Ad Code

أكثر من 300 نبوة عن يسوع المسيح في العهد القديم ( التكوين + )




 وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ مَاشِيًا فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ، فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ. فَنَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ؟».تك 9-8:3

[ قال : وانهما سمعا صوت الرب ماشيا في الفردوس ، فاختفيا  وجه الرب في شجر الفردوس . فدعا الرب آدم قائلاً:  آدم  أين أنت ؟ قوله له أين أنت يعني أين عقلك الحكيم الذي جعلته ملآناً من حكمتي . وأبدعت اسماً لكل حيوان وتنبأت وعلمت الغيب . وما سيكون قبل كونه ، أفسدت الخطية عقلك وفهمك الحسن حتى تظن أنه يمكن لمخلوق أن يختفي عني أنا الذي لا يخلو مني مكان . أين أنت من ذلك الفهم الحسن ؟ 
قال : انهما سمعا صوت الرب الإله يمشي . يعني صوت قدميه . والرب الإله ، ذلك الوقت ، لم يكن له جسد . فكيف يمكن أن يُسمع له صوت مشي ؟ ولكن أسمعه الصوت نبوءة أن سقطتك هذه لا يكون لك منها خلاص حتى أتجسد من ذريتك وأمشي على الأرض بقدمين يُسمع صوتهما . ولذلك سأله : " أين أنت " . كما يسأل البشر الذين لا يدرون . ليعرفه أني لابد أن أصير إنسانا من أجلك وأتشبه بالناس بكل شيء ما خلا الخطيئة. 
قال : وكان سماعهما صوت مشيه وقت المساء . ليعلمه أن في آخر الزمان يكون هذا التجسد.  واختفيا من وجه الرب.  لأن الخطيئة تقطع الدالة . ] ( مار افرام السرياني.  مخطوطة ١١٣ ه جامعة أكسفورد )

وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». تك15:3

إذ لعن الحية التي أغوت المرأة.  قدم لنا أول وعد بالخلاص . إذ صارت الحية تمثل إبليس نفسه الذي دعي " الحية القديمة " ( رؤ 20 : 2 ) ، وقد وضع الله العدواة بين إبليس والمرأة حتى يأتي المسيح من نسل المرأة - دون زرع بشر - مولود المرأة ويسحق بصليبه رأس الحية كما قال الرسول " إِذْ جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ أَشْهَرَهُمْ جِهَارًا، ظَافِرًا بِهِمْ فِيهِ." ( كو 15:2) ، يرى القديس أُغسطينوس أن رأس الحية هو الكبرياء إذ يقول : [ تترقب الحية عقب الكبرياء ، عندما تراك تسقط بالكبرياء وتنحدر.  إذن فلتلاحظ أنت رأسها أي الكبرياء بكونه رأس كل الخطايا ] وعن اتضاع ربنا يسوع المسيح آدم الجديد يقول معلمنا بولس الرسول:  " فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا: الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ " ( في 9-5:2 ) .
كما يقول القديس اغسطينوس: [ ما هذه الرأس ؟ إنها بداية كل إقتراح شرير . فعندما يقترح عليك ( العدو ) فكراً شريراً إلقه عنك قبلما تثور اللذة فيك وتقبله . لتتجنب رأسه فلا يمسك بعقبك ] وقد أعطانا ربنا يسوع المسيح مثال لمحاربة الشيطان بقطع كل مشوراته الشريرة بكلام الحياة حين كان يجيبه " مكتوب " . عن هذا يقول القديس سرابيون: [ كان يلزم بحق لربنا أن يُجرب بنفس الأهواء التي جُرب بها آدم حين كان صورة الله قبل إفسادها ، وهي النهم والطمع والكبرياء ، التي تشابكت وافرخت بعدما تعدى الوصية وأفسد صورة الله وشبهه.  لقد جُرب آدم بالنهم حين أخذ الفاكهة من الشجرة الممنوعة وجُرب بالطمع حين قيل له : " تنفتح أعينكما " ، وبالكبرياء حين قال : " تكونا كالله عارفين الخير والشر " ، وأيضا جُرب مخلصنا بالخطايا الثلاثة ، بالنهم حين قال له الشيطان : " قل أن تصير هذه الحجارة خبزا " ، وبالكبرياء حين قال له : " إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل " ، وبالطمع حين أراه جميع ممالك الأرض ومجدها ، وقال له: " أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي " ( مت 4 : 3 , 9 ) . لقد أعطانا الرب نفسه مثالا كيف يمكننا أن ننتصر كما أنتصر هو حين جُرب . لقد لُقب كلاهما بآدم ، أحدهما الأول في الهلاك والموت ، والثاني كان الأول في القيامة والحياة ، بالأول صارت البشرية كلها تحت الدينونة وبالثاني تحررت البشرية ] .

صَنَعَ الرَّبُّ الإِلهُ لآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا. تك 21:3

في ذلك أول إشارة إلى الذبائح الحيوانية ، وإذ صنع له قميصاً من جلد وألبسه أعلن له عن رعايته الفائقة خلال ذبيحة الصليب وستره لا بجلد حيوانات ميتة وإنما بالرب يسوع نفسه واهب الحياة ، وأعلن أيضا أن ورق التين الذي يرمز إلى الناموس لا يستطيع أن يستر عري الإنسان ولابد أن يكون هناك وسيط بين الله والناس انظر رسالة بولس الرسول إلى العبرانين 
 فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَال مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا اللهَ الْحَيَّ . وَلأَجْلِ هذَا هُوَ وَسِيطُ عَهْدٍ جَدِيدٍ، لِكَيْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّونَ  إِذْ صَارَ مَوْتٌ لِفِدَاءِ التَّعَدِّيَاتِ الَّتِي فِي الْعَهْدِ الأَوَّلِ  يَنَالُونَ وَعْدَ الْمِيرَاثِ الأَبَدِيِّ. عب 15-14:9
ويرى القديس امبروسيوس في الأقمصة الجلدية إشارة إلى أعمال التوبة إذ يقول [ ألبسهما الله أقمصة من الجلد لا من الحرير ] .

 فَطَرَدَ الإِنْسَانَ، وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ، وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ. تك 24:3

بهذا ينتهي هذا الفصل الأليم من المأساة حيث فقد آدم حياة الراحة والسعادة وطُرد من حضرة الله ، وأضاع النعم التي خُلق عليها . وصار عرضة للألم والتعب والضعف والانحلال ثم الموت ، لأنه أصبح تحت حكم الغضب الإلهي ولم تكن هذه الأضرار قاصرة عليه وحده . إنما ورثتها ذريته . ولم يكن من الطبيعي إلا أن يولدوا هكذا ، ولم يكن طرده هذا تجبر ولا ظلم من الله لآدم بل إن الله لا يريد أن يحيا آدم بعيداً عنه إلى الأبد ، وكلمة " كروب " كلمة عبرية معناها " ذو الحكمة " والكروبيم طغمة من الملائكة الذين يقفون في حضرة الله يخدمونه أو يرسلون لتنفيذ مقاصده ، وكان معه سيف تخرج منه لهب تتجه لكل الجهات حتى لا يدنو آدم من باب الفردوس ، وشجرة الحياة هذه التي منع الله وصول الإنسان إليها ستظهر مرة أخرى في آخر الكتاب في الفردوس في رؤيا يوحنا اللاهوتي حيث يقول في الأصحاح 22 اية 14 : طُوبَى لِلَّذِينَ يَصْنَعُونَ وَصَايَاهُ لِكَيْ يَكُونَ سُلْطَانُهُمْ عَلَى شَجَرَةِ الْحَيَاةِ، وَيَدْخُلُوا مِنَ الأَبْوَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ. 
فيكون ابتعاد الإنسان عن شجرة الحياة التي تعطي الأبدية مرهون بمجيء المسيح الفادي المخلص ليرفع عن آدم وذريته عقوبة الموت والانفصال عن الله كما يقول بولس الرسول في الرسالة إلى رومية : لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ رو 5 : 17 .
أنظر أيضا : الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ،  وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ.  2 تي10-9:1 .
أنظر أيضا:  وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ.  مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ.  1 يو 12-11:5 .
ختاما كل أنواع الحكم التي نزلت على آدم الخاطيء احتملها كلها الرب يسوع : 
• لُعنت الأرض بسبب آدم ويسوع قبِّل اللعنة لأجلنا لأنه مكتوب ( ملعون كل من عُلق على خشبة غل 3:13 ) .
• عُوقب آدم بالتعب والألم ويسوع احتمل الأتعاب لأجلنا وقيل عنه ( رجل أوجاع ومختبر الحزن أش 53:3 ) 
• أمر الرب الأرض أن تنبت شوكا وحسكا لآدم ، ومن الشوك والحسك ضُفر إكليل الشوك ووضِع على رأس المسيح .
• حُكم على آدم بالموت ، ويسوع رب الحياة قبِّل الموت لأجل جنس البشر .
• حمل آدم مسئولية خطيته التي عوقب عليها والله "  جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ. 2 كو 21:5 " .
• بخطية آدم ومعصيته دخلت الخطية إلى العالم وجُعل الكثيرون خطاة ، وبالخطية دخل الموت ، وببر المسيح وطاعته جعل الكثيرين أبراراً ونالت البشرية الحياة " حَتَّى كَمَا مَلَكَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْمَوْتِ، هكَذَا تَمْلِكُ النِّعْمَةُ بِالْبِرِّ، لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا. رو 21:5 .

 وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا. فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَى هَابِيلَ وَقُرْبَانِهِ . تك 4:4

بعد الطرد من الفردوس عرف آدم امرأته فحبلت وولدت ابنا أسمته قايين وقالت قد اقتنيت رجلاً من عند الرب وربما ظنت حواء أن قايين هو نسل المرأة الذي وعد به الرب ليسحق رأس الحية ويعيدها مع زوجها إلى الجنة من جديد ، ثم عادت حواء وأنجبت ابن ثاني أسمته هابيل ومعناه في اللغة السامية ( نفس أو بخار أو زوال وعدم ثبات أو عبث ) وربما حمل هذا الاسم بعد موته لذلك أخذ أسم بخار أو زوال وعدم ثبات لأنه لم يعيش كثيرا أو لأن حواء كانت تعتقد أن قايين بكرها هو النسل المنتظر وكل من سواه باطل وعبث ، وحدث بعد أيام أن كلا ولدي آدم قدما ذبيحة للرب ولا شك في أنهما كانا يقتديان في ذلك بأبيهما آدم ، فنظر الرب إلى قربان هابيل وإلى قربان قايين لم ينظر وذلك لعدة أسباب: 
• أن ذبيحة هابيل كانت بحب إذ قدم من أبكار غنمه 
• ذبيحة حيوانية . وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيبًا يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ . عب 9 : 22  قارن هذه مع لو22 : 20 وَكَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَ الْعَشَاءِ قَائِلاً:«هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ عَنْكُمْ. وكأن الله يُعطي إشارة أن الذبيحة الدموية هي المقبولة أمامه لمغفرة الخطايا ورمز إلى قبول ذبيحة يسوع البار حين قدم ذاته على الصليب كفارة عن خطايا العالم .
• كان قايين بكراً بالجسد ولكن هابيل كان بكراً بالروح ويلقب السيد المسيح هابيل بالصديق ( مت 23 : 35 ) ويشهد له بولس الرسول بالإيمان ( عب 11 : 4 ) ، وقصة باكورية الجسد وباكورية الروح أمتدت عبر الدهور من أيام هابيل إلى هذا اليوم ، فنجد الله يختار ابراهيم أباً لجميع الأمم ولم يكن بكراً بين إخوته حسب الجسد ، واختار إسحق الذي يصغر جسديا عن إسماعيل ، ويعقوب الذي يصغر عن أخيه عيسو ، وجاء السيد المسيح من نسل فارص الذي ولدته ثامار وقد اقتحم فارص أخاه زارح وهو بعد في أحشاء أمه لينزع البكورية ، وجاءت سلسلة نسب السيد المسيح تقدم مجموعة كبيرة من الآباء لم يكونوا أبكاراً حسب الجسد حتى جماعة اليهود حملوا بكورية معرفة الله لكنهم جحدوا الإيمان بالمخلص وتلطخ مجمعهم بسفك دم بريء ليأتي هابيل ممثلاً لكنيسة العهد الجديد لتحتل البكورية الروحية وتقدم لله ذبائح حب كأبناء لله وليس ذبائح خوف كعبيد للناموس . أَنَّكُمْ كُنْتُمْ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ بِدُونِ مَسِيحٍ، أَجْنَبِيِّينَ عَنْ رَعَوِيَّةِ إِسْرَائِيلَ، وَغُرَبَاءَ عَنْ عُهُودِ الْمَوْعِدِ، لاَ رَجَاءَ لَكُمْ، وَبِلاَ إِلهٍ فِي الْعَالَمِ.  وَلكِنِ الآنَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، أَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً بَعِيدِينَ، صِرْتُمْ قَرِيبِينَ بِدَمِ الْمَسِيحِ.  أف13-12:2
والكتاب في نفس الإصحاح يقدم هابيل عن قايين " ثُمَّ عَادَتْ فَوَلَدَتْ أَخَاهُ هَابِيلَ. وَكَانَ هَابِيلُ رَاعِيًا لِلْغَنَمِ، وَكَانَ قَايِينُ عَامِلاً فِي الأَرْضِ. تك 2:4 "

وَعَرَفَ آدَمُ امْرَأَتَهُ أَيْضًا، فَوَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ شِيثًا، قَائِلَةً: «لأَنَّ اللهَ قَدْ وَضَعَ لِي نَسْلاً آخَرَ عِوَضًا عَنْ هَابِيلَ». لأَنَّ قَايِينَ كَانَ قَدْ قَتَلَهُ.  وَلِشِيثَ أَيْضًا وُلِدَ ابْنٌ فَدَعَا اسْمَهُ أَنُوشَ. حِينَئِذٍ ابْتُدِئَ أَنْ يُدْعَى بِاسْمِ الرَّبِّ.تك 26,25:4
بعدما قتل قايين أخيه هابيل لُعنت الأرض لأنها فتحت فاها وقبلت دم هابيل أخيه ، وحُكم على قايين أن يكون هاربا وتائها في الأرض ، فخرج قايين من لدن الرب وسكن في أرض " نود " ونود معناها " هارب أو اضطراب " وربما دعا قايين أسم المنطقة لهروبه واضطرابه ، وعرف قايين امرأته فحبلت وولدت حنوك ومعنى من حنوك " مُهذب أو مُدرب أو مُكرس " وربما دعاه قايين بهذا الاسم أملا في أن يُنشئه على الأخلاق المهذبة بعد أن أختبر بنفسه نتيجة الخطية ، وكان قايين يبني مدينة حين ولد له حنوك فدعى المدينة باسمه ، وكأن قايين في تيهانه واضطرابه يريد أن يعوض نفسه بالشعور بالأمان في سكنى المدن ، وولد حنوك ابن فدعاه " عيراد " ومعناه سريع أو مدني وربما دعاه بذلك لأنهم ابتدأوا يستقرون في المدن ، وعيراد ولد " محويائيل " ومعناه مضروب من الله وربما دعي بذلك لمرض اعتراه ، ومحويائيل ولد " متوشائيل " ومعناه رجل الله أو بطل الله ومتوشائيل ولد " لامك " ومعناه قوي ، وإن كان قايين قد أنجب " حنوك " مقدما له مدينة ترابية تحميه من التيه عوض البركة الروحية فإن الكتاب يسجل لنا سلسلة مواليد قايين حتى يصل إلى لامك ليقدمه لنا كزوج لامرأتين هما عادة وصلة ، ويرى البعض في حياة لامك مع هاتين المرأتين أنها تمثل الحياة الوثنية أو البعد عن الله ، فإن كانت " عادة " في العبرية تعني جمال أو زينة و " صلة " تعني ظل ، فالأولى تشير إلى شهوة العين ، والثانية تشير إلى شهوة الجسد ، الأولى بجمالها وزينتها تغوي العين عن التطلع إلى السماويات ، والثانية كظل تسحب النفس للعبودية لشهوات الجسد الذي لا يمثل إلا ظلاً يختفي .
وقد ولد من الأولى " يابال " و " يوبال " ، ومن الثانية " توبال " وأخته " نعمه " ، وولديه من الأولى يابال ومعناه " جوال " وكان هو ونسله يسكنون الخيام ويرعون المواشي ، ثم يوبال ومعناه " موسيقي " وقد كان هو ونسله يعزفون على آلات الطرب مثل العود والمزمار ويبدو أنهم هم الذين اخترعوها .
ومن زوجته الثانية " توبال قايين " ومعناه ضارب مطرقة الحداد وكان نسله يعملون في النحاس والحديد والاسم الابنة " نعمة " ومعناه جمال او مُسر ، نرى من كلمات الوحي هذه كيف تدرج الإنسان في حياته من الاعتماد على الزراعة والرعي إلى بناء المدن واكتشاف النحاس والحديد وألات الموسيقى وهذا يتمشى مع قاله العلم عن تاريخ الجنس البشري تمشيا كاملا .
ولكن برغم أن الإنسان أرتقى مدنيا إلا أنه أنحدر روحيا وأصبح يحيا في مجتمع تسيطر عليه المادة ( المواشي ) والملاهي ( آلات الطرب) والعنف ( سلاح من النحاس والحديد ).
في ذلك الوقت عرف آدم امرأته فحبلت وولدت ابنا دعته " شيث " ومعناه في العبرية " عوض " أو " معين " وكأن الله جبله عوضا عن هابيل الذي قدم حبه وإيمانه قبل أن يقدم ذبيحته ، ويقول الكتاب : وَعَاشَ آدَمُ مِئَةً وَثَلاَثِينَ سَنَةً، وَوَلَدَ وَلَدًا عَلَى شَبَهِهِ كَصُورَتِهِ وَدَعَا اسْمَهُ شِيثًا. تك3:5 ، ولعله يقصد بحمله شبه أبيه وصورته أنه حمل نفس الرجاء الذي لأبيه آدم في التمتع بالخلاص الموعود وليس كقايين الذي عاش بلا رجاء تائها في الأرض ، وبالفعل أنجب شيث " أنوش " الذي يعني " إنساناً " ، و حِينَئِذٍ ابْتُدِئَ أَنْ يُدْعَى بِاسْمِ الرَّبِّ. وتحققت فيه أمنية حواء لأن من نسله جاء أخنوخ الذي سار مع الله ولم يوجد وكأن أخنوخ يمثل استرداد الإنسان لحالته الفردوسية ومن نسله جاء المسيح ، يشرح الرابيون اللغة التي استخدمتها حواء عند ميلاد شيث وقولها " نسلا آخر " على أنها تعني " النسل " الذي يأتي من مكان آخر وفي ذلك رمز إلى المسيا المنتظر ، أنظر المقالة السابقة ، فيكون كما كان شيث ونسله عوضا عن قايين ونسله ، يكون أيضا الرب يسوع المسيح والكنيسة " الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ. " أع 20 : 28 ، عوضا عن جماعة اليهود أنظر «لكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ، فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ. مت 23 : 13 .
أنظر أيضا : لأَنَّهُ إِنْ كَانَ دَمُ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ وَرَمَادُ عِجْلَةٍ مَرْشُوشٌ عَلَى الْمُنَجَّسِينَ، يُقَدِّسُ إِلَى طَهَارَةِ الْجَسَدِ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَال مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا اللهَ الْحَيَّ . عب14-13:9

******************************
نستكمل في المقال القادم باقي رموز سفر التكوين 





إرسال تعليق

0 تعليقات

Close Menu