في يوم 27 نوفمبر سنة 1095 دعا إلى إجتماع كنسي كبير في مدينة كليرمون ، وأحتشد ألوف الناس وألقى فيهم أخطر خطبة ألقاها إنسان في التاريخ .
ففي هذه الخطبة إحتج على السلاجقة الأتراك الذين يحتلون الأراضي المقدسة بما فيها من كنائس وأماكن مقدسة وطالب جميع المسيحيين أن يشنوا حرباً مقدسة لإنقاذ هذه الأراضي من أيدي الأتراك ، ولم يكتفي بأن يدعوا الناس أن يحجوا إليها ويحرروها بل أيضاً أن يقيموا فيها لأن أرضها أرحب وأغنى من أوروبا ألتي صارت مكدسة بالسكان ، ثم أنه أعلن أنه سوف يغفر الذنوب جميعاً لمن يساهم في هذه الحرب المقدسة .
وأثار أوريان كل رغبات الناس الدينية والدنيوية معاً وقبل أن يفرغ من خطبته هتف الناس جميعاً " إذاً هي إرادة الله " وأصبحت هذه العبارة هي شعار الحملات الصليبية قروناً عديدة ، وبعد شهور قليلة بدأت الحرب الصليبية الأولى وجاءت من بعدها حرب صليبية ثانية وثالثة حتى بلغ عدد الحروب الصليبية ثماني حروب وإستغرقت أكثر من مائتي سنة .
أما أوريان نفسه فقد توفى سنة 1099 بعد أسبوعين من إستيلاء الغرب على القدس مات قبل أن تبلغه أنباء هذا النصر .
كان هذا البابا أوريان الثاني ( 1042-1099) ولولاه ماكان لهذه الحروب أن تقوم فلو قدر مثلاً لإمبراطور ألماني أن يدعوا لهذه الحرب من غير المؤكد أن يشاركه الفرسان الإنجليز في هذه الحرب ولو دعا لها ملك إنجليزي فمن غير المؤكد أن ينضم الفرنسين في ركابه ولكن حينما يكون الكلام بسم السماء الجميع ينسى أو يتناسى مؤقتاً خلافاته السابقة .
المسيح نفسه ولد في أورشليم تحت الحكم الروماني وكان شعبه أسير الجزية ولم ينظم جيشاً لإسترداد القدس من الرومان بل حينما سأله بيلاطس البنطي الوالي الروماني هل أنت ملك ؟ أجاب مملكتي ليست من هذا العالم
اليوم يعيد أردوغان الرئيس التركي الكرة من جديد مع تنظيمه الأخواني ويشن حروباً مقدسة أخرى جعلت الإسلام الدين رقم واحد عالمياً في عدد الإرهابيين المطلوبين دولياً ويجعل مؤسسات دينية عريقة مثل الأزهر الشريف يبذل جهداً مضاعفاً لإبراز أن الإسلام ليس دين عنف وأن المسلم يستطيع التعايش مع الأخر بدون أن يكون الآخر قلقاً حيال شئ .
أما عن التجارة بالسماء فقد وعد أردوغان أتباعه بالدولارات على الأرض وبالجنة لو ماتوا وهم يحاربون في ركابه .
المكافأة المالية التركية للمتطرفين في ليبيا أكبر من سوريا
ألف دولار هو رقم مهم لأولئك الذين يصلون من الساحل الجائع حيث تنتشر الجهادية كالنار في الهشيم . لكن هذا المبلغ لا شيء مقارنة بمبلغ 2000 دولار الذي قدمته تركيا للإرهابيين الذين يقاتلون من الفصائل السورية ضد خليفة حفتر ولسنوات تم تمويلها وتسليحها وتدريبها من قبل المخابرات التركية ووكالة المخابرات المركزيةفي الواقع، تواجه أنقرة الآن مشكلة وفرة المرتزقة المتطوعين الذين يجنون في سوريا 300 دولار فقط في المتوسط ويغريهم الأجور المتوقعة في ليبيا حتى مع التفكير في إمكانية الهروب إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط على قوارب المهاجرين نحو إيطاليا
يتواصل تسجيل المتطوعين الراغبين في خوض الحرب في ليبيا، مع وصول المزيد من مجموعات المرتزقة إلى ليبيا. أفادت مصادر في المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عدد المجندين الذين وصلوا إلى طرابلس الليبية حتى الآن، ارتفع إلى ما يقرب من 4700 مقاتل –إحصائيات فبراير 2020- ، في حين وصل ما يقرب من 1800 آخرين إلى تركيا للخضوع لدورات تدريبية
على الرغم من أن عدد المرتزقة الذين تطوعوا للذهاب إلى ليبيا تجاوز 6000 ، وهو العدد الذي طلبته تركيا، إلا أن التجنيد لا يزال منتشرًا في عفرين، وهي المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل”درع الفرات “ومنطقة شمال شرق سوريا. المتطوعون مقاتلون من فصائل “المعتصم، السلطان مراد، لواء صقور الشمال، الهمزات، فيلق الشام، سليمان شاه، وكتائب تركمان سوريا”.
أضاف المرصد السوري لحقوق الإنسان ايضاَ أنه: “يتواصل تجنيد المزيد من المرتزقة على الرغم من السخط الشعبي على العملية التركية المتمثلة في إرسال سوريين إلى ليبيا . ومن المثير للاهتمام أن نلاحظ أن ما يقرب من 64 مقاتلاً من أولئك الذين وصلوا إلى ليبيا لأول مرة، تسللوا إلى أوروبا “، حيث أبلغت المنظمة بالفعل عن 80 حالة وفاة لهذه الجماعات في الأراضي الليبية وسلطت الضوء على هجرة الجهاديين إلى إيطاليا.
تؤكد التقارير أن 229 شخص من كبارة قادة التنظيمات الإرهابية من جبهة النصرة وداعش كان قد تم إرسالهم من تركيا إلى طرابلس الليبية.
أهم الإرهابيين الذين انتقلوا إلى ليبيا
الإرهابي المصري المصنف ضمن القوائم الإرهابية في عدد من الدول أسامة السيد قاسم الملقب بـأبو الحارث المصري والمحكوم عليه بالسجن 50 سنة في قضية اغتيال الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات والمطلوب من قبل الأمن المصري بهذه التهمة، إلا أنه كان قد تمكن من الفرار إلى ليبيا عام 2013 وانضم إلى جماعة “أنصار الشريعة” في بنغازي، قبل أن يتجه إلى سوريا عام 2016 بعد أن قام الجيش الليبي بالقضاء على المنظمات الإرهابية في الشرق الليبي، حيث كان أحد القادة في “جبهة النصرة” ثم انتقل إلى هيئة تحرير الشام، وأصبح يعمل تحت رعاية المخابرات التركية والقطرية، وانتقل بين سوريا وتركيا، و تم التعاون معه كمرتزق لحكومة الوفاق في ليبيابلال بن يوسف بن محمد الشواشي الملقب بـ”أبو يحيى زكريا”، تونسي سافر من بلاده إلى ليبيا عام 2013 ومن هناك إلى تركيا لينتقل إلى سوريا وتحديداً في مدينة الباب ضمن”جبهة النصرة” ثم انضم إلى داعش قبل أن يفر منها ويهرب إلى تركيا، وقد استقر حالياُ في ليبيا للتعاون مع حكومة الوفاق
عبد الله محمد العنزي، الملقب بـ” أبو محمد الجزراوي”، مواطن سعودي ولد عام 1993 ، ودخل سوريا عبر تركيا في عام 2015 ، وانضم إلى داعش وقاتل ضد الجيش السوري في ريف دمشق وحمص وأصبح أميرًا ميليشيا يدعى “أسود العدناني”، ثم انتقل إلى مدينة أعزاز بعد أن شدد الجيش السوري الخناق على داعش عام 2017 وانضم إلى ميليشيا “أحرار الشرقية” كقائد عسكري،وهو يُصنف كإرهابي خطير مطلوب من قبل العديد من أجهزة الأمن وهو واحد من ضمن القوات التي تم إحضارها إلى العاصمة طرابلس للقتال ضمن قوات حكومة الوفاق.
يحيى طاهر فرغلي، وهو مواطن مصري وكنيته أبو الفرج الفرغلي ، وهو رئيس المكتب القانوني لمرتزقة أحرار الشام المنتسبين لتنظيم القاعدة . وقد أسس 9 ألوية قتالية باسم ألوية الفتح، معظمها في ليبيا.
المقاتلون الأجانب من أوروبا والجهاديون من مالي
من المؤكد أن مقاتلي الدولة الإسلامية يغادرون سوريا مرة أخرى ليستقروا في ليبيا. والواقع أن مجلة دابق لتنظيم الدولة الإسلامية في عام 2015 سلطت الضوء على ليبيا باعتبارها “سوقًا” رئيسيًا للتنظيم، حيث تفتخر بالمجندين الأوروبيين هناك. وقد وردت تقارير عن أن هناك 56 مواطناً فرنسياً و 20 مواطناً بريطانياً و 16 بلجيكياً انضموا إلى داعش في ليبيا. ليس من قبيل المصادفة إذن أن ليبيا كانت على صلة بهجمات تنظيم الدولة الإسلامية في الخارج، في سوسة بتونس، في عام 2015 ، وهجوم سوق عيد الميلاد في برلين عام 2016 ، وهجمات 2017 في المملكة المتحدة في مانشستر أرينا وجسر لندن.على الرغم من أن أكبر عدد من المجندين الأجانب جاءوا من تونس المجاورة، إلا أن المقاتلين من جنوب الصحراء من عدد من البلدان الأفريقية المختلفة مهمون لتنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا. تم توضيح أهمية ليبيا بسبب موقعها الجغرافي في يناير 2015 من قبل عضو ليبي غير معروف يدعى أبو إرهم الليبي في أحد الاصدارات تحت عنوان “ليبيا: البوابة الاستراتيجية للدولة الإسلامية”، حيث قال أن “ليبيا تنظر إلى البحر والصحراء والجبال وست دول: مصر والسودان وتشاد والنيجر والجزائر وتونس. وهي مرساة يمكن الوصول إليها من إفريقيا والمغرب الإسلام”.
بالفعل، قام تنظيم داعش بحملة تجنيد في 2015-2016 باستخدام تكتيكات متعددة مثل اختطاف لعمال المهاجرين تحت تهديد السلاح لإجبارهم على التدريب ليكونوا مقاتلين/ انتحاريين. وبحسب ما ورد عرض تنظيم داعش أيضًا 1000 دولار للمجندين من مالي للانضمام إلى صفوفهم في ليبيا».
كيف ستصبح ليبيا الأرض الجديدة لجهاديو العالم؟
سوف ينتهز تنظيم داعش فرصة تصعيد النزاع بين الأطراف المتحاربة للتوسع بشكل كبير في ليبيا. طبقًا لهذا السيناريو، كما هو الحال في سوريا، سيتدفق المقاتلون الأجانب من أوروبا إلى المنطقة بأعداد كبيرة.
في الواقع، إن مواطني دول شمال إفريقيا الذين يعيشون في بروكسل أو باريس أو أمستردام سوف يكون لديهم الكثير من القواسم المشتركة مع شخص من ليبيا عن شخص من سوريا أو العراق. وبالتالي سوف يشكل هذا الوضع وصفة جيدة لنجاح تنظيم داعش.
هناك عوامل أخرى يمكن أن تجعل الأمر أكثر خطورة: يمكن أن تكون ليبيا نقطة انطلاق محتملة لزعزعة استقرار الجزائر والمغرب وتونس، وبما أن ليبيا تقع على بعد 300 كيلومتر فقط من إيطاليا، فيمكن كذلك استخدامها كمنطقة انطلاق استراتيجية لشن هجمات ضد أوروبا. أخيرًا وليس آخرًا، يمكن لتنظيم داعش بعد ذلك أن ينظم مرور اللاجئين إلى أوروبا
حيث أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن وجود جهاديين مرتزقة مسلحين وممولون من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: 4700 جهادي وصلوا بالفعل إلى طرابلس في حين أن 1800 آخرين يتدربون في تركيا و 64 جهادي على الأقل وصلوا من أوروبا. كما هرب بضع عشرات من الجهاديين إلى إيطاليا.
وفي أخر بيانات له أفاد المرصد السوري أن عدد المرتزقة في ليبيا قد تجاوز 15 الفاً أي أن الرقم تضاعف ثلاث مرات في 4 أشهر مما جعل مصر ترفع حالة التأهب القصوى على الحدود المتاخمة لليبيا وقد بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جاهزية القوات المسلحة المصرية للتعامل مع أي عدوان على أراضيها وحفظ الأمن القومي المصري حتى لو أضطر هذا لتنفيذ عمليات خارج حدود القطر المصري
الجزء السابق من هنا
0 تعليقات