Ad Code

أردوغان والاخوان وعبادة الحاكم الوثنية الجزء الرابع "الفروع" ( الأعلام )


كانت الضربة الأكبر في تلك السنة هي عزل الملك فاروق ملك مصر وإبعاده إلى المنفى ، وهو أوثق حلفاء بريطانيا في الشرق الأوسط وأستلم السلطة في مصر "مجلس قيادة الثورة " الذي كان بقيادة اللواء محمد نجيب ولكن تحت القيادة الفعلية للزعيم جمال عبد الناصر .
بريطانيا والولايات المتحدة إختلفت وجهات نظرهما حول مستقبل مصر وزاد الأختلاف أكثر فأكثر بعد وصول الزعيم عبد الناصر إلى السلطة ، وكان للبريطانيين وجود عسكري كبير في مصر وقواعد في القاهرة والأسكندرية وحول قناة السويس وكانت القوات البريطانية قد غادرت القاهرة والإسكندرية في خلال سنتي 1948 و 1947  ، ولكن خطة تخفيض القوات في مرفق قناة السويس لم تنفذ نظراً لأن الإقتصاد البريطاني بدأ في الإنتعاش في ظل مشروع مارشال للمعونات ولم تكن للبريطانيين أي نية للتخلي عن منطقة القنال كلية ، في ذلك الوقت كان هناك حوالي 80 الف جندي بريطاني معسكرين في المنطقة .
كانت مشكلة عبد الناصر الكبيرة الفورية هي القنال وقد شكل لجنة سرية للتحقيق في شركة القنال التي كان يذهب ما يقل قليلاً عن نصف دخلها السنوي البالغ 100مليون دولار الى الخزائن البريطانية ، وكانت مجموعات الفدائيين بين الحين والأخر تُطلق وبشكل دوري لإستعجال الأمور عندما تتعقد ، وفي الوقت نفسه أرسل الإسرائيليين الذين كانوا يخشون قيام علاقات حسنة بين عبد الناصر والغرب مجموعات تخريب تسللت عبر الحدود لتهاجم المنشآت البريطانية والأمريكية في مصر وكانوا يأملون أن يلقوا باللوم على عبد الناصر ولكن إنكشاف هذه العمليات في منتصف عام 1954 تسبب في سقوط حكومة رئيس وزراء إسرائيل الأول ديفيد بن غوريون .

كان مستقبل القناة قد تحدد بتوقيع المعاهدة المصرية - البريطانية وكان للممر المائي أن يبقى تحت سلطة شركة القنال على أن تسحب القوات البريطانية البالغ عددها 80 الف جندي من منطقة القنال بحلول 1956 ، شرط أن يسمح لهذه القوات بالعودة في حالة إندلاع حرب ، ومن الناحية العسكرية لم يكن هذا تراجعاً كبيراً بالنسبة لبريطانيا ذلك أن ظهور الأسلحة النووية قلل كثيراً من الأهمية الإستراتيجية للمنطقة .
أفادت اللجنة السرية التي شكلها الزعيم عبد الناصر للتحقيق أن إدعاءات شركة القنال بأنها أنهت الأعمال المكثفة للتحديث كانت مبالغة ، وأن الأرباح المدفوعة لحملة الأسهم الأجانب كانت عالية بشكل غير طبيعي ، وطلبت وزارة التجارة المصرية من الشركة أن تتخلص من ممتلكاتها الخارجية وأن توظف كل إحتياطاتها في المشاريع التجارية المصرية ، وأن تقوم الحكومة المصرية في المستقبل بتعيين نصف مجلس الإدارة ، ورفضت الحكومة البريطانية كما كان متوقعاً .
غادرت القوات البريطانية منطقة القنال قبل قليل من الوقت المحدد في منتصف يونيو 1956، عرض الإتحاد السوفيتي على مصر تمويل بناء السد العالي وكذلك فعلت أمريكا وبريطانيا عن طريق البنك الدولي فقبلت مصر قرض البنك الدولي وكانت المخابرات المصرية على علم بأن أمريكا لن تفي بوعدها في منح القرض ، وهو ما سيجعل البريطانيين يسلكون النهج نفسه .
في يوليو 1956 قام الزعيم جمال عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس للملاحة البحرية ، وبدأ التخطيط لتدخل عسكري بريطاني - فرنسي لإستعادة المنطقة بشكل فوري تقريباً ، كان الفرنسيون في حرب إستعمارية دموية في الجزائر وقد كان موقف الفرنسيين قد تغير جذرياً من عبد الناصر عندما إكتشفوا أن الثوار الجزائريين أقاموا مقر قيادتهم في القاهرة وأن المصريون كانوا ينظمون إمدادات السلاح لهم وكانت حكومة غي موليه تتعاطف أساساً مع إسرائيل وقد توقعت عملاً عسكرياً مصرياً ضدهم ، وفهم الفرنسيين أن أعمال عبد الناصر جزء من مؤامرة ضدهم ، وكانت إسرائيل تضغط بقوة لأجل الحصول على دعم لشن "حرب وقائية" لتنفيذ أطماعها في ضم شبه جزيرة سيناء لأراضيها وكان الفرنسيون متحمسين للفكرة .
لم يتم التقدم في التخطيط للغزو العسكري نظراً لعدم وجود موافقة سياسية من قبل حكومة بريطانيا وذلك أن بريطانيا كانت تأمل أن يسبق أي تدخل عسكري أشهر عديدة من الحرب النفسية وكانت  أل " أم . أي . 6 " تملك وسيلتين رئيسيتين لذلك هما " وكالة الأنباء العربية " و " محطة إزاعة الشرق الأدني " ولكن الموظفين العرب فضلوا الإستقالة  جماعياً على بث دعاية مضادة لمصر ، الموظفين الوحيدين الذين أمكن إقناعهم ببث مشاعر معادية لعبد الناصر كانوا خليطاً من العرب ولهجتهم جعلت المصريين يظنون أنهم يهود.
وتمكنت المخابرات المصرية من الحصول على كمية ضخمة من المعلومات التفصيلية عن " اذاعة الشرق الأدنى " بما في ذلك هويات المذيعين وصور لداخل المحطة ، وذلك من خلال ثوار منظمة "ايوكا " المقاتلين ضد السلطات البريطانية ومدت مصر هؤلاء الثوار بالأسلحة ، وفيما بعد قدمت المنظمة للمصريين معلومات عن تحركات القوات البريطانية في جزيرة قبرص قبل غزو السويس وأكتشفت الحكومة البريطانية كذلك أن أذاعة الشرق الأدنى كانت تنقل بث البرامج العربية لهيئة الأذاعة البريطانية التي كانت تصر على إفساح المجال لمنتقدي الحكومة ووصل غضب وزارة الخارجية من هيئة الأذاعة البريطانية حداً جعلها  تخفض هبتها للخدمة الخارجية التابعة  للهيئة في السنة التالية .
وفي مكاتب وكالة الأنباء العربية في القاهرة تم الدفع برجلي مخابرات من أيام الحرب لكتابة التقارير وقد زاوج أحدهم عمله هذا بالعمل كمراسل لصحيفة " ديلي اكسبرس " وكانت الوكالة كذلك مركزاً لشبكة كبيرة لل "أم .أي .6 " يديرها مدير مكتب المخابرات البريطانية في القاهرة نفسه الذي كان يعيش في مصر منذ 25 سنة وكان سيغادر القاهرة قريباً لكنه أُعتقل قبيل مغادرته البلاد بفترة قصيرة خلال إجتماع له مع حلقة أتصاله في الجيش المصري وكان معه نائب المدير المحلي لشركة بريطانية كان من المفترض أن يحل محله ، وكذلك فقد تم اعتقال 15 شخصاً أخرين بينهم اثنين بريطانيين وأربعة من موظفي الوكالة ، عندما تحركت قوات الأمن المصرية لإغلاق الوكالة وأعلنت أنها على علم بالوكالة منذ ثلاث سنوات ونصف .
وكانت السلطات قد حصلت على المعلومات من أصدقائهم  السوفييت الذين كانوا قد حصلوا عليها عن طريق عميل " أم . آي . 6 " المزدوج الولاء .
بينما كان نفوذ الأفكار الشيوعية تنتشر في البلاد العربية وأفريقيا إقترحت وزارة الخارجية البريطانية تأسيس إدارة لحملة دعائية سرية مضادة للروس ، في العام 1947 أصدر كليمنت اتلي رئيس وزراء بريطانيا أمراً بتأسيس هذه الإدارة ولإخفاء وجود هذه الإدارة عن الجمهور فقد تم الحصول على الأموال اللازمة للقيام بعملياتها من البرلمان بالتصويت السري .
وأطلق عليها " إدارة أبحاث المعلومات " كانت هيئة موظفي الإدارة عبارة عن خليط عجيب ، وكان المهاجرون يحتلون مكاناً بارزاً ، وكان كثيرون منهم من مشردي عمليات الإستخبارات الفاشلة ، وكان بين الآخرون كتاب مختارون بعناية وصحافيون معرفتهم المهنية ضرورية لإدارة الأبحاث وأصبحت الإدارة مكان الإستراحة المفضل لرجال الإستخبارات ال " إم .آي .6"
المتعبين في نهاية خدماتهم .
في بدايتها خلال الخمسينات كان عدد موظفي الإدارة يتراوح بين ثلاثمائة وأربعمائة موظف ، وكان في القسم السوفيتي وحده أكثر من 60 شخص يعملون فيه ، وكانت الإدارة حتى تم حلها تحتل مبنى مؤلف من إثنى عشر طابقاً في ميلبانك ، ريفر ووك هاوس ، وكانت لها اقسام خاصة تتعامل مع الإقتصاد وضبط التسلح وكان للإدارة في كل مكان ضباط عاملون على الأرض ، عادة بصورة مستورة داخل السفارات ، وكانت المعلومات الصادرة عن الإدارة والتي يعترف كبار مسؤليها السابقين إنها كانت " محرفة " بشدة ، توزع على لائحة طويلة من الصحافيين المعتبرين الذين  يمكن للإدارة أن تعتمد عليهم وكان يطلب من الصحافيين عدم الكشف عن مصدر معلوماتهم عند نشر مواد الإدارة وكانت تنقسم مواد المعلومات إلى قسمين .

القسم الأول عبارة عن دراسات سرية وموضوعية تتعلق بالسياسات والمكائد السوفيتية موضوعة للإستهلاك العالي المستوى توضع بين يدي رؤساء الدول وأعضاء مجالس الوزراء ، وأي من هذه المواد غير قابل للنشر أو للإستشهاد به لأسباب واضحة .

والقسم الثاني فعبارة عن معلومات أقل سرية ملائمة لنشرها بعناية من قبل موظفي البعثات البريطانية بين الناشرين وأساتذة الجامعات والعلماء وقادة العمال ..إلخ ، التي يمكن إستخدامها كمواد خلفية حقيقية في عملها العام دون نسبتها إلى مصدر معين ، ونجاحها يعتمد على نشاط الممثلين البريطانيين في البلدان المختلفة .
وكانت بعض التقارير التي تتناول معلومات حساسة جداً غاية في السرية ، إلى درجة أنها لم تكن تحمل ما يشير إلى مصدرها وكانت تتضمن في العادة معلومات تقدمها أجهزة الإستخبارات إلى إدارة أبحاث المعلومات وكانت ال " إم . آي . 6 " تزود الإدارة بمعلومات سرية في مغلفات حمراء كتب عليها " سري جداً " وكان الأمر يتطلب مهارة فائقة لوضع هذه المعلومات قيد التداول دون الإفصاح عن مصدرها .
ولبدأ حملة دعاية معينة ، كانت الإدارة تستدعي صحافياً وتعطيه المعلومات بشكل شخصي ، وبعد أن يكون الصحافي قد نشر هذه المادة " الخاصة " التي حصل عليها عن الإدارة ، حتى بدون الإشارة إلى مصادر رسمية ، تعيد إدارة أبحاث المعلومات بث الرواية وكأنها منزلة من السماء ، حول العالم لكي تلتقطها الصحافة المحلية في العالم الثالث ، وكانت الإدارة تعطي بعض الصحف العالمية حق إعادة بث هذه المادة ، وكانت هذه المادة المعاد نشرها تشير الى اسم الكاتب الاصلي ولكن لا تشير إلى مصدر المعلومات 
وأنشئت ثلاث وكالات في بين عامي 1948 و 1953 هم " أنباء الشرق الأدنى والأقصى " و " أنباء الشرق الأدنى والأقصى" ( اسيا) ليمتد و " وكالة الأنباء العربية" ( القاهرة) ليمتد ، وهذه الوكالات الثلاث كانت تدار بترابط وثيق فيما بينها وكانت وكالة الأنباء العربية تشغّل أكثر الخدمات المتوفرة شمولية باللغتين الإنجليزية والعربية وكانت لها مكاتب فرعية في كل من دمشق وبيروت وبغداد والقدس وعمان وممثلون في أكثر من 15 مدينة أخرى بما فيها باريس ونيويورك وكانت تتلقى نشراتها كل الصحف العربية تقريباً ، ولعبت وكالة الأنباء العربية ( واع) دوراً هاماً في الدعاية الهجومية قبل أزمة السويس في العام 1956 وكانت مركزاً لوكالة الإستخبارات البريطانية في مصر ، وكان المفتاح الرئيسي لنجاح ( واع ) هو المساعدات المالية المقدمة إليها والتي مكنتها من المضاربة على المنافسين بتوزيع خدماتها بأسعار أرخص بكثير .
أيضاً أردوغان وتميم يمتلكان وكالتين إعلاميتين هما الأناضول والجزيرة وهما موجهتان لتأليب الرأي العام على الحكومات والأنظمة التي لا تتوافق سياستها مع البرنامج الهدام لأطماع العثمانلي 
وهاتين الوكالتين يأخذ عنهما الكثير من القنوات الفرعية بدون مقابل لعرض الأفكار التي يروجونها والحكومتين التركية والقطرية تمول هذه الوكالات لتدعيم العثمانلي لإحتلال الدول المجاورة مثل سوريا والعراق وهدم الأنظمة القائمة مثل ليبيا وما يصورونه عن المشير خليفة حفتر والجيش الوطني الليبي على أنهم مرتزقة والسراج الذي يدعمه أردوغان بالسلاح والمرتزقة على إنه مناضل وحكومة شرعية برغم أن البرلمان الليبي وهو الجهة الشرعية في البلاد قد سحبت الثقة من حكومة السراج ووكلت حماية البلاد وطرد المستعمرين للجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر ولكن لا حياة لمن تنادي 
الجزء السابق من هنا

 

إرسال تعليق

0 تعليقات

Close Menu