Ad Code

الدلتا الجديدة ... حيث يصنع المصريين المستحيل



دأب المصريين منذ فجر التاريخ على عمل المعجزات في جميع المجالات ، فقد بنى أجدادنا الفراعنة منشأة ظلت طوال ما يربو على الأربعة ألاف سنة هي الأعلى في العالم ولم يكن لديهم ما يكفي من الإمكانيات التي تساعدهم على بناء هذا الصرح العملاق ، عن الهرم الأكبر اتحدث ، بنفس هذه الجينات وهذه العقلية وهذه الإرادة شرع المصري الحديث في غزو الصحراء ، فهو ليس في حاجة إلى مقبرة تخلد اسمه،  بل إلى أرض خصبة تؤمن له ما يحتاج من الغذاء وتكف يده عن استيراد ما ينقصه من السلع حتى لا يكون تحت ضغط سلاسل الإمداد أو في مهب كل تقلب سياسي في دول الخارج ولا يكون دائما في عوز لعملة صعبة للحصول على طعامه .
الأمن الغذائى وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) يتحقق حينما يـصبح لـدى جميـع الأفراد في جميع الأوقات القدرة الاقتصادية والاجتماعية للحصول على الغذاء الكـافي والآمـن بكامل عناصره الغذائية للوفاء باحتياجاتهم الغذائية من أجل حياة نشطة وصحية . وبذلك يتـضح أن مفهوم الأمن الغذائي مفهوم مركب له أبعاد متعددة ويرتبط بتوافر أربعة شروط
 :
١ - توافر الغذاء Availability Food :أي كيفية توفير الاحتياجات الغذائية، سـواء مـن المصادر المحلية أو الخارجية .
٢ - الاستقرار Stability Food :يشير الاستقرار إلى ضرورة وجـود مخزونـات غذائيـة لتوفر الغذاء في جميع الأوقات خاصة بالنسبة للسلع الإستراتيجية وفي مقـدمتها الحبـوب الغذائية لتجنب الصدمات المفاجئة (مثل الأزمات الاقتصادية أو المناخية أو الحـروب أو الثورات...الخ)، أو الأحداث الدورية (مثل انعدام الأمن الغذائي الموسمي).
٣ - الحصول على الغذاء Accessibility Food :ويرتبط بحصول جميع الأفراد على كمية متكاملة من الغذاء الملائم في جميع الأوقات، ويتضمن هذا الشرط القوة الـشرائية أو مستوى الدخل الحقيقي بالنسبة للقادرين على الكسب، كما يتضمن أيضا العون الغـذائي لغير القادرين على الكسب. ويشمل أيضا تكامل الأسواق وسهولة والوصول إليها.
٤ - الغذاء الآمن Safety Food :يشير الشرط الرابع إلى نوعية وسلامة الأغذية، ونوعيـة المياه والنظافة العامة والذي تعرفه منظمة الصحة العالمية بأنه جميع الظروف والمعـايير الضرورية خلال عمليات إنتاج وتصنيع وتخزين وتوزيع وإعداد الغذاء اللازمة لـضمان أن يكون الغذاء آمنًا وموثوقًا به وصحيا وملائما للاستهلاك الآدمي.
ربما لو توافرت الإمكانيات،  لم يكن ما يفعله المصري اليوم ذا قيمة ، ولكن في السطور القادمة سأبهرك عزيزي القارئ بأن المصريين يصنعون المجد من لا شئ حرفياً ، وأنا لا أتحدث عن كمية قليلة من الأفدنة،  بل عن 2.2 مليون فدان ، اثنان مليون ومائتين ألف فدان وسأرجع بك قليلاً إلى الوراء حتى نرى هل على أرض الواقع لديك ما يساعدك على امتلاك مثل هذه المساحة أم لا ، وهي على أقل تقدير 23% من مساحة الأرض المنزرعة في القطر المصري كافة ، ولن نبعد كثيرا بل إلى العام 2018 .
الموقف المائـــي لمصر 
يتسم الموقف المائي المصري بالهشاشة الشديدة إذ تعاني مصر من محدودية الموارد المائية ولا تتجاوز كمية الموارد المائية العذبة 59.6 مليار متر مكعب منها 55.5 مليارا حصة مصر من النيل ، و4.1 مليارات مياه جوفية وأمطار. 
في هذا الموقف الهش يبلغ نصيب الفرد من المياه 600 م3 سنويا أي ما يمثل 60 % فقط من خط الفقر المائي العالمي إذ ينبغي أن يكون نصيب الفرد 1000 م3 حتى يكون في أمان ، أما بالنسبة لمصر فهو أكثر اقترابا من خط الفقر المدقع والذي يبلغ 500 م3 للفرد سنويا وهذا يكشف عن علاقة مختلة بين المياه وعدد السكان ، إذ تنطوي على مضامين سلبية كثيرة سواء فيما يتعلق بالإنتاج الزراعي أو بقدرة القطاع على تحمل الصدمات الخارجية،  ويعد اختلال العلاقة بين كمية المياة وعدد السكان هي المشكلة الأحد خطرا على الإنتاج الزراعي فنسبة العجز تصل إلى 20 مليار متر مكعب سنويا وهذا ما يدفع الحكومة لإعادة تدوير المياه لاستكمال احتياجات الري البالغة 60 مليار متر مكعب سنويا .

أين نزرع طعامنا 

في الحكومات السابقة شرع المصريين في البناء الجائر على الأرض الزراعية مما تسبب في تآكل مساحة الأرض الصالحة للزراعة بشكل كبير وتوجه الدولة بشكل مفجع لإستيراد احتياجتنا من الخارج حتى أصبحت مصر التي كانت يوما سلة الغذاء للعالم إحدى الدول المستوردة الصافية للغذاء Country Importer Food-Net ، وأصبحت تستورد جميع السلع الغذائية الأساسية وتصدر فقط الخضر والفاكهة،  وهي تستورد 60 % من غذائها ( فجوة صافية ) إذ تستورد عشرة ملايين طن قمح تمثل 58% من استهلاكها الكلي و 50 %مـــن الـــذرة، و87 %مـــن زيـــت الطعـــام، و30% مـن السـكر، و90 %مـن الفـول، و99 %مـن العـدس،و49 %مــن اللحــوم الحمــراء، و15 %مــن الأســماك .
ربما تسائلت يوما عن النفع من كمية الطرق الكبيرة التي قامت الدولة بوضعها على خريطة الشبكة القومية للطرق والكباري،  ألاف الكيلو مترات التي تقطع الصحاري وتربط مدن ببعضها شرقا بغربا وشمالا بجنوبا،  طرق متسعة وقوية قادرة أن تتحمل مرور عربات النقل الثقيل ، ربما لأنك لا ترى الصورة كاملة عزيزي القارئ ، فلولا شبكة الطرق هذه ما وجدت اليوم الأراضي الزراعية التي تؤمن الغذاء للغد . فمشروع المليون ونصف فدان يقع في الفرافرة و غرب كوم امبو و غرب المنيا وهذا غير غرب غرب المنيا  والمغرة وشرق العوينات وجنوب شرق منخفض القطارة و توشكى وأبار توشكى ولولا شبكة الطرق القومية ما استطعت أن تصل إلى كل هذه المناطق، وتتـم بالمشـروع
زراعـة محاصيـل الغـذاء الأساسـية ومـن أهمهـا محاصيـــل الحبـــوب والمحاصيـــل الزيتيـــة بجانـــب الخضــر والفاكهــة ، كمــا تــزرع الأعلاف الخضــراء التـــي تربـــي عليهـــا الثـــروة الحيوانيـــة.

الاقتصاد القومى والظروف العالمية
نترك العام 2018 بأحصاءاته المحبطة ونذهب للأعوام 2019 و 2020 و2021 ، أغلاق عالمي لا سياحة لا تبادل تجاري لا استيراد لا تصدير ، كل الدول المصدرة امتنعت عن التصدير خوفا من أن تحتاج إلى السلع التي تنتجها ومن ضمنها مصر مما رفع في قيمة السلع وبعض السلع تضاعف ثمنها نظرا للطلب عليها مما جعل الدول النامية يتآكل الاحتياطي النقدي لديها وبعض الدول اقتربت من إعلان افلاسها ، ربما يتحسن الحال في 2022 ، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فقد قامت الحرب بين روسيا وأوكرانيا ، وهاتين الدولتين هما المصدرين الرئيسيين للقمح لمصر ، كما ارتفع سعر النفط عالميا وتوقفت السياحة جزئيا لاعتمادها على السياح الروس والأوكران بشكل كبير مما يعني قلة العملة الصعبة القادمة من الخارج .

هل يستسلم المصريين ؟ 
ربما حجب الإحباط قدرتنا على رؤية الواقع ولكن رغم جميع الصعوبات لازالت الدولة المصرية تقاتل ، والتي لم تعرف الهزيمة طوال تاريخها ، فمصر تمرض ولا تموت ، ولم تكتسب اسم القاهرة من فراغ ، ففي ظل كل هذه الظروف لازالت روح المصري تأبى الهزيمة تحت أي ظرف .
كيف واجهت الدولة المصرية نقص المياه 
واجهت الدولة المصرية نقص المياه على عدة أصعدة منها تبطين الترع واستخدام طرق حديثة للري مثل الري بالرش والري بالتنقيط ومحاولة التقليل قدر المستطاع من الري بالغمر،  كما قامت ببناء محطات لمعالجة المياه منهم محطة بحر البقر وهي محطة لإعادة تدوير المياه الأكبر عالميا وقد انتزعت اللقب من المحطة المكسيكية وتقوم مصر حاليا ببناء محطة في مدينة الحمام لتنتزع اللقب من محطة بحر البقر بطاقة 7.5 مليون م3 يوميا .

من أين أتت الدولة بالأراضي للزراعة .

أول كل شئ مشروع الصوب الزراعية ، ومشروع المليون ونصف فدان و400 ألف فدان في سيناء وغيرها وأهمهم على الإطلاق مشروع الدلتا الجديدة الذي تبلغ مساحته نحو 2.2 مليون فدان زراعي قابلين للزياده فى المستقبل والذي سيقوم بإضافة 30% مساحات زراعية جديدة من صافي أراضي الدلتا القديمة ويعمل على تعويض الفقد فى الأراضي الزراعية بسبب البناء الجائر ، ويساعد على تحقيق الأمن الغذائي لمصر ويحد من استيراد السلع الإستراتيجية، و يساعد على مواجهة متطلبات الزيادة السكانية للسلع الغذائية ، ويعزز إستراتيجية الدولة في مجال إنشاء مجتمعات زراعية جديدة بنظم إدارية حديثة ويوفر أنشطة متعلقة بالزراعة مثل أنشطة الثروة الحيوانية والداجنة والتصنيع الزراعي كما يضم مجتمعات صناعية تقوم على الإنتاج الزراعي ويساهم فى توفير الآلاف من فرص العمل للشباب
مشروع الدلتا الجديدة 

هـــو مشـــروع قومـــي للتنميـــة الريفيـــة المتكاملـــة تحــت مســمى مشــروع "الدلتــا الجديــدة"، والــذي يضـــم فـــي نطاقـــه مشـــروع مســـتقبل مصـــر للإنتـاج الزراعـي ، ويقـع فـي غـرب الدلتـا القديمـة ، ويهـــدف المشـــروع إلـــى إقامـــة مجتمعـــات عمرانيـــة متكاملـــة الخدمـــات، ومجتمعـــات صناعيـــة حديثـــة ويســـهم المشـــروع فـــي زيـــادة إنتـــاج المنتجـــات الغذائيـــة الطازجـــة والمصنعـــة ، والحـــد مـــن الفجـــوة الغذائيـــة، بجانــب توفيــر الآلاف مــن فــرص العمــل .
يتميز المشروع بموقعه الإستراتيجي بالقرب من الموانئ والمطارات ومنها ميناء الإسكندرية والسخنة ودمياط ومطاري غرب القاهرة وبرج العرب ، كما يرتبط بالطرق الرئيسية وشبكة عمران قائمة وجديدة منها مدينة السادات وسفنكس والسادس من أكتوبر ، أراضيه تصلح لزراعة جميع أنواع المحاصيل الزراعيه مثل محاصيـــل القمـــح، والـــذرة الصفـــراء، والفـــول البلـدي، وفـول الصويـا، وبنجـر السـكر، والأعلاف، وزراعـــة المحاصيـــل التصديريـــة والنقديـــة، مثـــل: الخضـــر والفاكهـــة، أو الصـــوب الزراعيـــة، التـــي ســـوف تقـــوم عليهـــا أيضـــا صناعـــات غذائيـــة تضيـــف قيمـــة مضافـــة، وتعمـــل علـــى توفيـــر فــرص عمــل دائمــة. ونظــرا لقــرب المنطقــة مــن القاهــرة مــن جهــة، وتوافــر الطــرق الجديــدة التــي يمكـن أن تصـل إلـى مينـاء الدخيلـة بالإسـكندرية، يمكـن تصديـر مثـل تلـك المنتجـات المصنعـة إلـى أوروبـــا، خاصـــة أن مصـــر تتمتـــع بميـــزة تنافســـية مرتفعـة لتلـك المنتجـات فـي الأسـواق الأوروبيـة.
من أين المياه للدلتا الجديدة 
أراضي الدلتا بعدما ترتوي من مياه النيل يتم تصريف الفائض إلى البحر المتوسط عن طريق مصرف يسمى الماكس وهي كمية كبيرة من مياه الصرف الزراعي تبلغ عشرة مليون متر مكعب يوميا ، تقوم مصر بعمل مشروع أقل ما يقال عليه أنه عملاق لإستغلال هذه المياه عن طريق نهر صناعي بطول 114 كيلو متر منها 22 كيلو متر أنابيب مغطاة بقطر 2200 مم و92 كيلو متر مثل نهر النيل ونقل هذه المياه إلى محطة معالجة الحمام لمعالجتها ثلاثيا ويقوم بالمشروع اتحاد من أربع شركات هم المقاولون العرب وأوراسكوم وحسن علام وأحمس ، كما سيتم استغلال مياه الجوفية التي تعتمد على مخزون المغرة لري الأراضي الواقعة على محور الضبعة 
ونظرا لأهمية المشروع فقد كلف السيد الرئيس بالانتهاء من المشروع خلال عامين فقط ، ووجه بدمج مراحل التنفيذ فى مرحلة واحدة وضغط الجدول الزمنى وسيتم الإنتهاء من المشروع في 2023 




أقرأ أيضا 






إرسال تعليق

0 تعليقات

Close Menu