Ad Code

الهيدروجين الأخضر : يضع مصر على خارطة صناعة طاقة المستقبل


وقّع الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والسيد جو كيزر، الرئيس التنفيذي لشركة سيمنس، اتفاق نوايا للبدء في المناقشات والدراسات لتنفيذ مشروع تجريبي لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر كخطوة أولى نحو التوسع في هذا المجال وصولًا إلى إمكانية التصدير

ما هو الهيدروجين الأخضر؟

هو الهيدروجين الذي يتم توليده من مصادر الطاقة المتجددة بواسطة عملية التحليل الكهربائي أو الكهرلة؛ حيث يستخدم تيار كهربائي لفصل ذرات الهيدروجين عن ذرات الأكسجين في جزيئات الماء، وعندما يكون التيار الكهربائي المستخدم من مصدر متجدد كالرياح أو الشمس تتم عمليّة الإنتاج دون أي انبعاث لغاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، لأنه لا يوجد عملية احتراق كما في الوقود الأحفوري وبالتالي نطلق على الهيدروجين الناتج اسم "الهيدروجين الأخضر ".

وهناك ما يعرف بالهيدروجين الرمادي وهو الناتج عن مصادر الوقود الأحفوري وطريقة إنتاجه هي الأقل كلفة ولكنه غير ملائم للبيئة حيث الطريقة المستخدمة في الإنتاج تستهلك طاقة أعلى وتتسبب في انبعاث غازات ترفع من معدل الاحتباس الحراري 

وهناك ما يعرف بالهيدروجين الأزرق وهو الهيدروجين الرمادي المجهز باحتجاز الكربون وتخزينه وتعتمد جدوى الهيدروجين الأزرق على منع انبعاث ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ويعد أنظف من الهيدروجين الرمادي .

وفي تقرير لـ«بي بي سي»، فالطريقة الأكثر انتشارا في الوقت الحالي لإنتاج الوقود الهيدروجيني، تتمثل في ما يُعرف بـ«إصلاح الغاز الطبيعي» أو «إصلاح البخار»، وهي عملية كيميائية، تخضع لها الهيدروكربونات الطبيعية الموجودة في أنواع من الوقود الأحفوري مثل الغاز الطبيعي، بهدف إنتاج غاز «الاصطناع».

تعتمد هذه التقنية على توليد الهيدروجين من خلال عملية كيميائية تُعرف باسم التحليل الكهربائي، حيث تستخدم هذه الطريقة تيارًا كهربائيًا لفصل الهيدروجين عن الأكسجين في الماء، إذا تم الحصول على هذه الكهرباء من مصادر متجددة، فسوف ننتج الطاقة دون انبعاث ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

ويلتزم الهيدروجين الأخضر بأهداف حماية البيئة ومكافحة الاحتباس الحراري، لكونه يعتمد إزالة الكربون وتقليص نسبته في الهواء.

وفي وقت سابق، كشف تقرير لـ«بلومبرج» أن هناك مجموعة من الصناعات المرشحة للاستفادة من هذا الوقود، تشمل الطائرات، والسفن، والشاحنات، التي تقطع مسافات طويلة، والصناعات الثقيلة.

يساهم الهيدروجين الأخضر في الوصول لمجتمع خالٍ من الكربون، ومصر لديها إمكانيات عالية من الطاقة المتجددة تمكنها من إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة منخفضة.

وتنتج مصر حاليا 5800 ميجا وات من الطاقة الجديدة والمتجددة، وهناك خطة لزيادة مصادر الطاقة المتجددة الفترة المقبلة، لمساعدة مصر لتنفيذ مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر.

الهيدروجين الأخضر يحظى باهتمام كبير عالمي ومصر ليست أول دولة عربية تعمل على توفيره، فسبقتها الممكلة العربية السعودية، باعتباره مصدرًا واعدًا للطاقة في المستقبل القريب.


ما هي استخدامات الهيدروجين الأخضر؟

يُعد الهيدروجين وقوداً مستخدماً اليوم في العديد من البلدان كالولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين واليابان وفرنسا وألمانيا، وقد وضع الرئيس الأمريكي جو بايدن خطة طريق لإعداد برنامج بحثي لإنتاج شكل نظيف من الغاز الرخيص بما يكفي لتزويد محطات الوقود بالوقود في عقد من الزمن وبالمثل نشرت كلاً من اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا والاتحاد الأوروبي خرائط طريق تعتمد على الهيدروجين الأخضر لتقليل الانبعاثات الحرارية في قطاعات الطاقة والنقل والصناعة مما يخفف من حدة تغير المناخ وظاهرة الاحتباس الحراري 

ويقوم عدد كبير من الشركات حول العالم ببناء محطات من أجل إنتاج الهيدروجين الأخضر أكبر من أي وقت مضى واستكشاف وتطوير قدرته على صناعة الصلب أو كوقود للطائرات أو كمصدر احتياطي لمزارع المنتجات ( الصوب ) ، ولا شك أن هذا العنصر الأوفر في الكون يُمثل خياراً مُغرياً إذ يمكنه أن يمد مركباتنا بالوقود ويشغل محطاتنا الكهربائية ويوفر طريقة لتخزين طاقتنا المتجددة دون ضخ ثاني أكسيد الكربون لأن الماء هو المُنتج الثانوي الوحيد لاستخدامه في السيارات أو الشاحنات ومع قيام المزيد من الدول بإجراء الحسابات المعقدة حول كيفية تحقيق الأهداف الطموحة بشأن تخفيض الانبعاثات الحرارية في العقود المقبلة يكسب الهيدروجين الأخضر أهمية متزايدة خاصةً في القطاعات التي لا تملك لها حلولاً معقولة التكلفة وقابلة للتطبيق مثل قطاعات الطيران والشحن وإنتاج الأسمدة والصلب وتخزين الطاقة طويلة الأمد .

ويمكن تلخيص الاستخدامات المستقبلية المؤثرة للهيدروجين الاخضر في العديد من المجالات على النحو التالي :

النقل والحركة: تسمح المرونة الكبيرة التي يتمتع بها الهيدروجين باستخدامه في منافذ الاستهلاك التي يصعب فيها التخلص من الكربون بشكل نهائي مثل قطاع الطيران والنقل البحري. اليوم يهيمن النفط على مزيج الوقود الذي يلبي نسبة كبيرة من احتياجات النقل في العالم ولكن يتجه هذا القطاع إلى الاعتماد واسع النطاق على المركبات عديمة الانبعاثات مثل المركبات الكهربائية التي تعمل بخلايا وقود الهيدروجين والمركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات أو التركيبات الهجينة وسيؤدي ذلك إلى تسريع عملية التحول إلى الهيدروجين

تخزين الطاقة: تمتلك خزانات الهيدروجين المضغوطة القدرة على تخزين الطاقة لفترات زمنيّة طويلة، وإدارتها أسهل من إدارة بطاريات الليثيوم-أيون كونها أخف . وفي دراسة أجراها المختبر الوطني الأمريكي للطاقة المتجددة وجد أن الأمر قد يستغرق حتى حوالي منتصف القرن حتى يصبح الهيدروجين الأخضر أقل التقنيات تكلفة من حيث التخزين طويل الأمد على الشبكة الكهربائية وبما أن المصادر المتجددة للطاقة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أصبحت المهيمن على الكهرباء فإنه ينبغي على المنشآت تخزين الطاقة  بشكل موثوق ليس لبعض ساعات فحسب بل وإنما لأيام بل لأسابيع خلال أشهر معينة عندما تنخفض الطاقة التي تنتجها . إن الهيدروجين يبرز في هذا السيناريو مقارنة بطرق التخزين الأخرى نظراً للتكاليف الزهيدة نسبياً عند إضافة سعة من التخزين 

توليد الكهرباء ومياه الشرب: يمكن الحصول على الماء والكهرباء من تفاعل الهيدروجين مع الأوكسجين في خلايا الوقود، وقد أثبتت هذه العملية فائدتها الكبيرة في البعثات الفضائية لتزويد الطاقم بمياه الشرب والكهرباء على نحو متجدد.


في تقرير لمجلة فوربس، قيل إن المستقبل قد وصل بمحاولة توسيع استخدام الهيدروجين الأخضر، حيث اجتمع سبعة من أكبر مطوري مشاريع الهيدروجين الأخضر لإطلاق مبادرة Green Hydrogen Catapult في محاولة لزيادة إنتاجه بمقدار 50 ضِعفًا في السنوات الست المقبلة.

تهدف المبادرة الجديدة إلى خفض تكلفة الهيدروجين الأخضر إلى أقل من 2 دولار / كجم، مما سيساعد على خفض الانبعاثات من الصناعات الأكثر كثافة في الكربون في العالم بما في ذلك صناعة الصلب والشحن وإنتاج المواد الكيميائية وتوليد الطاقة.

والشركاء المؤسسون هم مجموعة أكوا باور السعودية للطاقة النظيفة، وشركة سي دبليو بي رينيوابلز الأسترالية، وشركة إنفيجن الصينية لتصنيع توربينات الرياح، وعمالقة الطاقة الأوروبية إيبردرولا وأورستد، ومجموعة الغاز الإيطالية سنام، ويارا، وهي شركة نرويجية منتجة للأسمدة.

 إن هذا النوع من الوقود واعد للغاية، ويرى الخبراء أنه برغم أن بمقدورنا الاستفادة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء اللازمة للمنازل والسيارات الكهربائية، فإن «الهيدروجين الأخضر»، يمكن أن يكون مصدر طاقة مثالياً، لتشغيل قطاعات صناعية كثيفة الاستهلاك للطاقة، مثل تصنيع الصلب والخرسانة.

وأوضحت وكالة الطاقة الدولية أن هذه الطريقة للحصول على الهيدروجين الأخضر ستوفر 830 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون المنبعث سنويًا عند إنتاج هذا الغاز باستخدام الوقود الأحفوري.

ولذلك، تم توقيع شراكة بين وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة وبين شركة سيمنس الألمانية لاعتبارها من كبرى الشركات العالمية ذات الخبرات الكبيرة في مجال الطاقة النظيفة على مستوى العالم واستكمالا لقصص النجاح السابق التي تم تحقيقها مع الشركة في العديد من المشروعات الكبرى داخل جمهورية مصر العربية وأهمها محطات توليد الكهرباء العملاقة التي تم إنجازها في زمن قياسي وغيرها من المشروعات القائمة، حيث تعتبر سيمنس شريكا استراتيجيا مهما لقطاع الكهرباء والطاقة المتجددة.

كما شهد المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة بحضور اليساندرو بوليتى الرئيس التنفيذي لأنشطة الموارد الطبيعية بشركة إينى الإيطالية التوقيع على مذكرة تفاهم بين الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية ( ايجاس ) والشركة القابضة لكهرباء مصر وشركة إينى الإيطالية للتعاون في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر والازرق وتقييم الجدوى الفنية والتجارية لمشروعات إنتاجه المستهدفة في مصر

وبمقتضى البروتوكول سيتم التعاون من خلال إجراء دراسة حول المشروعات المشتركة لإنتاج الهيدروجين الأخضر باستخدام الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة، وكذلك إنتاج الهيدروجين الأزرق من خلال تخزين ثانى أكسيد الكربون في حقول الغاز الطبيعى المتقادمة، وتشمل الدراسة أيضًا التعرف على استهلاك السوق المحلي المحتمل للهيدروجين وفرص التصدير المتاحة، وكذلك تقييم الخطط والاعمال اللازمة لتنفيذ المشروعات المطروحة.

بدأت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، إجراء المناقشات والدراسات للاستفادة من الخبرات الأوروبية، لتنفيذ مشروع تجريبي لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، كخطوة نحو التوسع في هذا المجال للوصول إلى إمكانية التصدير.

ما هي فوائد وسلبيات الهيدروجين الأخضر؟

يتمتع الهيدروجين الأخضر بالعديد من المميزات أهمها أنه متجدد بنسبة 100% مثله كمثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية المتولدة من السدود ولا يتسبب الهيدروجين الأخضر في انبعاث الغازات الملوثة سواءً خلال الإنتاج أو الاستهلاك


قابليته للتخزين تجعله أفضل خيارات الطاقة المتجددة ولأنه سهل التخزين يعطيه قابلية لاستخدامه بشكل متعاقب للعديد من الأغراض، وليس بعد إنتاجه مباشرةً فقط. وتخزين طاقة الهيدروجين عملية يتم فيها تحويل الطاقة الكهربائية إلى هيدروجين يمكن بعد ذلك إطلاق هذه الطاقة مرة أخرى باستخدام الغاز في توربينات الغاز أو خلايا الوقود 

مرونته: يمكن تحويل الهيدروجين الأخضر إلى كهرباء أو غاز اصطناعي واستخدامه في القطاعات التجارية والصناعية .

قابليته للنقل: يمكن مزج الهيدروجين الأخضر مع الغاز الطبيعي بنسب تصل إلى 20%، ونقله عبر نفس الأنابيب والبنية التحتية المُستخدمة لنقل الغاز، أما نسب المزج الأعلى من 20% فتحتاج إلى تغيير عناصر مختلفة في البنية التحتية الحالية.

أما عن الجوانب السلبية فهي:

الكلفة العالية: إن الكلفة المرتفعة للطاقة المتجددة، التي تعتبر العنصر الأساسي في إنتاج الهيدروجين الأخضر، تجعل منه مكلفاً أيضاً.

استهلاك الطاقة المرتفع: إنتاج الهيدروجين عموماً والهيدروجين الأخضر خصوصاً يتطلب طاقة أكبر من بقية أنواع الوقود .

قضايا الأمان والسلامة: الهيدروجين عنصر متطاير وقابل للاشتعال بدرجة عالية، مما يتطلب معايير سلامة أعلى لإنتاجه منعاً للحوادث.



إرسال تعليق

0 تعليقات

Close Menu