Ad Code

نظرية التطور بين العلم والدين والفلسفة ٥


ماذا يقول العلم عن نظرية التطور .
العلم يختص ببحث الأمور ويجعل من كل أمر علم قائم بذاته ، وربما حين يريد أحد أن يفهم أمر ما ، يدرس أكثر من فرع من فروع العلوم ، ولكن العلم لم يصل إلى منتهى المعرفة ولن يصل حتى قيام الساعة .  يَوْمٌ إِلَى يَوْمٍ يُذِيعُ كَلاَمًا، وَلَيْلٌ إِلَى لَيْل يُبْدِي عِلْمًا. مز2:19 ، وما هو قاعدة علمية اليوم ربما يكون ماضي خاطئ في المستقبل ، وقبل تطرقنا لموضوع بحثنا نظرية التطور بين العلم والدين والفلسفة ، سنعود قليلاً للخلف حتى نلم بكافة نواحي موضوع بحثنا ، وهدفنا أن لا نطيل البحث من جهة ، وأن نحافظ على تسلسل المعلومات من جهة أخرى ، وقدأصبح الآن أصل الكون ونظامنا الشمسي مفهوماً بشكل أكبر بالنسبة لنا ، كما تم التعرف على مجموعة من المصادفات متعلقة بعالم الطبيعة أبهرت وحيرت العلماء والفلاسفة ورجال الدين على حد سواء ، الحكمة 12 : 17
 وَإِنَّمَا تُبْدِي قُوَّتَكَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ أَنَّكَ عَلَى كَمَالِ الْقُدْرَةِ، وَتُعَاقِبُ الْعُلَمَاءَ عَلَى جَسَارَتِهِمْ .
١ - بدايةً بالإنفجار العظيم في اللحظات الأولى للكون تم خلق المادة ومضاد المادة في الوقت نفسه تقريباً في جزء من الثانية ، وانخفضت درجة حرارة الكون مما سمح للكواركات ومضاداتها للتكثف ، عندما يتلاقى كوارك مع مضاد الكوارك ينتج عن ذلك فناء كلاً منهما وإطلاق فوتون من الطاقة . ولكن التماثل بين المادة ومضاد المادة لم يكن دقيقاً ، لأنه عند مليار زوج من الكواركات ومضاد الكواركات كان هناك كوارك زائد ، هذا الجزء البسيط الذي سبب الكون في البداية هو الذي كوَّن الكون الذي نعرفه ، لو كان هناك تماثل فسرعان ما يتحول الكون لإشعاع خالص ولفني الكون يوم خلقه ( صدفة ؟!) .

٢- الطريقة التي تمدد بها الكون بعد الإنفجار العظيم تعتمد كلياً على كم كانت كتلة وطاقة الكون في ذلك الوقت ، وهو أمر يعتمد على قوة ثابت الجاذبية ، لو كان تمدد الكون بعد ثانية واحدة من الإنفجار العظيم أقل بحجم أقل من ١٠٠ ألف مليار لإنهار الكون قبل أن يصل لحجمه الحالي . من جهة أخرى ، لو كانت نسبة التمدد أكبر بجزء من المليون لما كان بإمكان الكواكب والنجوم أن تتكون . ما السبب الذي جعل الكون يتوفر على المقدار المناسب من الخصائص المطلوبة لحدوثه . ( صدفة ؟! ) 
٣ - إذا كانت القوة الذرية التي تجمع البروتونات والنيترونات اضعف بقليل فإن الهيدروجين سيكون هو الناتج الوحيد في هذا الكون ، ومن جهة أخرى لو كانت القوة أكبر بنسبة بسيطة لتحول كل الهيدروجين إلى هيليوم بدلا من نسبة ٢٥% التي وجدت بعد الإنفجار الكبير ، ولما كان بإمكان فرن انصهار النجوم أن ينتج عناصر أثقل ، ومن اللافت أن القوة النووية تم تعييرها بشكل مناسب لإنتاج الكربون ، وهو أمر حاسم لوجود حياة على الأرض ، لو كانت هذه القوة أكبر بنسبة ضئيلة لتحول كل الكربون إلى أكسجين . ( صدفة ؟! ) . 
٤ - لماذا هناك ثوابت فيزيائية دقيقة مثل سرعة الضوء ، مقدار الشدة الدنيا والقصوى للقوى النووية ، العوامل المختلفة للقوة الكهرومغناطيسية وقوة الجاذبية ، ماهي فرصة توافر كل هذه الثوابت الضرورية لإستقرار الكون .( صدفة ؟! ) 
جيرالد شرويدر عالم إسرائيلي مؤلف أفضل الكتب مبيعاً في مجال العلم والدين وهو بعنوان " علم الإله The Scince of God " علّق على تجربة قام بها المجلس الوطني البريطاني للفنون ، حيث تم وضع كمبيوتر في قفص بداخله ستة قرود ، وبعد شهر من العبث به بالإضافة لاستخدامه كمرحاض أنتجت القرود خمسين صفحة مكتوبة ولكن دون كلمة واحدة ! 
إن كانت هذه هي النتيجة بالرغم من أن الكلمة باللغة الإنجليزية يمكن ان تتكون من حرف واحد فقط ( I , A ) ، فالحرف A يمكن أن يصبح كلمة فقط عندما يكون هناك مسافة عن يمينه وعن يساره ، فإذا كان هناك ثلاثون حرفاً ورقماً على لوحة المفاتيح فإن إحتمال الحصول على كلمة مكونة من حرف واحد هو ٣٠× ٣٠ × ٣٠ يساوي ٢٧،٠٠٠ . بعد ذلك قام شرودر بتطبيق قوانين الاحتمال على قصيدة السونيتة sonnet لشكسبير  ، وتسائل شرودر : ما هو إحتمال الحصول على القصيدة ، كل بيت من أبيات القصيدة مكون من نفس العدد من الحروف ، والقصيدة مكونة من ١٤ بيت ، وقد أخترت القصيدة التي تبدأ بجملة " Shall I compare thee to A summer's day " . وقمت بحساب عدد الحروف فكان عددها ٤٨٨ حرفاً . ما هي إحتمالية أن تعبث على لوحة المفاتيح لتكتب ٤٨٨ حرفاً بنفس تعاقب هذه الجملة ؟ النتيجة هو ١٠ أس ٨٠ ، وهذا الرقم هو ١ مع ٨٠ صفر بعده ، ١٠ أس ٦٩٠ هو ١ مع ٦٩٠ صفر بعده . لا يوجد جسيمات في الكون كافية لتدوين المحاولات . عدد الجسيمات في الكون ليس حبات من الرمل ، فنحن نتكلم عن بروتونات والكترونات ونيترونات ، إذا أخذت الكون بأكمله وحولته شرائح كمبيوترية ، يزن كل منها ١ من المليون جرام ، وكانت قدرة كل شريحة على الأختيار من بين ٤٨٨ محاولة خلال جزء من المليون من الثانية لاختيار رقم عشوائي ، فإن عدد المحاولات الناتجة منذ بدأ الزمان سوف تصبح ١٠ أس ٩٠ ، وببساطة لن تستطيع أبداً أن تنتج قصيدة السونيتة بالصدفة . 
هذا يتطلب أن يكون الكون أكبر بمقدار ١٠ أس ٦٠٠ ، في حين أن العالم يتوقع أن القرد يستطيع عمل ذلك .
فمثلاً السير " فرِد هويل Sir Fred Hoyle " يرجح في كتابه " الكون الذكي The Intelligent Universe " أن الفكرة القائلة بأن الحياة نشأت من تحرك الجزيئات حركة عشوائية " تماثل في سخفها واستحالتها القول بأن هبوب إعصار على ساحة خردة يَنتج عنه تكوين طائرة بوينج ٧٤٧ " وقد حسب احتمالية نشأة الحياة على هذا النحو فوجد أنها واحد على عشرة مرفوعة لأس أربعين ألفاً ، يعني واحد وبجانبه أربعين ألف صفر .
الشعور بالدهشة لإدراك هذه الحوادث دفع العديد من العلماء اللا أدريين إلى الميل نحو اللاهوتية . في كتابه " الإله وعلم الفلك " كتب عالم الفزياء الفلكية " روبرت جاسترو " الفقرة التالية : " في هذه اللحظة يبدو أن العلم عاجز عن إزاحة الستار عن غموض الخلق . بالنسبة للعالم الذي تعود على الخطوات المنطقية يبدو وكأن قصة الإنفجار الكبير تنتهي كحلم مزعج . لقد تسلق جبال من الجهل ، وعندما وصل إلى الصخرة الأخيرة باتجاه القمة تم الترحيب به من قبل اللاهوتيين الذين يجلسون هنا منذ قرون " .
هذه كانت محاولة لشرح عدم جدوى إلقاء خلق الكون على كاهل الصدفة ، كما تصطدم الصدفة مع القوانين الفيزيائية .
وفقاً لقانون نيوتن الأول للحركة :
يظل الجسم في حالته الساكنة ( إما السكون التام أو التحرك في خط مستقيم بسرعة ثابتة ) ما لم تؤثر عليه قوة خارجية تغير من هذه الحالة .
قانون الديناميكا الحرارية الأول :
ينص القانون على أن الطاقة / المادة لا يمكن أن تفنى أو تستحدث من عدم .
لا يُمكن أن نخلق الطاقة أو ندمرها ( أي أنه لابد أن تكون الطاقة أو المادة موجودة ولابد أن يكون لها مصدر ثابت أي أن هذا القانون لا يُنكر عقيدة الخلق - أي خلق المادة بواسطة شيء خارجها " الله " ولكنه يُنكر أن المادة والطاقة نشأت من تلقاء نفسها ) 
قانون الديناميكا الحرارية الثاني :
ينص القانون على أن كمية الطاقة المستخدمة في الكون تنضب وتفنى وأنها تتحول من شكل من أشكال الطاقة المستخدمة إلى شكل من أشكال الطاقة غير المستخدمة ، والتي نسميها ( الفوضى المتزايدة  ) لأن العالم أجمع آخذ في التباطؤ بسبب الحاجة المتزايدة للحفاظ على الطاقة .
مراحل تكون الأرض

بعد الانفجار الكبير تمدد الكون وانخفضت درجة الحرارة وبدأت الذرات والجزيئيات تتشكل . وبدأت المادة تلتئم إلى مجرات بفعل قوة الجاذبية . واكتسبت حركة دائرية ، وفي نهاية المطاف ، نتج عن ذلك شكل حلزوني للمجرات كما هو الحال مع مجرتنا . وضمن هذه المجرات تشكل مركب من الهيدروجين والهليوم وارتفعت كثافته ودرجة حرارته . وفي نهاية المطاف حدث الاندماج النووي ، عملية اندماج أربع ذرات من الهيدروجين لتشكيل طاقة وذرات الهليوم مما يوفر وقوداً للنجوم . النجوم الكبيرة تحترق سريعاً ، وأثناء احتراقها ينتج في محورها عناصر أكثر ثقلاً مثل الكربون والأكسجين .وفي بداية الكون تظهر هذه العناصر فقط في محور المجرات المحترقة ، ولكن مجموعة من هذه النجوم  تتعرض لانفجارات هائلة تسمى " السوبرنوفا " لتقذف عناصر أكثر ثقلاً إلى الغاز الموجود في تلك المجرات . يعتقد العلماء أن شمسنا لم تتكون في الأيام الأولى من تكون الكون ، بل تكونت في المرحلة الثانية أو الثالثة من تكون النجوم عبر عملية التحام داخلية . وأثناء ذلك أفلتت من عملية الاندماج كمية قليلة من العناصر الثقيلة الموجودة في الجوار وتكون نجم جديد ، وبدلاً عنه تكونت كواكب تدور حول شمسنا ، بما في ذلك كوكبنا ، والذي لم يكن صالحاً للعيش في الأيام الأولى ، لأنه كان شديد الحرارة مع حدوث انفجارات هائلة متكررة ولكن الأرض بدأت تبرد تدريجياً وطورت غلاف جوي وأصبح الكون ملائماً للعيش ، ثم بعد فترة أصبح زاخراً بالحياة

السجل الأحفوري
تشير الأدلة الحالية إلى أن الأرض ظلت جرداء حتى قبل حوالي ٤٠٠ مليون سنة ، حين ظهرت النباتات على اليابسة مستمدة وجودها من أشكال الحياة المائية ، بعد ما يقرب من ٣٠ مليون سنة على نحو التقريب ، انتقلت الحيوانات إلى اليابسة ، وفي هذه المرحلة يوجد فجوة في السجل الأحفوري ، هناك عدد قليل من الأشكال الانتقالية بين المخلوقات البحرية والبرية رباعية الأرجل في السجل الأحفوري ، بداية من ٢٣٠ مليون سنة هيمنت الديناصورات على الأرض ، وانقرضت أثر اصطدام كويكب كبير بالأرض في المكسيك في محيط ما يعرف الآن بجزيرة يوكاتان ، نتج عن هذا التصادم تغيرات مناخية كارثية التي نتجت على ما يبدو من كمية الغبار الهائلة في الغلاف الجوي ، (تم التعرف على الغبار الدقيق الذي نتج عن التصادم في أجزاء مختلفة من العالم) ، قبل ما يقرب من ٦٥ مليون سنة ، مما أدى إلى انقراض الديناصورات وارتفاع فرص وجود الثديات ، تم اكتشاف عظام أكثر من اثنتي عشرة نوع من أنواع اسلاف الإنسان ( نوع من القرود) المختلفة في أفريقيا ، مع ملاحظة وجود زيادة مطردة في حجم الجمجمة . تم اكتشاف أول العينات في تاريخ الإنسان قبل ما يقرب من ١٩٥٠٠٠ سنة تقريباً ، يبدو أن الفروع الأخرى التي تطورت من اسلاف الإنسان واجهت طريقاً مسدوداً ( انقرضت ) ، البشر البدائيون الذين كانوا موجودون في اوروبا قبل ٣٠٠٠٠ سنة ، وحديثاً تم اكتشاف "الهوبيت " وهو عبارة عن مخ صغير لأناس عاشوا في جزيرة فلوريس في اندونيسيا حتى انقرضوا منذ ما يقرب من ١٣٠٠٠ سنة ، ولكن بحسبة بسيطة لا يمكن أن يتعدى عمر الإنسان أكثر من السبعة آلاف عاماً ، فلو قلنا أن العائلة الواحدة تنجب في المتوسط ثلاثة أبناء وقمنا بضرب هذا الناتج في أعداد السنوات التي يريد الأحفوريين والجيولوجين أعطاءها للإنسان على كوكب الأرض مع خصم نسبة أكبر للوفيات جراء الحروب والأوبئة سيكون تعداد البشر أكبر بكثير مما هو عليه الآن ، فليس المشكلة أن تضع نظرية ولكن المشكلة ألا تتعارض نظريتك مع المعطيات والنتائج وهو ما تم مع نظرية التطور ، وليس المشكلة مع تطور الأحياء ولكن مع ربط البشر بالحيوانات ففي سفر التكوين كما سنرى حين يأتي وقته ، أمر الرب أن تفيض أنفس حية ولكن عند الإنسان قام بخلقه منفرداً ، وهذا ما يميز سلالة البشر ولو تشابهنا مع باقي الأحياء في أمور أخرى .
ثم نأتي إلى نظرية التطور .
مؤسس هذه النظرية هو: تشارلز داروين نشر كتاب بعنوان أصل الأنواع "the origin of species" عام 1859 تذهب هذه النظرية: إلى أن جميع الأنواع تنحدر من سلف مشترك من خلال التغيرات الصغيرة التي تراكمت على مدى فترة طويلة من الزمن. داروين لم يحاول الإجابة عن السؤال : كيف ظهرت أول خلية حية؟
لم يقدم دليلا قويا لإثبات هذا الإدعاء . بل كان هو نفسه على بيّنة من الحقائق التي تبطل نظريته إعترف بهذه الحقائق في فصل من كتابه" مشاكل النظرية" .
"difficulties of the theory" P.133 CHAP VI وكان امل داروين في أنه يوما ما مجموعة من الإكتشافات العلمية الجديدة ستحل هذه الصعوبات
لكن في الواقع تقدم العلم دحض إدعاءات داروين واحد بعد الآخر وهذا ما سنعرضه لاحقا. إذن أول طرح قدمه هو أن جميع الأنواع تنحدر من سلف مشترك. الفهم البدائي للعلم في عصر داروين يفترض بنية بسيطة جدا للحياة، في الواقع هذا نتيجة لنظرية تسمى "التوليد العفوي" بحيث اصبحت ذات شعبية كبيرة
منذ العصور الوسطى إعتقد علماء الأحياء في ذلك الوقت أن الكائنات الحية يمكن أن تنشأ بسهولة من مادة غير حية. كان الإعتقاد أن الضفادع تنشأ بعفوية من الطين والحشرات من المواد الغذائية المتروكة وأجريت تجارب غريبة لإثبات ذلك بحيث تركوا حفنة من القمح على قطعة قماش فظهر السوس ! وكذلك ترك جزء من اللحم في وعاء مغلق فظهرت بعد مدة ديدان في ذلك اللحم وتجارب أخرى أقل ما يقال عنها أنها تجارب غير علمية وبذلك اكدوا أن الحياة يمكن أن تنشأ من مادة غير حية !!
 في عصر داروين كان الإعتقاد أنه يمكن أن تتولد الميكروبات من مادة غير حية ، مسألة شائعة وعلى نطاق واسع بعد خمس سنوات من نشر كتاب "أصل الأنواع" دحض عالم الأحياء الفرنسي لويس باستور علميا وعمليا هذه الخرافة "المادة لا يمكن أن تنظم نفسها وحدها، اليوم لا يمكن لأحد أن يقول بأن الكائنات المجهرية ظهرت في عالمهم من دون آباء ثم جاء التطوري الأول في القرن العشرين الذي تناول منشأ الخلية الروسي أوبارين وكان هدفه محاولة تفسير إمكانية ظهور الخلية الحية الأولى التي هي السلف المفترض لجميع الكائنات الحية وفقا لنظرية التطور. قام أوبارين بصياغة عدد من النظريات لإظهار كيف يمكن ظهور أول خلية حية عن طريق الصدفة من مادة غير حية وعلى الرغم من كل المجهودات إنتهت هذه الأبحاث بالفشل واعترف : " لسوء الحظ، فإن أصل الخلية لا يزال المشكل الأكثر ضبابية في نظرية التطور" Alexander oparin (origin of life P.196) أجرى أنصار التطور بعد أوبارين التجارب لإيجاد تفسير تطوري عن أصل الحياة وقام بها الصيدلي الامريكي ستانلي ميلر في 1953. حصل ميلر على بعض الجزيئات العضوية البسيطة عن طريق إحداث تفاعل بين الغازات، والتي ادعى أنها كانت موجودة في الغلاف الجوي البدائي للأرض. تمكن ستانلي من الحصول على بعض الأحماض الأمينية بإرساله صدمات كهربائية داخل غاز الميثان ، صحيح أن الأحماض الأمينية ليست حية غير أن البروتينات تتكون من أحماض أمينية  في ذلك الوقت أخذت هذه التجربة كدليل على نظرية التطور لكن في واقع الأمر لم تكن كذلك لأنه في وقت لاحق تم إكتشاف أن الغازات التي استخدمت في التجربة كانت مختلفة عن الغازات التي كانت موجودة في الغلاف الجوي البدائي للأرض. ميلر نفسه اعترف في وقت لاحق عدم صحة تجربته. وبذلك كل المحاولات التي أجريت من قبل أنصار التطور باءت بالفشل لإنتاج خلية من عناصر كيميائية عن طريق الصدفة.
 جيفري بايدا استاذ الكيمياء الجيولوجية وواحد من أكبر المدافعين عن نظرية التطور صرح لمجلة "Earth" في فيفري 1998: "اليوم نصل إلى القرن الحادي والعشرون ونحن حتى الآن لم نحل المشكلة التي أثيرت في أوائل القرن العشرين وهي كيف بدأت الحياة على الأرض" اكبر عقبة ضد التطور هو التعقيد المروّع لبنية الخلية الحية كل شيئ حي على وجه الأرض يتكون من خلايا حجمها 1/100 ملمتر وتتكون بعض الكائنات الحية من خلية وحيدة لكن حتى هذه لديها تكوين معقّد للغاية ووظائف متطورة ومعقّدة جدا من أجل البقاء على قيد الحياة في عصر داروين كانت هذه البنية المعقدة غير معروفة مع استعمال مجهر بدائي بحيث ظهرت الخلايا مجرد بقع صغيرة وبعد اختراع المجهر الإلكتروني في منتصف القرن العشرين ظهر لنا التعقيد الحقيقي المذهل والتنظيم داخل الخلية الحية. وكشف لنا أن هذا التعقيد بأي حال من الأحوال لا يمكن أن يكون نتاج الصدفة بحيث أنها تتألف من مئات من الاجزاء الصغيرة جدا ويجب أن تكون مع بعضها في وقت واحد وتعمل في تناغم وتوافق دقيق جدا يعجز العقل عن تصوره. بحيث أن الخلية تحوي: محطات طاقة مصانع قاعدة بيانات معقّدة جدا نظم تخزين ضخمة مصافي متطورة غشاء خلية يسيطر على ما يدور داخل الخلية ومن أجل بقاء هذه الخلية حية يجب أن تكون هذه الأجزاء موجودة في وقت واحد وتعمل معا !!! ولذلك فمن المستحيل أن نظاما معقدا كهذا يمكن أن يبرز من خلال المصادفات!
وهذا يشكل الفكرة الرئيسية لكتاب مايكل بيهي " الصندوق الأسود لداروين " بيهي المتخصص في علم الجراثيم من جامعة لوهاي ، يشير إلى بعض الأنظمة داخل الخلية ، من صنف آليات تخثير الدم أو الأشكال الأشبه بالشعرة والمعروفة بالأهداب ، وهي كناية عن آلات مجهرية معقدة فوق كل تصور ، ويلزمها لكي تعمل ، أن تكون جميع أجزائها حاضرة وجاهزة للعمل . لذا ، لا يمكن أن تتطور جزئياً وتدريجياً . بيهي ، وبعد مراجعته للآلاف من المقالات العلمية المتعلقة بهذه الأنظمة ، اكتشف كيف أن لا شيء تقريباً كُتب عن الطريقة التي بها كان بإمكان هذه الأنظمة المعقدة وغير القابلة للتبسيط ، أن تتطور بفعل التحولات العشوائية والانتقاء الطبيعي .
 ولذلك قام بعض الباحثين بطرح تساؤل ومحاولة الإجابة عنه وهو: ماهو إحتمال أن بروتين واحد (البروتينات هي العناصر الأساسية ..لحياة الخلية ) يخرج عن طريق الصدفة من الأحماض الآمينية التي تتفاعل مع بعضها البعض في محلول ما يحتوي عليها ولنقل أن لدينا من الوقت مليار سنة لإتاحة هذه الفرصة ؟ فماهو هذا الإحتمال لإنتاج بروتين واحد فقط؟ الدكتور "دوغ إكس" قام بالبحث طويلا في هذا التساؤل .. لقد كان مجاله العلمي "البيولوجيا الجزيئية" دكتوراه من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا عمل 14 عاما في جامعة كامبريدج أراد معرفة إحتمال وجود تسلسل احماض آمينية وظيفية والمسمى بالبروتين بين كل الامزجة ( جمع مزيج ) الممكنة من الأحماض الآمينية وقد وجد بأن هذا الإحتمال يقارب: 1 على 10 أس 74

ولكن هناك عقبات أخرى ينبغي التغلب عليها لأن الكيمياء تخبرنا بأنه لو اردنا بناء بروتين يجب ان تكون الأحماض الآمينية مرتبطة جنبا إلى جنب عن طريق روابط ببتيدية "Peptide bond" في الطبيعة هذه الروابط تحصل مرة من اصل مرتين وإن كان لدينا رابط واحد غير ببتيدي فإنه لا يمكننا الحصول على بروتين . إذن لتشكيل بروتين واحد من 150 حمض آميني طويل لدينا فرصة1 من اصل إثنان 2 على كل جانب للحصول على الرابط المناسب أي : 2 رفع او أس 150= 10 أس 45 المشكلة الثانية أنه من اجل الحصول على بروتين وظيفي عن طريق الصدفة وجب إستعمال حمض آميني يساري التناظر وهي الوحيدة التي يمكن إستخدامها إذن لدينا فرصة 1 من أصل إثنين 2 في كل 150 حمض آميني : أي 2 قوة أو أس 150 = 10 أس 45 ومنه : فرصة واحدة من اصل 10 أس 164 هل تعلم مدى ضخامة هذا العدد ؟؟! مهول هل تعلم أن هناك 10 أس 16 ثانية منذ بداية الكون حسب نظرية الإنفجار !!! 
 الحمض النووي ..
كشفت الكيمياء الحيوية الحديثة مدى تعقيد لا يمكن تصوره في تصميم جزيئ الحمض النووي. تم إكتشاف الحمض النووي المزدوج الحلزون من قبل إثنين من العلماء هما: -جيمس واتسون -فرانسيس كريك عام 1953 م النتائج التي توصلا إليها تثبت أن الحياة أكثر تعقيدا بكثير مما كان يتصوره العلماء سابقا حاز الإثنان على جائزة نوبل عام 1962 في علم وظائف الأعضاء. فرانسيس كريك: "هيكل مثل هذا (الحمض النووي) لا يمكن أن ينشأ عن طريق الصدفة" هل فعلا هذا الهيكل نتج عن طريق الصدفة أو عن طريق إجتماع عناصر طبيعية متناسبة ليتشكل لنا هذا الهيكل ؟!! دون تدخل أي قوة عاقلة ذكية ! ففي نظر فرنسيس كريك إن أصل الحياة على الأرض " يوشك أن يكون معجزة " ولكنه بدلاً من أن يقر بخالق للكون قال بأن أشكال الحياة وصلت الأرض من الفضاء الخارجي ، إما عبر جزيئات صغيرة عائمة عبر الفضاء بين النجوم وتقع تحت تأثير جاذبية الأرض أو أن ذلك تم بشكل مقصود أو غير مقصود من قبل بعض المسافرين القدماء الآتين من الفضاء .
الشفرة الوراثية هي أخر ما سنبينه 
تتكرر الرسالة الوراثية في الحمض النووي في النسخ المتماثلة ، يتم نسخها من الحمض النووي إلى الحمض الريبوزي rna . بعد هذا تتم ترجمة الرسالة ونقلها من الحمض النووي الريبوزي إلى الأحماض الأمينية، وأخيراً يتم تجميع الأحماض الأمينية إلى بروتينات . يتم التنسيق بين الهيكلين الأساسيين لمعالجة المعلومات والنشاط الكيميائي في الخلية عن طريق شفرة وراثية عالمية  ، هذه الشفرة هي ما تجعل الكائن الحي هو ما هو عليه فقد تشترك جميع الحيوانات في تشابه جيني ولكن كل سلالة تتطابق مع نظيرتها فقط ١٠٠% . فقد نتشابه في جيناتنا مع الفأر أو الشامبنزي ولكن لكل منا تسلسل جيني يميزه .
وعندها يبرز السؤال الأصلي إلى الواجهة وهو " كيف يمكن للمعلومات ذات المعنى أو الدلالة أن تنبثق بصورة فورية من مجموعة من الجزئيات غير العاقلة الخاضعة لقوة عمياء وفاقدة الهدف ؟! وهذا ما يمثل تحدياً فكرياً عميقاً للعلماء والفلاسفة ورجال الدين على حد سواء .

الجزء السادس سنبحث في الإنسان الذي يشترك جينياً مع الفأر والقرد وروحياً مع الملائكة والشياطين .

أقرأ أيضا الجزء السادس الإنسان تاج الخليقة

أقرأ أيضاً الجزء الأول من هو داروين 

أقرأ أيضاً الجزء الثاني  الرؤية الدينية عند داروين

أقرأ أيضاً الجزء الثالث استخدام النظرية لأغراض شخصية

إرسال تعليق

0 تعليقات

Close Menu