكون ممجداً عند الله حيث تدعى لتكون . إذا حافظت على وصاياه وأضفت إليها أعمالاً صالحة بتطبيقك لها فإنك تحقق لنفسك غبطة . ٤ - قلت : يا سيدي أني أطبق تعاليمك وأسير بموجبها لأنك أنت معي . قال : نعم أني سأكون معك بسبب رغبتك الصادقة في العمل الصالح وسأكون مع جميع الذين تحركهم الإرادة الخيرة . ٥ - أن صومك جيد ما دمت تحافظ على وصايا الله . إنتبه كيف يجب أن تطبق الصوم . ٦ - قبل كل شيء إحذر من أن يجرك الكلام الشرير والرغبة الخبيثة ونقي ذاتك من بطلان هذا العالم . إذا تبعت هذه الوصايا فصومك يكون كاملاً .
٧ - إليك ما يجب أن تفعله . بعد أن تتم ما هو مكتوب لا تأكل غير الخبز والماء في اليوم الذي تصومه واجمع في ذلك اليوم المال الذي وفرته بسبب صيامك . أعطه إلى محتاجيه من الفقراء والأرامل. وهكذا تحرم نفسك من شيء يستفيد منه الآخرين فيعيشون ويطلبون لك .
٨ - إذا صُمت كما أقول لك فتضحيتك تصبح مقبولة عند الله . فأتم هذا العمل الصالح المرغوب عند الله .
٩ - هذا ما يجب أن تفعله وتطبقه أنت وأولادك وكل بيتك حتى تكفل الغبطة لنفسك . مغبوطون هم أولئك الذين يسمعون ويطبقون هذه الوصايا . انهم يرون صلاتهم تُرفع إلى الله .
IV رجوته بحرارة ليفسر مثل الحقل والسيد والكرم والسياج والأعشاب التي أُقتلعت من الأرض وابن السيد وأصدقاءه . لقد أدركت أن هذه الأمور كانت كلها رموزاً.
٢ - فأجابني وقال : أنك ملحاح في سؤالك . عليك أن لا تسأل حتى ولا سؤال واحد . أني أعرف ما الذي تحتاج إلى تفسيره . قلت له : ما فائدة ما تريني يا سيدي إذا كنت لا تفسره لي فأنا لا أدرك ولا أعي ما ترينيه . لو كلمتني بالأمثال دون أن تحللها وتفسرها فسماعي لها باطل . ٣ - فأجابني وقال لي : كل عبد لله يضع الله في قلبه يهبه الله الوعي إذا طلب منه ذلك . بهذا الوعي يستطيع أن يدرك كل الأمثال ويحللها ويعي كل كلمة يقولها الله ، حتى لو كانت رمزاً . أما السقماء والكسالى فإنهم يترددون في الطلب من الله . ٤ - أن الله كثير الرحمة لذلك يعطي من يطلب منه بأستمرار فلماذا لا تطلب أنت الموشح بقوة الملاك المقدس الذي أعطاك موهبة الصلاة ولست بكسول . الفهم من الرب ؟ أنه سيهبك ذلك . ٥ - قلت له : أني أوجه صلاتي لك أيها السيد واطلب منك أنت لأنك معي دائماً ولأنك أريتني كل هذه الرؤى وقلت لي هذه الأقوال . لو كنت قد سمعت هذه الأمور ورأيتها بدونك لطلبت من الله أن يعطيني موهبة فهمها .
V انك لبق ولجوج في سؤالك لتفسير هذه الرموز . وأني لمحقق رغبتك المُلحة وسأفسر لك مثل الحقل وما يتبعه ليصير ذلك معروفاً عند الجميع . فإصغ إلى ما سأقوله لك . ٢ - الحقل هو العالم وسيد الحقل هو خالق الكل ومجهزه ومقويه أما الابن فهو الروح القدس أما العبد فهو ابن الله . أما الكروم فهو البشر الذين خلقهم . ٣ - الأسيجة هم الملائكة القديسين الذين يسهرون على شعبه أما الأعشاب الخبيثة التي أُقتلعت من الحقل فهي آثام عبيد الله أما الأطعمة التي أرسلها الله من مائدة العشاء فهي الوصايا التي أعطاها الله لشعبه بابنه . أما الأصدقاء المستشارون فهم الملائكة القديسون الذين خُلقوا أولاً . وهجرة السيد هي الزمن المتبقي لحضوره . ٤ - قلت له : يا كل شيء عظيم ومُمجد . أيمكنني أنا أن أعي ذلك ؟ لا يوجد إنسان مهما بلغ به الوعي أن يعي كل هذه الأمور لذلك أرجوك أن تفسر ما أطلبه منك . ٥ - قال : تعلم إذا كنت ترغب . لماذا ظهر ابن الله في هذا المثل كعبد ؟
 تعقيب 
 في القطعة II ٧ ،٨  " سأجعله ، مكافأة على أعماله ، شريكاً مساوياً لإبني يرث معه " لا يقصد بالعبد الاقنوم الثاني ( الابن ) كأقنوم ، لأن الابن بكل تأكيد شريكاً مساوياً للآب والروح القدس . لكن يقصد (بالعبد ) الجسد البشري الذي أخذه الابن الكلمة ، فبأنتصار الابن الكلمة المتجسد أعطى النصرة للعبد ( أي الجسد البشري ) بجسده القائم من بين الأموات والجالس عن يمين الله كشريك في المجد ، وبذلك صار جسد الابن باكورة لكل أجساد البشر الذين يؤمنون به ويتبعونه . وأصبح اللحم والدم الذين من التراب قادرين دخول السموات التي لا يدخلها سوى غير المتجسدين .
VI قال الراعي : أنتبه أن ابن الله لم يظهر بشكل عبد بل ظهر متشحاً بقدرة عظيمة وسلطان عظيم . قلت : كيف ؟ أني لا أستطيع أن أفهم ذلك . ٢ - أجابني : أن الله الذي عرس كرمه ، أي عندما خلق شعبه أوكل أمره لابنه والابن جعل الملائكة لحمايتهم وهو الذي نقى شعب الله من خطاياهم وقد تعب كثيراً لأن كل كرمة تحتاج إلى تعب شديد لفلاحتها وتنقيتها . ٣ - هو الذي نقى خطايا البشر وأرشدهم إلى سبيل الحياة وأعطاهم الناموس الذي تسلمه من أبيه .
VII لقد أبهجني هذا التفسير يا سيد . قال الراعي . انتبه احفظ جسدك نقياً بلا دنس حتى ينال شهادة الروح القدس القاطن فيه . ٢ - أحذر أن تأتيك الفكرة بأن جسدك فان ومُعد للدمار ولا تفسح المجال لتدنيسه لأنك إذا دنست جسدك دنست روحك وإذا دنست روحك فلن تحيا . ٣ - قلت : ما هو نصيب من فعل ما يدنس جسده قبل سماعه لهذه الكلمات ؟ أيمكنه أن يخلُص ؟ الله هو الذي يشفي الخطايا الحاصلة عن جهل . ٤ - انتبه الآن . الله الغفور يغفر لك خطاياك السابقة بشرط أن يبقى جسدك الآن بدون دنس . أنت ترى الإتصال الوثيق بين الجسد والروح . أنك إذا دنست الروح فاحفظهما نقيين حتى تحيا لله .

المثل السادس 
I بينما كنت جالساً في بيتي أُمجد الله لكل ما رأيت وأتأمل الوصايا لصلاحها وقوتها وبهائها ومجدها ولمكانتها بتخليص نفس الإنسان قلت في نفسي . أني سأكون من المغبطين إذا سلكت طريقي حسب هذه الوصايا . ٢ - وبينما كنت أهذً بمثل هذه الأمور رأيت الراعي فجأة يجلس إلى جانبي ويقول لي : لماذا التردد حول الوصايا التي أعطيتك . أنها وصايا ممتازة . دع عنك الشكوك واجعل الإيمان بالله وشاحك وسر وفقاً لهذا الإيمان فأنا الذي يعطيك القوة . ٣ - الذين يحبون أن يتوبوا تنفعهم الوصايا وغير نافعة لمن لا يريد أن يتوب . ٤ - القوا أيها التائبون خبث هذا الجيل الذي يسحق نفوسكم والبسوا فضيلة العدل فبلبسكم  لها تحافظون على الوصايا ولن تقترفوا خطايا جديدة وبتجنبكم لكل خطيئة جديدة تتخلصون من خطاياكم الماضية . ولتكن وصاياي قاعدة لسلوككم فتحيون لله . أنا الذي كلمتكم بهذا . ٥ - بعد أن كلمني هذا الكلام قال لي : فلنذهب إلى الحقل لأريك رعاة الأغنام . قلت له هيا بنا . فأتينا إلى سهل فأراني راعياً شاباً يلبس لباساً اصفر . ٦ - وكان يرعى قطيعاً كبيراً. كان القطيع يحيا حياة شهوة ويقفز متهللاً من مكان إلى مكان . وكان الراعي راضياً كلياً عن تصرف قطيعه وكان وجهه يشع فرحاً وكان ينتقل بين القطيع وقد رأيت أيضاً خرافاً أخرى أخرى في نفس المكان تلهو ولكنها لا تتهلل .
II قال الراعي : أترى هذا الراعي ؟ قلت : نعم يا سيد . قال : هذا ملاك الشهوة والخداع . أنه يفسد أرواح عبيد الله ويصرفها عن الحقيقة إلى الشهوة الخبيثة حيث تضيع . ٢ - تنسى وصايا الله الحي فتسلك طريق الشهوات الخداعة البطالة فيضلها الملاك ويقود بعضها إلى الموت والبعض الآخر إلى الفساد . قال انتبه أن الخراف التي تراها تقفز فرحة هي البشر الذين انفصلوا عن الله نهائياً وتركوا نفوسهم في أيدي شهوات هذا العالم ولا مجال لتوبتهم وعودتهم إلى الحياة لأنهم أضافوا إلى خطاياهم القديمة خطايا جديدة وإهانوا اسم الله . الموت هو نصيب هؤلاء . ٤ - أما الخراف التي تقفز بغير فرح وترعى في نفس المكان فهم البشر الذين غرقوا في الشهوات العالمية ولم يهينوا اسم الله . هؤلاء قد أصيبوا بفساد منعهم من رؤية الحقيقة وبقي فيهم رجاء التوبة وهو السبيل الوحيد لعودتهم إلى الحياة . الفساد لا ينفي رجاء العودة إلى الحياة ، أما الموت فهو الهلاك الأزلي . ٥ - ابتعدنا قليلاً فأراني راعياً طويل القامة متوحش الهيئة يلبس عباءة بيضاء من جلد الماعز وعلى كتفيه جراباً وفي يده عصي ثقيلة معقدة وسوط كبير ولقد أخافتني نظرته القاسية . كانت هذه هيئته . ٦ - هذا الراعي كان يستلم من يد الراعي الشاب الخراف التي كانت غارقة في الشهوة دون تهلل وكان يضعها في مكان منحدر تملأه الأشواك والعليق . وكانت الخراف تعجز فلا تستطيع أن تتحرر من العليق الذي تمسك بها . ٧ - وكانت ترعى هناك معذبة جداً وكان الراعي يضربها بقسوة ويسوقها من مكان إلى مكان دون أن يترك لها مجال للراحة .
III عندما رأيت الخراف تتعذب تحت لسعات السياط حزنت للعذاب الذي تتعذبه . ٢ - فقلت للراعي الذي كان يكلمني : يا سيد من يكون هذا الراعي العاتي المتوحش الذي لا تعرف الشفقة سبيلاً إلى قلبه ؟ قال : أنه ملاك العقاب . أنه من الملائكة العادلين مكلف بالعقاب .
٣ - أنه يستلم البشر الذين ضلوا طريق الله وغرقوا في الشهوات والملذات العالمية ليعذبهم حسب خطاياهم ويعاقبهم عقوبات مخيفة متنوعة . ٤ - قلت : أريد أن أعرف يا سيد مقياس العقوبات الصارمة المتنوعة . قال : أن العذابات والقصاصات المتنوعة حياتية أي تتم في الحياة ، يعاقب البعض بالحرمان والبعض بالخسارة والبعض بالأمراض المختلفة والبعض بالشتائم التي يكيلها الأشرار لهم والبعض بعدم الاستقرار والبعض بالمعاملة السيئة . ٥ - كثيرون هم المترددون الذين يحاولون أن يقوموا بأعمال مختلفة فلا ينجحون فينسبون عدم نجاحهم إلى الحظ ويحملون الله مسؤلية خيبتهم . ٦ - وعندما يصابون بالآلام الكثيرة تصير لهم آلامهم مدرسة لثقافتهم فيتقوون في الإيمان ويصرفون بقية أيامهم يخدمون الله بقلب نقي وإذا ما تابوا فإن الأعمال الماضية التي ارتكبوها تأتيهم إلى ذاكرتهم ويعرفون أنها هي التي سببت لهم ما أصابهم وما نالوه من عقاب عادل من الله . وينجحون في كل المحاولات التي يقدمون عليها دون أن يمسهم ضر .
IV قلت أشرح لي يا سيدي ما يأتي . قال الراعي : قل ما تريد . هل هناك شيء تريد أن تعرفه بعد ؟ قلت : أريد أن أعرف إذا كانت مدة العقاب متساوية مع مدة اللذة التي يقضيها الإنسان في الحياة . قال : مدة اللذة تساويها مدة العقاب . ٢ - قلت : أن مدة العقاب قصيرة اذن . العذاب يجب أن يكون سبعة أضعاف للذين يعيشون في النسيان بعيدين عن الله . ٣ - قال لي : آيها الجاهل ، أنك لا تعرف قوة العقوبات . لو كنت تدركها لما سألتني هذا السؤال . إليك قوة كليهما .
٤ - ساعة هي مدة الشهوة والضلال أما ساعة العقوبة فتساوي ثلاثين يوماً . إذا قضى الإنسان يوماً في الملذات والضلال فاليوم هذا يقابله سنة كاملة في العقوبات . ارأيت أن أيام اللذة قصيرة وأيام العقاب طويلة ؟ 
V قلت لم أدرك تماماً ما قلته لي عن مدة اللذة والضلال من جهة والعقوبات من جهة أخرى . أرجو أن تفسر لي ذلك بإيضاح . ٢ - إنك لا تزال تغرق في جهلك ولا تريد أن تنقي قلبك وتخدم الله . أحذر لئلا يجدك كمال الزمن جاهلاً . انتبه ما دمت تريد تعي ذلك . ٣ - الإنسان الذي يغرق في ملذاته ويشرد في ضلاله يوماً واحداً ويفعل ما يريده يلبس الجهل ولا يعرف ماذا يفعل . أنه ينسى في الغد ما فعله في الأمس لأن اللذة والتنعم لا ذكريات لهما لأن الجهل هو الذي سببها بعكس العقوبات والآلام . ذكراها تبقى سنين طويلة حتى لو كان العذاب يوماً واحداً . ذكرى العقوبات والآلام طويلة . ٤ - الإنسان الذي يتعذب مدة سنة لابد له أن يتذكر اللذة التي مر بها والضلال الذي وقع فيه وهنا يعرف أن اللذة العابرة هي التي سببت له هذه الآلام الطويلة . كل إنسان يغرق في لذة الشهوات يخضع لمثل هذه العقوبات لأنه يسلم نفسه للموت في الوقت الذي يملك فيه على الحياة . 
٥ - قلت : يا سيد . ما هي الملذات الضارة ؟ قال : كل عمل يقوم به الإنسان على أساس شهوة هو مُضر . فالغضوب يحقق لذته بتحقيق غضبه وكذلك النمام والسكير والكذاب والطماع والنهاب . وهؤلاء يتنعمون بشهوة تحقيق شهواتهم . ٦ - كل هذه الشهوات مُضرة لعبيد الله وبسببها يتألم المعذبون المعاقبون . ٧ - هناك ملذة تُخلص الإنسان . الذين يعملون الخير يشعرون بلذة فعلهم وهذه اللذة تكون مفيدة لعبيد الله وتمنح الحياة لمن يتمتع بها . أما الشهوات المُضرة التي تكلمنا عنها فلا تجلب إلا المحن والعقاب وتقود إلى الموت إذا استمر صاحبها بعيداً عن التوبة .

المثل السابع 
بعد أيام قليلة رأيت الراعي في السهل حيث كنت قد رأيت الرعاة الآخرين فخاطبني وقال لي : ماذا تريد ؟ فأجبته وقلت له : يا سيدي جئتك راجياً أن يخرج الملاك الديان من بيتي لأنه يعذبني جداً . قال : يجب أن تتعذب فالملاك العظيم يريد أن يجربك . قلت : هل فعلت شراً حتى أسلمني هذا إلى الملاك ؟ . ٢ - قال : أن خطاياك كثيرة ولكنها لا تستحق أن تُسلّم بسببها إلى هذا الملاك إلا أن بيتك قد أجترح الخطايا والآثام الكبرى التي مرمرت الملاك العظيم لذلك أمر أن تتعذب ليتوب أهل بيتك ويتنقوا ومتى تنقوا فالملاك هذا سيبعد عنك . ٣ - قلت له : ما هو ذنبي إذا كان أهل بيتي قد مرمروا الملاك العظيم ؟ قال : لا يمكن أن يتألم أولئك إذا لم يروا رب البيت متألماً . فالملاك يضطرهم بواسطتك إلى الألم . أما إذا إنتفى عنك الألم . فأنهم يشعرون أن الهم قد زال . ٤ - قلت : ها أن أهل بيتي أيها الملاك قد تابوا من كل قلوبهم . قال : أني أعرف أنهم تابوا من كل قلوبهم لكن أتعتقد أن خطايا التائبين تُغفر فوراً ؟ على التائب أن يفرض الألم على نفسه وأن يكون متواضعاً في أعماله وأن يتألم آلاماً متعددة فإذا تحمل بصبر العذاب الذي يصيبه فخالق الكون يرأف به ويشفيه من كل شروره . ٥ - لأنه يعرف مكنونات القلوب وينظر إليه ويتفحص نقاوته . ِمن صالحك أن تتعذب أنت وأهل بيتك . لماذا كثرة الكلام؟ أمر الملاك الذي أوكل أمرك إليه أن تتألم . عليك أن تشكر الله لأنه بآلامك هذه نبهك وعلمك . ٦ - قلت : كن أيها الملاك معي دائماً لكي أستطيع أن احمل آلامي . قال : أني معك دائماً وسأطلب من الملاك الديان أن يخفف أحزانك . لابد لك من ان تحزن قليلاً لكن ستعود أنت وبيتك إلى الإطمئنان بشرط أن تبقى متواضعاً وتعمل بنقاوة قلب للرب أنت وأهل بيتك . سر حسب الوصايا التي أوصيتك لتبقى توبتك قوية ونقية . 
٧ - فإذا حافظت على ذلك أنت وأهل بيتك أبتعد عنك كل ألم كما يبتعد عن كل السالكين وفقاً لهذه الوصايا .

المثل الثامن 
أراني الراعي صفصافة كانت تظلل سهولاً وجبالاً وقد اجتمع تحتها كل الذين دعوا باسم المسيح . ٢ - وكان ملاك الرب العظيم بقامته الفارعة يقف تحت الصفصافة وفي يده منجل كان يقطع به أغصاناً ويوزعها على الجموع الواقفة تحت ظلالها . وكانت الأغصان صغيرة لا تتجاوز طول الشبر . ٣ - بعد أن استلم الجميع أغصانهم وضع ملاك الرب المنجل جانباً وظهرت الشجرة وكأنها لم تمس . ٤ - فقلت في نفسي متعجباً : كيف بقيت الشجرة كما كانت وقد قطع منها هذا العدد الكبير من الأغصان ؟ قال لي الراعي : رويدك لا تتعجب كيف بقيت الشجرة كما كانت بعد أن قطع منها ما قطع ، بعد أن ترى سيفسر لك كل شيء . ٥ - الملاك الذي وزع الأغصان على الجميع سيستردها وسيدعي كل واحد ليرد الغصن الذي تسلمه حسب الترتيب الذي سلمه إليه . ٦ - أن ملاك الرب سيأخذ هذه الأغصان وسيفحصها . سيسلمها البعض يابسة دون أن ينخرها السوس . 
٧ - والبعض نصف يابسة . وسيضع هؤلاء وأولئك كل في مكان يعينه لهم . ٨ - والبعض نصف يابسة ومشققة ولهؤلاء مكان خاص بهم . ٩ - والبعض نصف يابسة .
١٠ - والبعض نصف خضراء مشققة ولهؤلاء أيضاً موضع خاص . ١١ - والبعض نصف يابسة ونصف خضراء ولهؤلاء مكان خاص بهم . ١٢ - والبعض خضراء بثلثيها والثلث الباقي يابس ولهؤلاء موضع خاص بهم . ١٣ - والعض خضراء كلها إلا القليل من طرفها . ١٤ - والبعض يابسة كلها إلا القليل من طرفها المشقق ولهؤلاء مكان خاص بهم . ١٥ - والبعض يابسة كلها إلا القليل من طرفها المخضر ولهؤلاء مكان خاص بهم . ١٦ - والبعض خضراء كلها كما تسلموها من الملاك وكان الملاك يفرح لذلك فرحاً عظيماً ولهؤلاء مكان خاص بهم أيضاً . ١٧ - والبعض خضراء كلها وقد أفرعت ولهؤلاء مكان خاص وكانت هذه الأغصان كانها مثمرة وكانت تفرح الرجال الذين قدموا مثل هذه الاغصان اليانعة . أن منظرهم كان يبعث الفرح في الملاك والسرور العظيم في قلب الراعي .
II أمر الملاك أن تحمل الأكاليل فجيء بها وظهرت كانها مصنوعة من أغصان النخيل وقد كان نصيب الذين قدموا أغصانهم اليانعة المثمرة أكاليل على رؤوسهم ودخولهم إلى البرج . ٢ - ونصيب الذين قدموا أغصانهم اليانعة بدون ثمر إرسالهم إلى البرج بعد ختمهم بخاتم . ٣ - الذين كانوا يرسلون إلى البرج كانوا يلبسون ثياباً بيضاء كالثلج . ٤ - الذين سلموا أغصانهم خضراء كما استلموها ادخلوا إلى البرج بعد أن أعطاهم ثياباً وختماً . 
٥ - قال الملاك للراعي : ها أنا ذاهب وعليك أن تختار لهم المكان كل حسب استحقاقه ولا تدخل أحداً قبل أن تفحص أغصانهم فحصاً دقيقاً . فتشهم تفتيشاً دقيقاً ، لا تدع أحد يفلت منك . إذا فلت أحد فأني سأتحقق ذلك فوق المذبح . بعد أن تلفظ الملاك بهذه الكلمات غادر المكان . ٦ - عندما ذهب الملاك قال لي الراعي : لنأخذن الأغصان من الرجال جميعاً ولنزرعها في الأرض فلعل الحياة تعود إلى بعضها . ٧ - لأنها إذا غرست في الأرض وحظيت بنوع من الرطوبة فإن الحياة تعود إلى أكثرها . علينا أن نسقيها فمن دواعي سرورنا أن تعود الحياة إلى بعضها أما إذا جازت الأمور بعكس ما أتمنى فلن أُتهم بالإهمال والتقصير . ٨ - أمرني الملاك بدعوة جميع البشر وفقاً لترتيبهم فدعوتهم فجاءوا جماعات جماعات يقدمون أغصانهم للراعي فأخذ الراعي الأغصان وغرسها مجموعات في الأرض وسقاها حتى غمرتها المياه . ٩ - ثم قال لي : هيا بنا وسنعود بعد أيام لفحص الأغصان كلها لأن الخالق يريد الحياة لكل من تسلم غصناً من هذه الأغصان . أرجو أن تعود الحياة لكل غصن من الاغصان اليابسة التي غمرتها المياه .
III قلت للراعي : قل لي يا سيد ماذا تمثل هذه الصفصافة ؟ أني مندهش وحائر كيف بقيت على حالها وقد قطع منها ما قطع . ٢ - فقال لي هذه الشجرة العظيمة التي تغطي السهول والجبال وكل الأرض هي ناموس الرب الذي أعطي لكل البشر . الناموس هذا هو ابن الله الذي أُعلن عنه في كل الأرض . أما الشعوب التي تستظل فهم الذين سمعوا البشارة وآمنوا بها عند إعلانها . أما الملاك العظيم الممجد ميخائيل الذي له سلطان على الشعوب ويحكمهم فهو الذي يعطي الناموس ويضعه في قلوب المؤمنين . أنه يزور أولئك الذين أعطاهم هذا الناموس ليتأكد من محافظتهم عليه. 
٤ - إنك ترى كل غصن من الأغصان التي أُعطيت لكل فرد . هذه الأغصان تمثل الناموس . أنظر إن بعضها لا يصلح لأي شيء . بهذه الطريقة يتعرف الملاك على الذين لم يحافظوا على الناموس ويعرف المكان الذي يستحقونه . ٥ - قلت : لماذا يا سيد أدخل الملاك البعض إلى البرج وترك الباقي؟ قال الراعي : لقد ترك لي الملاك كل الذين حادوا عن الناموس ويمكنهم أن يتوبوا أما الذين حافظوا على الناموس وطبقوه تحت مشيئته ( خاصته ) .
٦ - قلت : من هم الذين نالوا الأكاليل ودخلوا البرج؟ قال الراعي : الذين صارعوا الشيطان وغلبوه . والذين تحملوا الموت من أجل الناموس هم الذين نالوا الآكاليل . ٧ - أما الذين جاءوا بأغصانهم خضراء مفرعة بدون ثمار هؤلاء طبقوا الناموس وتحملوا عذابات واضطهادات ولم ينكروا المسيح . ٨ - الذين أعادوا أغصانهم كما تسلموها خضراء هم القديسون الأبرار ، الذين عاشوا في نقاوة قلبية كلية وحافظوا بأمانة على ناموس السيد . ستعرف عن الآخرين بعد أن نفحص الأغصان التي زرعتها في الأرض ورويتها .
IV بعد أيام رجعنا إلى حيث كنا وجلس الراعي حيث كان يجلس الملاك ووقفت إلى جانبه فقال لي : ائتزر وأعني فأتزرت مئزراً نظيفاً جداً مصنوعاً من كيس . ٢ - وعندما رآني مستعداً لخدمته قال لي : ادع الرجال الذين غرست أغصانهم في الأرض بحسب ترتيب تسلمهم لأغصانهم فذهبت إلى السهل ودعوتهم فجاءوا مصطفين كل مع جماعته . ٣ - فقال لهم الراعي : فليقتلع كل واحد منكم غصنه وليحمله إلي . ٤ - وكان أول من حضر أولئك الذين يبست أغصانهم ولم تتكسر وقد سلم بعض هؤلاء أغصانهم وقد عادت إليها الخضرة والبعض الآخر سلمها يابسة أكلها السوس . فأقام الراعي أولئك الذين عادت الخضرة إلى أغصانهم في مكان ، والذين بقيت أغصانهم يابسة وأكلها السوس في مكان آخر مع الذين قدموا إليه أغصانهم يابسة مكسرة . ٥ - ثم جاء دور الذين كانت أغصانهم نصف خضراء ويابسة ومشققة أما العدد الباقي فعاد بها خضراء فيها براعم وفوق البراعم ثمر تشبه أغصان الذين دخلوا البرج مكللين ، والبعض الآخر سلمها يابسة ومتآكلة والبعض يابسة وغير متآكلة والبعض نصف يابسة ومشققة كما كانت سابقاً فوضع كل فئة في المكان اللائق بها ومنهم من أبقاهم في مجموعتهم ومنهم من نقلهم إلى مجموعة أخرى .
V ثم جاء دور من كانت أغصانهم خضراء إلا أنها مشققة فسلموها خضراء كلها واتخذوا مكانهم في الجماعة التي تشبههم وقد خرج الراعي فرحاً بهؤلاء الأشخاص الذين تحولوا وأُمحت الشقوق من أغصانهم . ٢ - ثم تقدم أولئك الذين كانت أغصانهم نصف يابسة ونصف خضراء فقدم بعضهم فقدم بعضهم أغصانهم خضراء كلها وبعضهم نصف يابسة وبعضهم يابسة كلها ومتآكلة والبعض الآخر خضراء كلها وقد نبتت فيها فروع جديدة فأرسلت كل فئة إلى المكان المعد لها . ٣ - ثم جاء دور من كانت أغصانهم خضراء بثلثيها ويابسة بثلثها الآخر . الكثيرون سلموها نصف يابسة ومشققة وقليل منهم سلمها خضراء كلها فأرسل كل حسب استحقاقه إلى المكان اللائق به . ٤ - ثم جاء دور الذين كانت أغصانهم خضراء وفي طرفها قليل من اليبس فسلمها البعض خضراء وقد نبتت فيها أغصان جديدة وفوق هذه الأغصان ثمار . والبعض سلمها فقط خضراء فسُر الراعي لأنه وجد هذه الأغصان على هذه الحال وذهب الرجال ليحتلوا المراكز التي تليق بهم . 
VI عندما أنهى الراعي فحص كل الأغصان قال لي : لقد أريتك هذه الشجرة المحبة للحياة . ارأيت كم هم التائبون والمخلصون ؟ قلت : أني أرى يا سيد . قال الراعي : أن الله أعطى روح التوبة لمستحقيها حتى تدرك عظمة رحمته . ٢ - قلت : لماذا لم يتب الجميع ؟ قال : أن الله يعطي روح التوبة للقلوب التي يجب أن تتنقى وتتطهر أما للقلوب التي يملؤها الخبث فأن توبتها تكون مرائية ولن يعطيها روح التوبة لئلا تهين أسمه .
٣ - قلت للراعي : قل لي يا سيد ماذا يمثل الذين سلموا إليك الأغصان وماذا تعني الأماكن التي خصصت لهم حتى إذا ما سمع الذين آمنوا والذين ختموا بالختم وشوهوا الختم ولم يحافظوا عليه محافظة صحيحة يندمون عندما يعرفون ويأخذون منك الختم ويمجدون الله لأنه رأف بهم فأرسلك لتجدد روحهم . ٤ - قال : اسمع . يمثل الذين سلموا اغصانهم يابسة وقد أكلها السوس العصاة الذين خانوا الكنيسة وشتموا الرب بخطاياهم وخجلوا من حمل اسمه . هؤلاء في النهاية سيهلكهم الله . أنظر إنه لم يتب أحد من هؤلاء مع أنهم سمعوا الكلام الذي أمرتك أن تخاطبهم به هؤلاء غادرتهم الحياة . ٥ - أما الذين سلموا أغصانهم يابسة ولم ينخرها السوس . هؤلاء يشبهون الأُول .انهم مراؤن يحملون تعاليم غريبة ويضللون عبيد الله وخصوصاً الخطاه . انهم لا يتركونهم يتوبون ويعملون لإقناعهم بتعاليمهم البطالة السطحية مع أن مجال التوبة مفتوح أمام هؤلاء . ٦ - انك ترى الكثيرين ممن تابوا بعد أن سمعوا كلام وصاياي وسيتوبون . أما الذين لم يقبلوا التوبة فهؤلاء قد خسروا حياتهم أما الذين تتبوا فقد صاروا من الأبرار وصار مكانهم في الجدار الأول وبعضهم صعد إلى البرج . ارأيت أن الحياة في التوبة وأن الموت في عدم التوبة ؟ 
VII إليك ما يتعلق بالذين حملوا أغصانهم نصف يابسة وغير مشققة هؤلاء هم المترددون . هؤلاء لا هم بأحياء ولا بأموات . ٢ - أما الذين يحملون أغصانهم نصف يابسة ومشققة فهم المترددون النمامون الذين لا يعرفون سلاماً في قلوبهم ويكونون في صراع دائم مع نفوسهم إلا أنهم قد يتوبون . أن بعضهم قد تاب كما ترى وهناك رجاء بتوبة الآخرين . ٣ - الذين تابوا حصلوا على مكان في البرج والذين سيتوبون سيجدون لهم في جدرانه مكان . أما الذين لا يتوبون فموتاً يموتون .
٤ - الذين سلموا أغصانهم خضراء مشققة هم المؤمنين الذين يتحاسدون على مراكز المجد الأولية . ٥ - لقد نقوا نفوسهم عندما سمعوا كلامي وصاروا من الصالحين وتابوا سريعاً ولقد استوطنوا البرج . من عاد إلى روح الشقاق يطرد من البرج ويخسر حياته . ٦ - الحياة هي ميزة من يحفظ وصايا الله ولا تكون الحياة في الكراسي والمجد بل في الرجل الطويل الأناه المتواضع . في هؤلاء تقطن حياة الرب أما الموت فيقطن في قلب المحب للشقاقات والآثم .
VIII الذين سلموا أغصانهم نصف خضراء ونصف يابسة هم المنغمسون في المهام الدنيوية ، الذين لا يلتصقون بالمقدسات لذلك ترى نصفهم يابساً ونصفهم حياً . ٢ - لقد تاب العدد الأكبر منهم عندما سمعوا وصاياي فقبلوا جميعاً في البرج وتمرد قسم منهم ولم تعد توبتهم ممكنة لأنهم أهانوا بأعمالهم اسم الرب وأنكروه . أن جبنهم أفقدهم حياتهم .
٣ - وبقي قسم منهم متردداً وبقي باب التوبة مفتوحاً أمامهم إذا بقي المجال للتوبة قائماً أما إذا تأخروا تكون الجدران موطنهم ، ويموتون إذا هم بقوا بدون توبة . ٤ - الذين سلموا أغصانهم خضراء بثلثيها ويابسة بثلثها الباقي فهم الذين أنكروا إيمانهم في حالات مختلفة . ٥ - كثير منهم تاب واستوطن البرج ومنهم من ترك الرب فخسروا الحياة كلياً ومنهم من سقط في التردد والشك هؤلاء يستطيعون أن يتوبوا بشرط أن يسرعوا تاركين شهواتهم أما اذا استمروا فيها فالموت سيعمل فيهم .
IX الذين سلموا أغصانهم يابسة بثلثيها وخضراء بثلثها الباقي هم الذين آمنوا وصاروا عظماء وأغنياء في الأمم وتكبروا وانتفخوا وتركوا الحقيقة ولم يلتصقوا بالقديسين بل عاشوا مع الأمم واستعذبوا هذا الطريق إلا أنهم لم يحيدوا عن طريق الله وبقوا في الإيمان لا يعملون عمل الإيمان . ٢ - كثير منهم تاب وصار البرج موطنهم .
٣ - والبعض بقوا بين الأمم قانعين بالأباطيل وابتعدوا عن الله يعملون عمل الأمم ويفعلون أفعالهم واعتبروا من الأمم . البعض ترددوا لأنهم فقدوا الرجاء بالخلاص بسبب الأعمال التي عملوها والبعض ترددوا وسببوا الشقاقات فيما بينهم . 
هؤلاء يمكنهم أن يتوبوا بشرط أن يسرعوا حتى يتمكنوا من دخول البرج أما إذا لم يتوبوا واستمروا في غيهم فالموت قريب منهم .
X الذين سلموا أغصانهم خضراء إلا أن أطرافها يابسة هم المؤمنون الصالحون الممجدون عند الله واخطأوا بسبب رغبة بسيطة فيما بينهم فتابوا فور سماعهم كلامي فاستوطنوا البرج . ٢ - أولئك الذين ترددوا في توبتهم وسببوا شقاقات فالتوبة تبقى قائمة بالنسبة لهم لأنهم كانوا دائماً صالحين .
٣ - الذين سلموا أغصانهم يابسة إلا من أطرافها هم المؤمنون الذين يعملون الإثم بيد انهم لم يحيدوا عن طريق الرب وبقوا يفاخرون باسمه ويستقبلون عبيد الله في بيوتهم فرحين .
٤ - بعضهم تابوا عندما سمعوا صوت الرب وفعلوا كل فضيلة وعدالة وتألموا متلذذين لمعرفتهم الأعمال التي قاموا بها . البرج موطن هؤلاء .
XI بعد أن انهى الراعي تفسير معاني الأغصان كلها قال لي : اذهب وقل لجميع الخطاة أن " توبوا " ليحيوا في الله لأن الرب لرأفته بالجميع يوزع التوبة على الجميع حتى لو كان البعض لا يستحقونها بسبب أعمالهم فالله طويل الأناه يريد أن يحقق دعوة ابنه للخلاص . ٢ - قلت له : أرجو أن يتوب الجميع بعد سماعهم ما سمعوا . أني واثق أن كل واحد سيخاف ويتوب بعد معرفته ووعيه ما عمل . ٣ - فأجابني الراعي : كل من يتوب قلبياً وينقي ذاته من الخطايا التي سبق وأشرت إليها ويبتعد عن فعل الخطيئة ينال الشفاء من الرب ويحيا في الله إذا طبق وصاياه بدون تردد . أما الذين يضاعفون خطاياهم ويستمرون في شهواتهم فسيحكم عليهم بالموت . ٤ - أما أنت فسر حسب الوصايا فتحيا لله وسيحيا أيضاً كل من عمل الصدق وسلك طريق الوصايا في الله .
٥ - هذا ما كشف لي عنه الراعي وقال انه سيكشف لي ما تبقى .


لقرأة الجزء الرابع  من هنا




لقراءة الجزء الأول من هنا



لقراءة الجزء الثاني من هنا

إرسال تعليق

0 تعليقات

Close Menu