Ad Code

اللغة القبطية ... الجزء الثالث الآثار الأدبية


حروف اللغة القبطية 


١ - ترجمة الكتاب المقدس من اليونانية إلى القبطية
ومع صعوبة هذا العمل فإن الترجمة القبطية تعد من أدق الترجمات ، وترجمة الكتاب المقدس تحتل المكان الأول في أدبيات اللغة القبطية .
ويظهر أن الكتاب تُرجم كاملاً إلى اللهجتين البحيرية والصعيدية . ولكن الذي عثر عليه حتى الآن ( زمن كتابة البحث 1951 ) من العهد القديم في البحيرية هو خمسة أسفار موسى ، وأيوب وأمثال ( ناقص ) والمزامير والنبوات الصغار والكبار ، وقد طُبعت كلها ، وفقرات بسيطة من الأسفار الأخرى . وفي الصعيدية عثر على فقرات غير كاملة من كل أجزاء الكتاب المقدس نشرها العلماء ، كما عثر على اسفار كاملة ، وهي المزامير والأمثال وقد طبعا ، وسفر صموئيل " الملوك " وأشعياء " في مجموعة مورجان " ولم يطبعا بعد . وفي الأخميمية عثر على النبوات الكبار وطبعها W.C.Tell سنة 1927 م .وفي الفيومية عثر على فقرات قليلة . أما العهد الجديد فأنه كامل في اللهجتين البحيرية والصعيدية ، وطبع بهما عدة مرات . كذلك عثر على أنجيل يوحنا بالإخميمية الفرعية ، وطبعه طومسون سنة 1924 م، وعلى فقرات قليلة من العهد الجديد بالفيومية طبعت بالمعهد العالي للآثار الشرقية بالقاهرة .
2 - كتب الابو كريفا 
وهي الاسفار الغير مقبولة في الكنائس المسيحية كلها ( غير الأسفار القانونية الثانية ) ، وأغلبها بالصعيدية وجزء منها بالأخميمية .
3- كتب الغنوسية 
وتشتمل على آراء وتعاليم الغنوسيين وهم شيعة ظهرت في بدء المسيحية ، وكان اعتقادهم لا يتفق مع اعتقاد المسيحية ، فكانوا يعتقدون أن المعرفة هي الوسيلة الوحيدة للخلاص دون الإيمان ، وأن ما ينسب للسيد المسيح من المعجزات والاعمال أمثلة رمزية . وهي من الكلمة اليونانية "ج ن و س ي س" = معرفة . 
وقد نشر من هذه التعاليم Pistis Sophia طبعة اميلينو سنة 1895 م ، واشمت Schmidt بالقبطية سنة 1920 م . وضبط الترجمة هورنر Horner وطبعها سنة 1924 م ، وأغلب هذه الكتب بالصعيدية وبها أجزاء بالاخميمية .
ويوجد بالمتحف القبطي مجموعة قيمة من البردي من كتب الغنوسية ، وتعتبر هذه المجموعة من أثمن المجموعات في نوعها 
4 - آداب الكنيسة
وتشمل آداب الكنيسة على تراجم الآباء التي ترجمت إلى القبطية ، ثم أعمال الشهداء وسير الآباء الرهبان المشهورين ، وقوانين الرهبنة ، وكتب كثيرة عن الطقوس الكنسية وضعت أصلاً بالقبطية ، من بينها " بستان الرهبان " الذي تُرجم فيما بعد إلى اليونانية فالسريانية فاللاتينية فالعربية ، ثم إلى اللغات الأوروبية . ويقول مالون " من بين المنظومات القبطية الثاؤطوكيات Theotokia ولها مكانة عظمى في الآداب القبطية " 
5 - التاريخ والمعاملات 
من آثار الآداب القبطية نصوص تتعلق بالتاريخ والقوانين والعقود والبيع أو الميراث وبالرسائل والصكوك ، ومنها ما يختص بالضرائب أو التجارة ، كما أن هناك نصوصا دينية ( وثنية ) تتصل بالفلك والسحر والطب . 

2 - ترجمة الكتب القبطية 
كان العهد القديم قد تُرجم بمدينة الأسكندرية ، وقام بترجمته من العبرانية إلى اليونانية اثنان وسبعون حبراً من أحبار اليهود ، بناء على طلب بطليموس فيلادلفس ، وذلك سنة 282 أو 283 قبل الميلاد . ولما عمت المسيحية البلاد ، بادر صفوة المصريين ممن كانوا يجيدون اليونانية بجانب القبطية إلى ترجمة الكتب المقدسة ، ونقل المصنفات التاريخية واللاهوتية من اليونانية إلى القبطية بلهجاتها المختلفة ليتسنى للأقاليم المختلفة الافادة منها . وكانت الاديرة والكنائس حافلة بهذه الكتب باللغتين اليونانية والقبطية ، ولم يمر القرن الثالث حتى كان الكتاب المقدس بأكمله مترجماً إلى اللهجات القبطية الرئيسية . كما أن كل المؤلفات تمت ترجمتها قبل المجمع الخلقيدوني ( 451 م ) إذ بعده لم يهتم الأقباط بالآداب الكنسية .
ونذكر هنا ما ورد في " مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين " _ طبع بيروت سنة 1886 _ صفحة 23 ، عند ذكر تراجم الكتاب المقدس ، قال : 
" أن الترجمة الأولى هي السبعينية والثانية السريانية " وعن القبطية يقول : " الثالثة الترجمة المصرية ، وكان أهل مصر لقربهم من اليهودية قد سمعوا الأنجيل بعد المسيح بزمان يسير ، وكانت اللغة المستعملة حينئذ في مصر هي اللغة القبطية وهي مُركبة من اللغة المصرية القديمة واليونانية ، ويُظن أن العهد القديم تُرجم إليها من الترجمة السبعينية في القرن الثاني أو الثالث بعد المسيح وعلى كل حال لابد أن ذلك كان قبل القرن الخامس ، والعهد الجديد بين الثالث والخامس . 
والمأثور عن العلامة بنتينوس رئيس المدرسة اللاهوتية بالأسكندرية الذي عاش في أواخر القرن الثاني بعد الميلاد ، أنه تمكن من ترجمة الكتاب المقدس من اليونانية إلى القبطية بمساعدة تلاميذه وعلى رأسهم اكليمنتس الاسكندري " .
ومما يثبت صحة ذلك ما ورد في سيرة القديس أنطونيوس الذي ولد في سنة 250 م ، من أنه لما بلغ الثامنة عشرة دخل الكنيسة ، ولم يكن يعرف سوى اللغة القبطية ، وسمع القارئ يتلو الآية القائلة : " إن أردت أن تكون كاملاً فأذهب وبع أملاكك واعط الفقراء" ( مت 19 : 23 ) ، وفي اليوم التالي سمع القارئ يتلو الآية " لا تهتموا للغد " ( مت 6 : 34 ) ، فذهب من فوره وعمل بما فيها وباع ممتلكاته ووزعها على الفقراء ، وأعتزل الصحراء وأسس الرهبنة . 
وهذا يدل على أن الكتاب المقدس كان يُتلى في الكنيسة في ذلك الحين _ أي في القرن الثالث _ بالقبطية التي كانت لغة الأهلين . وجاءت المخطوطات القديمة التي اكتشفت حديثاً تؤيد ذلك .
وأنبا أنطونيوس نفسه كتب رسائله وتعاليمه العشرين باللغة القبطية الصعيدية . يؤيد ذلك العبارة الآتية الواردة بمخطوط رقم 88 طقس بالمتحف القبطي بآخر هذه الرسائل : " أن الرسائل والتعاليم التي للقديس أنطونيوس تُرجمت من اللسان الصعيدي إلى اللسان العربي في آخر سنة 986 للشهداء ( 1270 م ) بديره المعروف ببرية العربة " .
وقد نشر الدكتور بورمستر Burmester فصولا من العهد القديم تتلى في الكنيسة القبطية في الصوم الكبير وأسبوع الآلام وذكر أنه لما راجعها على النسخة اليونانية وجد بها اختلافاً وزيادات تجعله يظن أن هذه الفصول ترجمت عن النسخة اليونانية الأصلية التي كانت مستعملة في مصر قبل زمن أوريجانوس ( 185 - 253 م ) ، والمعلوم أن أوريجانوس هو الذي راجع النسخة السبعينية وضبطها ، وقد يؤخذ هذا دليلاً آخر على أن الترجمة القبطية ترجع إلى آخر القرن الثاني أو أوائل الثالث الميلادي على الأكثر .
ويقول مالون : " أن الترجمة الصعيدية تُرجمت في القرنين الثالث والرابع وأن الترجمة البحيرية ترجمت في المدة ما بين القرن الخامس والسابع " .

3 - سبب استعمال اليونانية 
لما احتل اليونان البلاد سنة 320 ق م ، واصبحت اللغة اليونانية هي اللغة الرسمية للحكومة ، وبقيت القبطية لغة الأهالي . كان طبيعياً أن يقتبس الأقباط في لغتهم كثيراً من لغة الحكام .
وبعد زمن قصير أصبحت اليونانية في المدن الكبيرة لغة المتعلمين ، وكانوا يتعاملون بها ، وأما أهالي القرى فأنهم لم يغيروا لغتهم ولكنهم اقتبسوا كلمات كثيرة يونانية أُدخلت إلى لغتهم .
وقد ذكر مالون أن المسيحين استعملوت كلمات يونانية لأنهم لم يجدوا في القبطية اصطلاحات خاصة تعبر عن الآراء والمعتقدات الجديدة التي جاءت مع الديانة المسيحية ، ولأنهم كانوا يعتقدون أن تسمية الأشياء المقدسة تتدنس إذا ما اتخذت تسمية وثنية : مثلاً ، كلمة "ن ي ف ي" Nifi القبطية تعني " روح " أو "نفس" قد استبدلت بكلمة "ب ن و م ا " Benevma اليونانية دلالة على الروح القدس .
ويقول ورل في كتابه : " ولا شك أن اللهجات القبطية كلها استعارت كلمات يونانية ، وبعض هذه الكلمات كان قد استعير قبل القبطية ، كما أن بعضا منها جاء مع الارساليات التعليمية ، ولا يزال أثرها في المؤلفات التي تُرجمت من اليونانية " . ويعتقد الدكتور ورل أن استعمال الكلمات اليونانية في القبطية يرجع إلى كسل المترجم ، أو إلى شعوره بأفضلية الكلمات اليونانية ، أو إلى كراهيته لترجمة الاصطلاحات اللاهوتية .

انتظروا الجزء الرابع إضمحلال اللغة 

إرسال تعليق

0 تعليقات

Close Menu