الأمر لا يقتصر على العمل العسكري فقط فالتعامل بين الدول وبعضها يحكمه قانون دولي يشرف عليه مجلس الأمن والأمم المتحدة فليس لمصر أو أي دولة أخرى أن تخوض حرب لتحرير شعب آخر لمجرد أنها أرادت ذلك ، ولكن هناك آلية ليحصل الشعب الفلسطيني على حريته وأرضه ويستعيد السلام المغتصب منه ، فأينما كنت أنت تقرأ الآن فلديك ما يكفي من السلام لتفكر رويداً في ما أقول لكن الشعب الفلسطيني لا ينعم بمثل ما تنعم به أنت. لذلك الجميع يتضامن مع الشعب الفلسطيني ، ولكن لتفكر ملياً في السلام الذي تنعم به أنت أيها القارئ ، فأنت تعيش في دولة لديها دستور ينظم القوانين بين السلطات ، لديك رئيس منتخب ، لديك رئيس وزراء يباشر وزراءه ، لديك وزراء يطلعون بأعمالهم ، من ضمن هؤلاء الوزراء هناك وزارة الدفاع وهي التي تختص بالدفاع عنك وتجعلك مطمئناً أنه لن يأتي عليك عدو من الخارج يغتصب بلدك ، ولديك وزارة للداخلية مهمتها أن تمنع عنك من يريد سرقتك أو تكدير صفوك.
فلسطين ليس لها كل هذا وكل ما لديها أشباه من كل ذلك والسبب في ذلك هو الجماعات المسلحة الذين ظاهرياً يخدمون القضية الفلسطينية لكن باطناً يخدمون أنفسهم ، فلو تم التوصل لإتفاق لإيقاف الحرب مع من سيكون الإتفاق ، حماس ، فيلق القدس ، فتح ، جبهة النصرة ، والكثير أكثر من مائتي حركة مسلحة تتاجر بالقضية ، وهذا لا يخدم سوى إسرائيل فهي المستفيدة من كل هذا التشتت والتشرذم الذي عليه هذه الفصائل ، فلو تم التوصل إلى اتفاق إقامة الدولتين لابد أن تكون هناك دولة مع دولة تلتزم كل منها ببنود الإتفاق الموقع ، كما تم في معاهدة السلام بعد حرب اكتوبر ١٩٧٣ ، أما فلسطين والمقاومة فهم عربياً أبطال يدافعون عن المسجد الأقصى ، أما عالمياً فهم إرهابيون فحماس منظمة إرهابية ، وهي الذراع العسكري لجماعة الإخوان الإرهابية ، ومع ذلك تعترف الولايات المتحدة بحماس منظمة إرهابية ولا تعترف بالإخوان جماعة إرهابية لماذا ؟
حين يتم ضرب حماس من إسرائيل يقع من عليها العبء القانوني لأنها منظمة إرهابية فإسرائيل أمام العالم تحارب الإرهاب مما يعطي لكثير من الدول المساحة الكافية لمساعدتها ، ولكن حين تضرب مصر جماعة الإخوان يتم ترويج الأمر على أنه قمع للمعارضة .
مصر بإطلاعها على هذا الملف المسمى القضية الفلسطينية تعلم جيداً ما يحدث على أرض فلسطين فيكون تحركها بحكمة فهي تعلم ما يفعله جميع الأطراف ففلسطين أمن قومي لمصر مثل ليبيا وليس دليل على ذلك من أنه ليس من وفد أمني يعمل الآن على الأرض المحتلة سوى الوفد المصري ومصر تعلم جيداً أنه لن يكون هناك سلام سوى بقيام دولة فلسطين وهذا بتكوين رئيس وحكومة وجيش نظامي يكون الجميع تحت لوائه فليس حماسي ولا فتحي ولا فيلقي بل جيش فلسطيني قادر على شراء سلاح متطور وتطوير نفسه تحت مرأى كل العالم . هذا هو الطريق الوحيد ولكن لو كنت ترى أن الحماسة وحدها كافية لتحرير الدول فأنت تعيش في وهم ولو كنت تظن أن الحرب هي الطريق لاستقرار فلسطين فأنت واهم لن أذكر دول بعينها ولكن كم من دولة سقطت حكوماتها فكانت عرضة للضياع والنهب ومطمع من الدول التي ظاهرياً تساعدها ، أو كم من الدول التي بعد سقوط حكوماتها دخلت في حروب أهلية تحتاج إلي عشرات السنين لترجع على ما كانت عليه .
فتخيل معي وأنت تنعم بالسلام الذي يجب أن تشكر الله عليه كل حين أن إسرائيل خرجت من فلسطين ماذا سيحدث ؟ هل سيعيش الشعب الفلسطيني في نعيم وهناء ، على ماذا ؟ كم منتج وقع تحت يدك مكتوب عليه صنع في فلسطين ، هل ذهبت لشراء فاكهة أو خضروات مستوردة من فلسطين ؟ هل تمتلك أسهم في بورصة فلسطين ؟ هل تخطط لقضاء عطلتك القادمة في أحد المنتجعات الفلسطينية ؟ على نقيض ذلك إسرائيل لديها كل هذا فالخطوة الأولى هي قيام دولة فلسطين بأيدي فلسطينية ثم تحرير الأراضي الفلسطينية غير ذلك هو كلام وشعارات رنانة وجماعات تعيش على هبات ومنح من دول راعية للإرهاب وكل ما يهمهم السبوبة وعمل الشو الإعلامي.
ولن تنجر مصر أو أي دولة أخرى لخوض حروب من أجل مجموعات ليس لها انتماء .
ولو لا يعجبك الكلام فكر مرة أخرى في ردة فعلك على اجتياح تركيا لأراضي سورية بدعوة محاربة حزب العمل الكوردستاني pkk ، او محاربة أمريكا لداعش ، أو المغرب لجبهة البوليسارو .
ربما أنت ترى في حماس والفصائل الأخرى رمزاً للمقاومة ولكن ما الغاية من المقاومة مادامت لا تسفر عن مكسب ، هل من الحكمة إجراء نفس التجربة بنفس السيناريو كل مرة مع العلم أنها تفشل .
صاروخين من حماس على إسرائيل ، إسرائيل ترد بقصف على غزة ، العالم ينتقد إسرائيل ، حماس تصعد ، إسرائيل تتمادى في قصفها وقتل الأطفال والنساء ، العالم ينتقد إسرائيل أكثر فترد أن الجماعات المسلحة تختبئ وسط المدنيين وهذا كل ما استطاعت أن تتحاشاه من سقوط المدنيين ، فلا يستطيع المجتمع الدولي أن يوقع عقوبات على إسرائيل لمساعدة أمريكا لها ، فتدور المنظمات لجمع التبرعات لشراء الأسلحة الرخيصة لتكرار نفس التجربة.
أين العقل متى ينتهي ذلك
أين الإنسانية
أخيراً مصر حين تحركت تحركت لمساعدة الشعب الفلسطيني وليس الحركات الإرهابية كما فعلت دولة ما ولم تتفوه بعبارات حنجورية وفي الخفاء مدت جسر جوي لمساعدة الكيان الصهيوني ، مصر أطهر من الجميع وتعلم كل خيوط اللعبة
حفظ الله الوطن حفظ الله رئيسنا حفظ الله شعبنا الحكيم
0 تعليقات