Ad Code

نظرية التطور بين العلم والدين والفلسفة ٦


الإنسان تاج الخليقة الفريد من نوعه .
كلمة إنسان في اللغة اليونانية تنطق هكذا " انثروبوس Anthropos " ومنها جاء علم الانثروبولوجي أي علم الإنسان " Anthropology " . وهذه الكلمة تعني حرفياً " الناظر إلى أعلى " وهي بحق سمة من السمات التي ينفرد بها الانسان ، دوناً عن بقية الكون والكائنين فيه .
فبينما تشق النخلة طريقها في عباب السماء ، إذ بعناقيدها وفروعها ترنو إلى الأرض التي منها جاءت واليها تعود ، ورغم أن النسر يمخر في علوه الشاهق بالجو ، إلا أن عينيه محملقتان في الأرض ، ولأجل ذلك تجد كل الحيوانات تسير على أربع وأكثر من أربعة أرجل ، ورغم أن للطيور قدمين فقط إلا أنها للأرض تنظر مقلتاها ، حتى الزرافة صاحبة أطول عنق يرتفع إلى العلو إلا أن عيناها لا تنظران إلا إلى الأرض .
أما الإنسان فنصبه الله على قدمين لا أكثر ، واستقام له ظهره باسلوب رأسي لا بالطريقة الأفقية التي إعتدنا رؤيتها في كل الكائنات الاخرى - حيوانات وطيور - ورغم هذا حفظ له توازنه واتزانه مقاوماً كل جاذبية أرضية له إذ خلقه الله مرفوع الهامة منصوب القامة ، عالي الرأس شاخص العينين إلى أعلى لا إلى أسفل كبقية اترابه الذين معهم يعيش ، ومثلهم يموت .
لأن الإنسان مخلوق سماوي ، رحلته تبدأ من السماء حيث نفخه الله ، وتختتم في السماء حيث سكنى الله ، وإن تغرب على الأرض حيث عناية الله ورعايته .
على حسب نظرية التطور التي نحن بصدد بحثها ، فإن الإنسان كبقية المخلوقات تطور من درجة أدنى إلى ما هو عليه وقد بحثنا في الجزء السابق في الكون ككل من الإنفجار الكبير حتى الإنسان ، وهنا بحثنا سيكون في الإنسان ككل وليس بيولوجياً فقط فليس الإنسان هو مجموعة من الخلايا التي تكون الأجهزة التي تعمل معاً في توافق بلا هدف ، بل هو كائن هادف ، يسعى لغرض ، وهو رأس الخليقة كلها بما يمتاز به عن كل الخليقة ، وطالما الإنسان وحده هو الذي يملك الأمتياز ( كما سنرى ) ، لا يمكن أن يكون قد تطور ففاقد الشيء لا يعطيه ، ولكي لا أطيل في الديباجة هلم نرى ما يميز الإنسان .
١ - الوعي 
هناك في الوقت الحالي وعي متزايد بمفهوم الوعي . نحن واعون ، ونحن نعي أننا واعون . 
لا أحد يمكن أن ينكر ذلك دون الوقوع في التناقض الذاتي ، المشكلة تصبح غير قابلة للحل عندما ندرك طبيعة الخلايا العصبية . كبداية ، الخلايا العصبية لا تشابه حياتنا الواعية . الأمر الثاني ، وهو الأكثر أهمية ، أن خصائص الخلايا العصبية من الناحية الفيزيائية لا توفر بأي حال من الأحوال سبباً للأعتقاد بأن بإمكانها ، أو أنها سوف تنتج وعياً . يرتبط الوعي ببعض مناطق الدماغ ، ولكن عندما توجد أنظمة الخلايا العصبية المكونة من نيرونات في جذع الدماغ فأنها لا تنتج وعياً . أشار العالم الفيزيائي جيرالد شرويدر أنه لا يوجد هناك فرق جوهري من الناحية المادية بين كومة من الرمل وعقل آينشتين . فقط الإيمان الأعمى الذي لا أساس له بالمادة ، يقف وراء الإدعاء بأن جزيئات Bits المادة تستطيع إيجاد حقيقة جديدة لا تشبه المادة .
٢ - الفكر 
ما وراء الوعي ، هناك ظاهرة الفكر والفهم ورؤية المعنى ، كل استخدام للغة يكشف ترتيباً ذكياً فطرياً للوجود . تقف وراء عمليات التواصل ( واستخدام اللغة وهما اساس لعملية التفكير لدينا ) قوة خارقة ، قوة تعرف الأختلافات والتشابهات ، والتعميم والشمول ، وهو ما يسميه الفلاسفة تصورات وكليات Universals وما شابهها .
الفكر قوة معروفة للبشر ، وهي قوة مميزة وفريدة من نوعها . أنت تُجرد Abstract ، وتُميز Distinguish ، وتوحد Unify ، دون أن يأخذ الأمر من تفكيرك لحظة واحدة . هذه القوة التي تفكر بالتصورات بطبيعتها تتعالى فوق المادة .
بمجرد أن تتأمل في هذا الأمر لعدة دقائق سوف تعرف على الفور أن الفكرة التي تقول بأن تفكيرك بشيء ما هو مجرد عمل فيزيائي تبدو فكرة سخيفة ولا تستحق التفكير فيها  .
٣ - النفس 
وهي نحن ، بمجرد أن ندرك حقيقة الكائن الأول الذي يتكلم بصيغة " أنا " وندرك صيغ المتكلم الأخرى ، فأننا نواجه أعظم لغز ككل وهو " أنا موجود " إذاً أنا أفكر وأشعر وأعتزم وأقصد وأتفاعل . من هو " أنا " وأين هو وكيف أتى إلى الوجود ؟ . من الواضح أن ذاتك ليست شيئاً فيزيائياً ، ولكنها ليس غير فيزيائية كذلك ، وإنما هي بدن مادي ومحتوى روحي ، فأنت لست موجوداً في خلية معينة في المخ أو جزء من أجزاء البدن . خلايا بدنك تتغير باستمرار ، ومع ذلك فأنت تظل كما أنت . عندما تدرس خلاياك العصبية فستكتشف أن أياً منها لا يملك خاصية أن تكون " أنا " . بالطبع جسدك جزء مكمل ، ولكنه يظل بدن لأنه مركب من أعضاء فيزيائية . أن تكون إنساناً هو أن تكون جسداً وروحاً .

الإنسان حلقة الوصل بين عالم الأرواح وعالم الحيوان

ومما يترتب على كونك الوحيد الذي يملك روحاً ، أنك الوحيد الذي تفعل الخطيئة وباقي الكائنات تفعل الخطأ ، والخطأ هو كل ما جانب الصواب ، أما الخطيئة فهي التعدي وكسر الوصية .
الإنسان يشارك الكائنات كلها في عمل الخطأ وينفرد عن جميعها في أقتراف الخطيئة ، فالخطيئة صناعة بشرية وأنتاج آدمي واخراج إنساني ، فالكذب والنميمة والقّسَم وكلام الهزل والتجديف والإرتداد والزنى والسرقة والقتل وحب ماللغير وشهادة الزور والبُغض ....إلخ كلها وجدت لها مستقراً في عالم البشر ولم تجد لها راحة في بقية العوالم .
وخطيئة الإنسان آتية من حريته ، الإنسان هو الوحيد الذي يخطئ لأنه الوحيد في الكون كله الحر ، بكل ما للكلمة من معاني في حدود إمكانياته ، فتخيل أن الشمس لها حرية أن تقترب من الأرض ، أو الأرض لها حرية عدم الدوران حول الشمس ، أو للسحاب الحرية على عدم الإمطار ، أو للأرض الحرية على عدم إخراج المزروعات ، أو للحيوان الحرية في عدم خدمة البشر .
الله لم يسلب منك الحرية كما سلبها من كل الكائنات ، فأنت حر في أن تحبه وأن تكرهه ، أن تقبله وأن توليه ظهرك ، وأنت حر في أن ترفضه أو أن تخلص إليه ، وأن تحبه أو تمقته .
ولكن ثق أن حريتك هذه مرهونة بوجودك في هذا الجسد ، أنت الوحيد الحر في الكون كله ، وأنت الوحيد الذي تخطئ في الكون كله ، لأنك أنت الوحيد الذي تتوب في الكون كله .
وأنت الوحيد الحر في الكون كله ، لأنك الوحيد العاقل في الكون كله وبقية الكائنات تملك الغريزة ولا تملك العقل ، إن لكل كائن مخاً وغرائز بما في ذلك الإنسان ، فقد شاركت الكائنات بالمخ وبالغرائز ، ولكن ما يميزك أن الكائنات الغرائز تسيرها أما أنت فيسيرك العقل الذي تنفرد به دون باقي المخلوقات ، رغم أن الحيوان أعَفَّ من الإنسان في غرائزه فلا يأكل إذا كان شبعاناً وتمتنع انثاه عن مجانبة ذكرها إذ تحمل منه ، ولا يشرب إلا إذا كان حقاً ظمآناً .
وأنت الوحيد العاقل في الكون كله لأنك الوحيد الذي توجد فيك روح وبقية الكائنات تمتلك نفساً .
أنت كبقية الكائنات تحيا بالنفس ولكنك تنفرد عنها بالروح العاقلة ، فالروح التي فيك محرومة منها بقية الكائنات ، والنفس التي فيهم أنت تشاركهم مثلها وتزاحمهم ، وهم إذ تخرج نفوسهم يعودون إلى ترابهم مثلك تماماً .
 لأَنَّ مَا يَحْدُثُ لِبَنِي الْبَشَرِ يَحْدُثُ لِلْبَهِيمَةِ، وَحَادِثَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمْ. مَوْتُ هذَا كَمَوْتِ ذَاكَ، وَنَسَمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْكُلِّ. فَلَيْسَ لِلإِنْسَانِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ، لأَنَّ كِلَيْهِمَا بَاطِلٌ.  يَذْهَبُ كِلاَهُمَا إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ. كَانَ كِلاَهُمَا مِنَ التُّرَابِ، وَإِلَى التُّرَابِ يَعُودُ كِلاَهُمَا. جا 20-19:3 .
فالموت الذي يصيبهم يصيبك ونتاج الموت الذي يحدث لهم يحدث لك ، ولكنك بعد الموت لك خلوداً ، أما هم فبعد الموت فانون ، إذن فالنفس البشرية هي سبب كيان وحياة الإنسان لأنه يحيا في الجسد الترابي بالنفس ، وحين خلق الله الإنسان روحاً وجسداً ، صارت النفس أداة ربط الروح بالجسد ، وحين تموت النفس تنحل الروح عن الجسد ، فيصير الإنسان الواحد اثنين ، جسداً في قبر ، وروحاً في الفردوس ( لمزيد من التفاصيل أقر التجارب تحت مسمى رؤى في هذه المدونة ) ، أما الروح الإنسانية فهي علة العقل في الإنسان كما هي أيضاً علة الخلود ، وهاتان السمتان لا توجدان في كائن آخر أياً كان .
 فَيَرْجعُ التُّرَابُ إِلَى الأَرْضِ كَمَا كَانَ، وَتَرْجعُ الرُّوحُ إِلَى اللهِ الَّذِي أَعْطَاهَا. جا 7:12
 تَخْرُجُ رُوحُهُ فَيَعُودُ إِلَى تُرَابِهِ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ نَفْسِهِ تَهْلِكُ أَفْكَارُهُ. مز 4:146
فعالم الأرواح إذن هو عالم اشترك فيه الإنسان مع الملائكة ، الذين خلقهم الله أرواحاً خادمة مرسلة لأجل خدمة العتيدين ان يرثوا الخلاص عب1 :14
وكما اشترك الأنسان مع الحيوان في الجسم ، يشارك الملائكة بروحه في العالم الآتي بعد القيامة من الأموات وحياة الدهر الآتي .
لقد خلق الله الملائكة أرواحاً بلا جسد وخلق الله الحيوانات أجساداً ذات نفوس بغير روح ، أما الإنسان فخلقه الله جسداً بنفس وروح عاقلة ، فهو مثلث الخواص : جسد ، نفس ، روح .
وهذا ما قاله بولس الرسول :  وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 1 تس 23:5 .
لذا فأنت الوحيد في الكون كله الذي سوف تدان ، وبقية الكائنات لن تدان ولن تُحاسب ، رغم أن بقية الكائنات قد تشاركك الخطأ ولكنها تترك لك الخطيئة لأن روحك العاقلة لا تمتلكها بقية الخلائق وأنت تعلم ما يجب فعله وما يجب اجتنابه .
ولأنك الوحيد الذي ستدان ، لذا فأنت الوحيد في الكون كله الذي ستقوم كي تدان ، فرغم انك تموت كبقية الكائنات إلا أن بقية الكائنات لن تقوم نظيرك لأن لا دينونة تنتظرها ، فالقيامة للبشر فقط .
والقيامة لأجساد البشر فقط دون أرواحهم فالأرواح لم تمُت ، إنما الذي مات فيهم اجسادهم .
فالإنسان ليس هو الكائن الوحيد الذي يموت ، انما هو الكائن الوحيد الذي سيقوم ، وبعد القيامة لا وجود لحيوان أو لغريزة حيوانية ، لذا فالقائمون بالقيامة يقومون بأجساد نورانية ، لا يزوجون فيها ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء .
ولأنك تقوم بعد الموت لذا فأنت الوحيد في الكون كله الخالد ، أما بقية الكائنات والكائنين بالكون مؤقتة وموقوتة ، كل ما تراه حولك ومعك في هذا الكون فانٍ لا محالة ، باستثناء البشر ، فأنت الكائن الوحيد الخالد ، بدأت رحلتك مع الحيوانات ، وستختمها مع الملائكة ، باراً كنت أم شريراً .
لا نستطيع أن نطلق على الإنسان مصطلح الأبدية ، لأن الأبدية إحدى صفات الله وحده ، ولكن يمكن أن نسمي الإنسان بصفة الخلود ، فالخلود منحة وهبة وهبها الله لعالمي الأرواح ، الملائكة والبشر ، فكما نزلت بجسدك ضيفاً على عالم الحيوان فترأست عليه وتملكت ، تنزل في عالم الملائكة شريكاً لهم في الملكوت ولكن كل واحد كأعماله ، وهذا يتضح من مقولتي يوم الدينونة . 
 ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ.  متى34:25
41 «ثُمَّ يَقُولُ أَيْضًا لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ،  متى41:25

الإنسان ضيف على الأرض 

اذن فنحن هنا غرباء في أرض مررنا عليها في رحلتنا التي نقطة البداية والنهاية فيها واحدة آلا وهي السماء . فليس من المعقول حصر الإنسان في جسد فقط وربطه مع بقية المخلوقات في سلسلة أنساب ، وإلا طالما أننا من أصل مشترك والسلف يهب الزرية صفاته عن طريق الوراثة ونحن أخر من وصل إليه العقل فمن هو الذي ورثنا منه العقل ؟! وإن كان هذا حدث بناءاً على طفرة جينية وهي عملية فيزيائية كيف نتج اللا فيزيائي من الفيزيائي ؟! ولماذا تتعارض النظرية مع المشاهدات والنتائج التي بينا بعض منها في هذا البحث المُصغر ، ربما تقول أنه لا يوجد غير العقل ولا وجود للروح ، سأقوم بنشر تجربة مر بها دكتور مخ وأعصاب لا أعتقد أننا درسنا عن المخ ( مهما كثر إطلاعنا ) مثله ، وسيشرح فيها كيف كان هناك إذدواجية في شخصه الواحد ( ولكن هذا ليس مجال بحثنا ، ستجدها تحت مسمى رؤى في هذه المدونة هنا ) ، ولكن ما أحاول أن أثبته في هذا البحث كيف للشيطان عدو الخير أن يستخدم مثل هذه العلوم ويحرف طريقة عرضها حتى يوهم الضعفاء في العلم أن العلم يتعارض مع الدين والكتب المقدسة حتى تبرد محبتهم ويتركون صلاتهم التي هى الحصن المنيع ضد هجمات الشيطان ، وقد نجح في الغرب ، حتى غرق الغرب في الإباحية والإلحاد ، ولكن مازال الله يعمل ويقرع على باب كل قلب ، وكما هناك من العلماء الذين يأخذون من العلم وسيلة لمحاربة الدين ، مع أنها ليست حرب على الدين ، ولكنها نتاج فهمهم المشوه للكتب المقدسة ، وكثير منهم يرجع إلى صوابه بعد مراجعة ما يقدمه العلم كل يوم من جديد ، وهناك أيضاً العلماء الورعون الذين لا يستخدمون العلم إلا في مجاله فقط ، هؤلاء متزرعون بروح التواضع فالعلوم تختص بما هو مادي فقط ، فلو قال أحد أنني ذو علم غير محدود وأأكد أنه لا يوجد إله غير محدود ذو علم غير محدود قادر على كل شيء ، ألا يكون وقع في التناقض الذاتي .
سنرى في العدد القادم ما قاله لنا سفر التكوين عن عملية الخلق في ستة أيام الخليقة وماذا بين العلم من توافق بين سرد الكتاب والمشاهدات الحديثة 

أقرأ أيضاً الجزء السابعسفر التكوين وأيام الخليقة الستة


أقرأ أيضاً الجزء الأول من هو داروين 


أقرأ أيضاً الجزء الثاني  الرؤية الدينية عند داروين


أقرأ أيضاً الجزء الثالث استخدام النظرية لأغراض شخصية




أقرأ أيضاً الجزء الخامس ماذا قال العلم عن نظرية التطور 

إرسال تعليق

0 تعليقات

Close Menu