قصة حياة ومعجزات أبونا عبد المسيح المقاري ( المناهري)

قصة حياة ومعجزات أبونا عبد المسيح المناهري المقاري 

ولد القديس أبونا عبد المسيح المناهري حوالي سنة ١٨٩٢ م في قرية أبو شحاته ، مركز مطاي ، محافظة المنيا ، من أبوين مسيحيين تقيين ، اسم أبيه " حنين " واسم أمه " استير " ، وقد تسمى القديس باسم " سمعان " وقد كان هو بكر والديه وقد أنجبا بعده سبع بنات ، فكان القديس عماد البيت بعد والده وعليه كل الآمال ، لم ينل القديس قسطا من التعليم فلم يذهب إلى مدرسة ، ولا إلى كُتاب القرية ، إنما تعلم القراءة والكتابة اجتهاديا قبل الرهبنة ، ثم تتلمذ على أحد رهبان دير القديس مكاريوس الكبير ( ابو مقار ) بعد دخوله الدير ، وقد كان يعمل قبل الرهبنة في الزراعة وتربية المواشي من جمال وغنم وخلافه مع والده حنين ، وكان الرب معه ، يبارك في كل ما تمتد إليه يده ، كعلامة واضحة لوالده أنه مبارك من الرب .
أشتاق القديس لحياة الرهبنة وكان يذهب لدير الأنبا صموئيل بجبل القلمون عن طريق الزورة مركز مغاغة عدة مرات ، وكان أبوه في كل مرة يذهب إلى الدير ويحضره معه - لعدم وجود أبناء ذكور غير القديس - وفي كل مرة يحضره والده من الدير ، يحدث بمجرد وصوله المنزل أن يموت لأبيه عدد كبير من المواشي بطريقة مؤلمة ومذهلة ، إلى أن تفتق ذهن أبيه بفكرة من ايعاذ الشيطان محارب الفضيلة لصد أبنه عن طريق الخلاص والجهاد الروحي. 

تجربة في بداية الطريق

يقول الأنبا مينا مطران جرجا المتنيح : حدثني الأبوان القمص روفائيل والقمص باخوم أن والد القديس قال لهما أنه عندما أخذه من الدير آخر مرة إلى بلدته ، أحضر له إنسانة شريرة من اللاتي يتنقلن في البلاد ، واتفق معها على مبلغ معين إذا أسقطت القديس معها في الخطية ، ظنا منه أنه بهذه الوسيلة الشريرة يجعل أبنه يرجع عن فكرة الرهبنة ، ويتزوج ويعيش معه ، وحبسها معه في حجرة واحدة ، ولقد حاولت المرأة الشريرة معه كما حاولت امرأة فوطيفار إسقاط يوسف ، ولكنها لم تنجح ، وأخيراً أمسكته وحاولت إسقاطه ، فما كان منه إلا أن قال لها بلغته الصعيدية منتهرا " ابعدي عني ، جاكِ وجع بطنك " ، وفي الحال بدأت تصرخ من شدة الألم وتقول : " بطني ، بطني بها جمرة نار ، اعملوا معروف يا ناس خلوا ولدكم يسامحني ، انتم تسببتم في عذابي ، اتركوه بحريته ، حرام عليكم . " وبعد جهد ومحاولات شديدة سامحها فشُفيت في الحال .

ذهابه إلى الدير 
وأخيراً وبعد المحاولات الكثيرة في إقناعه بالعدول عن فكرة الرهبنة التي انتشبت في قلبه النابض بحب المسيح ، قال له والده : يا ابني أنت ولدي الوحيد ، ولا يوجد عندي أولاد ذكور غيرك ، فعلى من تتركني ووالدتك وأخواتك ؟ . فقال القديس لوالده : " وإذا أعطاك الرب ولداً غيري تتركني أذهب للدير ؟ " ، فوافق والده على هذا الشرط ، وفعلاً أعطاه الرب ولداً بصلوات القديس وأسماه حنا ، وحينئذ تركه أبوه بحريته فذهب إلى دير أنبا مقار .
يقول الأنبا مينا : حدثني القمص سلامة والقمص روفائيل والراهب فليمون المقاريون ، وكلهم عاصروا رهبنة القديس في بدايتها ، وعرفوه عن قرب ، أن القديس بدأ حياته هادئاً وديعاً ، وكان مضرب المثل بينهم في الهدوء والصمت ، وقلما كان يسمع أحد صوته ، وكان صبوراً مطيعاً لشيوخ الدير ، وخاصةً القمص ابراهيم الفيومي أكبر رهبان الدير سناً ورهبنة ، وأن القديس كان منكراً لذاته لأبعد الحدود ، مواظباً على قراءة الكتاب المقدس ، وكتب الآباء النساك نهاراً وليلاً ، وقلما تجده في أي وقت ولا يوجد معه أنيسه من الكتب الروحية .
وكان قد تتلمذ على أحد رهبان الدير ، ولقد نبغ نبوغاً عجيباً في دراسة الكتاب المقدس ، وكان يحفظ بعض أسفاره عن ظهر قلب ، وأيضا كان يعتبر دائرة معارف مذهلة في تاريخ وقوانين وطقوس وعقائد الكنيسة .
وقد رسم راهبا في سنة ١٩١٤ م - ١٦٣٠ ش ، في سن الثانية والعشرين ، ودعي باسم الراهب عبد المسيح المقاري - وهو فعلاً كان عبداً صالحا ومخلصا للمسيح طوال حياته فاستحق أن يحمل هذا الاسم - ثم قسا فيما بعد 

صلاته 

يقول الأنبا مينا مطران جرجا الذي جمع سيرة القديس: " حدثني عنه جماعة من شيوخ دير أبي مقار ، الذين عاصروا القديس ، وقالوا : " إنه كان يربط حبلاً في سقف قلايته ، ويربطه في وسطه تحت الإبط ، ويقف يصلي الليل كله ، اقتداء بالقديس الأنبا بيشوي ، حتى إذا غلبه النوم يمسكه الحبل لئلا يقع على الأرض ، أو يربط اطار منخل ( غربال ) بالحبل ويدخلها تحت ذراعيه ويشد الحبل فتمسكه لئلا يقع ، ويستمر في صلاته طوال الليل ، وكان يمكث على هذا الحال في بعض الأحيان إلى ثلاثة أيام " ، مقتديا بجهاد القديس الراهب تادرس المقاري الذي تنيح في أرض الشام ، لأنه عاصره في بداية رهبنته وتواجد معه فترة في القدس ، وقد كان القديس الراهب تادرس المقاري يقف هكذا ثلاثة أيام بلياليها يصلي حتى أن كهنة الكنائس الأجنبية كانوا يعتقدون في أول أمره أنه ميت وهو واقف ، وأخيراً عرفوا أمره فكانوا يقبلون يديه وهما موضوعتين على صدره ، وهو مخطوف بمنظر إلهي كما حدثني عنه الذين رأوه وكانوا معه في القدس. 
كما أنه تتلمذ على القمص عبد المسيح المسعودي ، ويقول القمص روفائيل ويجمع على قوله شيوخ دير أبي مقار أن القديس عبد المسيح المناهري كان يحبس نفسه داخل قلايته ، ولا يخرج منها ، ويمكث فيها بالأسابيع ، ولم يره أحد أثناء حبسه خارجها إلا للضرورة القصوى ، ومعروف أنه إذا قضى راهب هكذا مدة طويلة داخل القلاية ، فلابد أن يكون أغلب وقته في عبادة الرب من سجود وصلوات وتسابيح ، ويجمع الآباء أنه كان يحفظ التسبحة عن ظهر قلب وأيضا أغلب ألحان الكنيسة كان يجيدها جيدا وكان صوته ملائكيا. 

تلمذته وإدعائه الجنون

تتلمذ القديس على أبونا القمص عبد المسيح صليب المسعودي البراموسي ، وكان يمدح كثيرا في شقيقه القمص يعقوب البراموسي الذي كان يسير في حياته بطريقة ادعاء الهبل والجنون ، وكان الأخوين كلاهما يتخذ الشذوذ في الكلام وسيلة للتستر حتى لا تنكشف روحانيته العالية لأحد ، وتمثلاً بهما عندما وصل القس عبد المسيح المناهري المقاري إلى مستوى عالٍ من القداسة أراد أن يخفي فضائله وطريقته التي كان يسلكها عن الناس ، فبدأ يتصنع تصرفات الهبل والجنون في كل تصرفاته وأحاديثه ، لكي يبعد التفاف الناس من حوله حتى لا يعطلوه عن واجباته ، وذلك بإتخاذ بعض الكلمات الغريبة عن السلوك الرهباني مثل " أنا عايز أتجوز " ، فبدأ الناس يتشككون منه ، وحينما نزل إلى العالم للخدمة وردد هذه الكلمات ، قام بعضهم بعدة اختبارات لمعرفة هدفه من هذه الكلمات التي كان ينطق بها أمامهم ، منها أنهم قاموا بإرسال بعض النسوة إليه بعدما عملوا له كمينا محكما لئلا يكون جادا في كلامه عن الزواج ، لحماية من أرسلوها ، ولقد ثبت للجميع طهارة القديس ، فلم يستجب لها وتخلص منها بحركات جنونية ، وقد قاموا بهذا العمل لكي يطمئنوا من جهته لأنه كان يتردد على بيوتهم فخافوا على كرامتهم وشرفهم. 
وقد نصحه مرشده الأب القمص عبد المسيح المسعودي  والذي كان أب اعترافه أيضا بالنزول إلى العالم للخدمة والمحافظة على نفس الأسلوب حتى لا يقع في الصلف والكبرياء إذا ما تمجد الله بعمل معجزات على يديه كما سنرى في المواهب التي أعطاها الرب له .

سبب ادعائه الجنون 

يروي القمص روفائيل والقمص باخوم والقمص سلامة أن البابا يؤانس التاسع عشر البابا ١١٣ سمع كثيرا عن فضائل القديس القس عبد المسيح ، فطلبه ليكون أب اعتراف له ، تمهيدا لرسامته مطرانا ، وعندما مثل بين يدي البابا بدأ البابا يلاطفه ببعض كلمات المحبة والتقدير والاحترام ، فرحا برؤيته كعادته المعروفة عنه بحبه للرهبان أصحاب السمعة الطيبة ، وإذا بالقديس يتظاهر أمامه بالهبل ، لكي يحول نظر البابا عنه ولكي يتخلص هو من محبة الرئاسة ، فقال أبونا للبابا كلمات لم ينتظرها من شخص سمع عن فضائله الكثير والكثير جداً.  وذلك بقوله للبابا البطريرك :" أنت متزوج أمي ! وأنا كمان عايز أتجوز " ، وحين قال القديس بزواج البابا من أمه كان يقصد زواجه بالكنيسة أمه الروحية التي تنجب القديسين ، وحين قال أنه يريد الزواج هو أيضا أي أنه لا يريد ترك وحدته والانشغال بأعمال الأسقفية ، وعندما سمع البابا يؤانس هذه العبارة لم يفهم قصد القديس فطرده من أمامه بقوله :" أمش من هنا ، انا كنت أفتكرك قديس ولكنك مجنون . " ، فخرج أبونا عبد المسيح من أمام البابا متهللاً بتخلصه من مسئولية قد تكون سببا في هلاكه إذا توانى في واجباتها ، ثم استمر أبونا القديس من تلك اللحظة في ادعاء الجنون والهبل تخلصا من مديح الناس ومن المجد الباطل .

عفته

قبل أن يستوطن القديس في المناهرة كان يتردد على  أديرة الراهبات بمصر القديمة وحارة زويلة ، وقد روت رئيسة دير ابو سيفين هذه القصة للأنبا مينا مطران جرجا عام ١٩٤٠ م فقالت : إن القديس كان يتردد كثيرا على أديرة الراهبات ، فنظر راهبة تعتني بنفسها في المأكل والملبس والنظافة الجسدية ، بطريقة تخالف بساطة الرهبنة وتقشفها ، وأراد نصيحتها بطريقته التي لا تصلح مع أحد غيره ، فكان كلما وجدها يقول لها : " أنا عاوز أتزوجك " ، فكانت الراهبة تنفر منه وتتضايق من كلامه ، وكانت تخاف منه ، فذهبت وحدثت رئيسة الدير بما صدر منه لها ، فاستدعت رئيسة الدير ثلاث راهبات ، ورسمت لهن خطة ، فأمرت بوضع ستارة على السرير ( ملاءة ) تستر كل جوانبه ، وأن تختبىء تحته الراهبات الثلاث ، وأوصت الراهبة أن تقول له أنها تريد الإعتراف،  وعندما يدخل قلايتها تقول له أريد الزواج منك كما كنت تقول، ولقد نفذت الراهبة الخطة وعندما دخل قلايتها قالت له " تعال نتزوجوا بعض أنا وأنت " فقال لها القديس :" أتركي الموضوع لبكرة " ، ثم طلبت منه بالحاح فلم يستجب لها وقال: " بكرة ..( غدا )  بكرة " ولما رأى إصرار الراهبة بدأ يغير حديثه معها وأخذ يعظها قائلا : حرام عليكي أنتي راهبة خلي جسدك طاهرا لأن الرسول يقول " أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟  إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ فَسَيُفْسِدُهُ اللهُ، لأَنَّ هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الَّذِي أَنْتُمْ هُوَ. 1 كو 17-16: 3 " . ثم قال لها : " وكمان أنا راهب ، وبعدين ربنا يغضب علينا بسبب عهد البتولية الذي قطعناه معه . أحسن تروحي النار ، ألبسي هدوم فقيرة وبلاش التزين الذي لا يتفق مع حياة الرهبنة " ثم رجع يتظاهر بالعبط، وتكمل الأم رئيسة الدير قائلة: وفي هذه اللحظة خرجت الراهبات الثلاث من تحت السرير ، وقالوا: شهدنا لك يا أبونا عبد المسيح ، فتظاهر بالغضب وقال وأخذ يقول : " أنا كنت عاوز ( أريد ) أتزوجها،  وستي العذراء هامشي، ومش هأقعد معاكم تاني " ، ثم قام في الحال ولم يدخل الدير مرة أخرى .
وقد حدث معه الكثير من هذه الأمور سواء بترتيب ليُكشف أمره بسبب كلمة انا عاوز أتجوز التي كان كثيرا ما يرددها أو بتجربة من الشيطان كما سنسرد فيما بعد 

صيامه ونسكه 

كان القديس يقتات من الفتات الساقطة من مائدة الدير ، ويبلها في الماء أو أي نوع من المطبوخات البقولية أو الخضار إذا وجد ، ويأكل مرة واحدة في اليوم من المساء إلى المساء فقط ، بإجماع كلا من أباء الدير والذين كان ينزل في ضيافتهم ، وأحيانا كان يتظاهر بالأكل أمامهم في الصباح الباكر ، أما عن ملابس القديس فإنه لم يقتن ثوبين في حياته ، فلم يبصر أحد في قلايته أثناء ترددهم عليه أي نوع من الملابس غير ما كان يستر به جسده ، ولقد أجمع الكل أن الثوب الذي كان يلبسه القديس إذا ألقاه في الشارع لا يأخذه أحد ولو كان محتاجا إليه ، إلا لو كان على سبيل البركة ، وربما كان استحمامه قليلا ، وإذا غسل قطعة من الملابس ينتظرها إلى أن تجف ، وبعدها الثانية والثالثة ، غير أن رائحة جسده وثيابه كانت دائما زكية ، ومسكنه ( في قرية المناهرة) كان عبارة عن عشة حقيرة ، مبنية بالطوب اللبن ( الأخضر - الطيني) ، وغير مبيضة كأحقر عشة يسكنها أفقر الناس المعدمين ، لا بل وأقل وهي لا تزال موجودة إلى الآن ، وكان يمسك في يده عصا من جريد النخل أو فرع من فروع الأشجار ، أو من عيدان الذرة .
هذه كانت هي حياة أبينا القس عبد المسيح المقاري المعروف بالمناهري من حيث أسلوبه في الكلام والاكل واللبس .

                           مواهب القديس 

القديس السائح 

يروي الأنبا مينا مطران جرجا هذه القصة فيقول : في سنة ١٩٥٧ كنت في زيارة القديس بقرية المناهرة ، فكلفني برسالة أبلغها إلى القمص منصور البراموسي ، وكان يقيم وقتها مع القمص مينا المتوحد " البابا كيرلس السادس " بمصر القديمة ، وعندما وصلت إلى هناك وجدت القمص مينا جالسا في حجرة بسيطة لاستقبال الزائرين ، وكانت معرفتي بالقمص مينا في ذاك الوقت ضعيفة مجرد سماعنا عن بعضنا فقط ، فسألت القمص مينا عن القمص منصور وعرفته أنني أحمل إليه رسالة من أبينا عبد المسيح المقاري العبيط ، وعند سماعه اسم القديس قال بلهفة " هو فين ؟" وهل أبوناعبد المسيح يعيش إلى الآن ؟ فقلت له نعم يا أبي موجود على قيد الحياة وبصحة جيدة ، فقال بلهفة أشد من الأولى " في أي مكان " فقلت له في قرية المناهرة مركز مطاي ، فقال قداسته " بركة صلواته تكون معنا " ، وهنا سألته هل تعرفه يا أبانا ؟ فأجاب بقوله " أعرفه وأعرف عنه الشيء الكثير ، وكنت متتلمذا عليه عندما كان ساكنا في دير البراموس " فرجوته أن يذكر لي شيئا مما يعرفه عنه وقلت له أنني في حيرة من أمر هذا الرجل فقال : " يا أبونا لوقا ، أبونا عبد المسيح قديس عظيم ، ولكنه يتستر في العبط . وهو من الآباء السواح ، وهو دائما يصلي معهم . أنا كنت في ليلة من الليالي قد عملت القربان.  وكان أبونا عبد المسيح ساكنا معنا في دير البراموس ، فقمت لأطمئن هل القربان أختمر أم لا ؟ ، وكان حوالي منتصف الليل ، وكان لابد لي المرور من أمام قلايته فسمعت أصواتا كثيرة بداخلها ترتل ألحان التسبحة بنغمة شجية معزية ، ودفعني حب الأستطلاع أن أنظر من بين ألواح باب القلاية لأرى مَن مِن الرهبان يلحن معه التسبحة ، فرأيت نورا ساطعا وهاجا لا مثيل له في الدير فتحيرت في الأمر ، وقلت في نفسي ، هل الرهبان تركوا قلاليهم وأتوا ليسبحوا مع أبونا عبد المسيح ، وأخيراً دفعني حب الأستطلاع بكيفية لم استطع التغلب عليها ، فطرقت بابه ، وإذا بالأنوار تنطفيء ، والأصوات تختفي ، والظلام يسود القلاية . ثم خرج أبوناعبد المسيح ، وتظاهر بأنه كان نائما ، وبدأ يمسح في عينيه كأنه يريد أن يطرد النوم عنهما وقال بلهجة تظاهر فيها بالغضب : أنا نائم وهل يصح تقلقني وأنا مستريح ، وهل دي أصول رهبنة.  فقلت له أخطأت يا أبي حاللني ، فقال الله يحاللك بس متعملش كدة تاني ، فقلت له سمعا وطاعة ، ومشيت من أمامه وحب الأستطلاع دفعني ثانية وبشدة ، فابتعدت قليلا عن قلايته وتواريت خلف نخلة كانت أمامها ، لأرى من سيخرج من قلايته من الرهبان الذين كانوا يسبحون معه ؛ وأخذت أترقب بانتباه حتى ضرب جرس التسبحة حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل ، فخرج هو بمفرده ، وذهب إلى الكنيسة ، فدخلت قلايته فلم أجد فيها أحدا ، وكان يتركها مفتوحة باستمرار ، وما كان يوجد فيها غير الحصيرة التي كان ينام عليها.  وقد راقبت قلايته عدة ليال زيادة في التأكد ، فكنت أسمع نفس الأصوات في أغلب الليالي ، وأرى النور الساطع بين ألواح باب القلاية كما في المرة الأولى ، ولكنني لم أقرع بابه طاعة لأمره ، وقد تكرر معي هذا المنظر عدة مرات ، فعلمت أن أبونا عبد المسيح كان يصلي مع السواح .

شهادة راهب رأى القديس طائراً

يقول الأنبا مينا مطران جرجا : في سنة ١٩٦٠ م جلس معي القمص ميخائيل الإثيوبي، وتحدثنا في موضوعات كثيرة ، وفي أثناء الحديث تطرقنا لسيرة أبينا القس عبد المسيح فحدثني بالقصة الآتية قال :- " كنت من ثلاثين سنة تقريباً أسكن بدير السريان (بوادي النطرون ) وكان أبونا عبد المسيح يسكن أيضا هناك ، وقد نزلنا نحن الأثنين أجازة لمدة قصيرة ، ثم عاد كل منا في طريق غير الآخر ، فأنا رجعت إلى الدير عن طريق الخطاطبة " خط المناشي " بالدواب مع متعهدي القافلة الخاصة بتوصيل مؤونة الدير ، وكنت قد جلست أنا ورجال القافلة لتناول طعام الغداء في منتصف الطريق ، بعد مسيرة خمس ساعات بالجمال ، فنظرت طائراً أشبه بغراب أسود آتياً علينا على ارتفاع حوالي مائة متر عن الأرض ، وعلى بعد كيلو متر تقريبا ، رأيت الطائر نزل من العلو ومشى على الأرض على شكل إنسان ، ولكنني لم اتحقق المنظر من البعد ، رغم بعده كان مُلفت للنظر ، فوجهت نظري نحوه بصفة دائمة للتأكد ، وكان كلما اقترب منا يزداد وضوحا،  فيزيد ترقبي إليه ، حتى أصبحت المسافة بيننا تقاس بالأمتار ، وعند وضوح الرؤية وجدته الأب عبد المسيح مقبلا علينا ، فاندهشت وسألته : من أين جئت يا أبونا عبد المسيح ؟ فتظاهر بالأعياء الشديد من تعب المشي طوال المسافة وقال : " جاي من الخطاطبة " . 
ويستطرد القمص ميخائيل قائلا : وقد تسرعت وقلت له يا أبونا عبد المسيح أنا شايفك طاير في الجو وجاي علينا ، أذكرني في صلاتك ، فثار وتظاهر بالغضب وقال لي : " يا حبشي يا أسود أنت شفتني طاير ؟ مش قاعد معاكم " ، ثم رجع من حيث أتى متجها نحو الخطاطبة حتى غاب عن نظرنا ، ثم بعد ذلك قمنا واتجهنا نحو الدير باتجاه يخالف اتجاه الخطاطبة بالطبع ، فوصلنا إلى الدير بعد حوالي خمس ساعات فوجدناه هناك ، مع أن اتجاه كلينا يخالف الآخر،  فسألت الآباء عن وقت وصول الأب عبد المسيح،  فقالوا لي : " حوالي خمس ساعات " .
أي بعد غيابه عنهم بدقائق .

القديس يلقي بنفسه من الطابق الثالث

روى أحد الكهنة للأنبا مينا مطران جرجا قائلا : إن إنسانة شريرة لعب بعقلها الشيطان ، أخذت القديس إلى منزلها ، وصعدت به إلى حجرتها في ثالث دور ، ثم طلبت منه الوقوع معها في الخطية فرفض،  وحينئذ أمسكته بقوة 
لأنها كانت أشد منه ، وأرادت أن تطرحه على سريرها ، فلما شعر القديس بخطورة الموقف ، دفعها عنه بقوة قائلا : " أبعدي عني " . وألقى بنفسه من شباك الحجرة من الدور الثالث ولم يصب بأذى ، ويقول الأب المحدث أنها تابت واعترفت بما حدث منها واصبحت إنسانة جديدة .

ظواهر خارقة للطبيعة تصاحب القديس

يستطرد الأنبا مينا في سرد المواهب التي صاحبت القديس أبونا عبد المسيح المناهري، والتي رواها له شهود عيان في الفترة التي كان بها في قرية المناهرة فيقول : روى لي السيد / مكرم حنا يواقيم المنهراوي هذه الحادثة قائلا : " كنت شماسا أخدم مع أبينا القس عبد المسيح،  وأثناء حلول الروح القدس على الذبيحة رأيته يرفع نظره إلى فوق وأصبح تائها،  وتوقف القداس حوالي خمس دقائق ، ونحن في صمت ، ثم بدأنا نذكره بالأواشي ( الصلوات ) التي توقف عندها أنا والمعلم جرجس ، فلم ينتبه إلينا .
وبعد ذلك سطع نور على الذبيحة ، ثم ملأ الهيكل ، مما جعلنا في رعب ، ومن شدة الخوف صرخت وقلت للمعلم جرجس شوف يا معلم ! ، وإذا بالمعلم ينعقد لسانه ولا يستطيع الكلام ، ثم بدأ محاولا الكلام بتلعثم ، وبعد برهة انحلت عقدة لسانه وتكلم برعب وهو يقول : شايف ، شايف يا مكرم . ثم أخذ القديس يبكي ويضرب على صدره ، وبعد انتهاء القداس أراد تغطية المنظر وأخذ يقول أمام الحاضرين :" أنا مخاصمك يا عدرا ، ليه تكشفي سري قدام الناس " ، ثم قال للمجتمعين:" ابحثوا لكم عن كاهن غيري أنا مخاصم العذراء " ، وامتنع عن الصلاة بالكنيسة  .

أصابع القديس تنير

كنت في زيارة للمقدسة روم توفيق المنهرواي والتي كان يقع منزلها مقابل عشة كان القديس يسكنها ، فورت سيرته وكانت موجودة سيدة تسمى همة سيد خليفة فقالت :" كنت ذات يوم مارة أمام حجرة أبونا عبد المسيح وكانت بها طاقة ( نافذة ) صغيرة مرتفعة عن الأرض حوالي متر ونصف ، وإنني طليت ( نظرت ) برأسي من الطاقة ، وكان أبونا عبد المسيح نائما ، فرأيت وجهه منيرا كاللمبة وأصابع يديه العشرة مولعة كالشمع، ثم مشيت وبعد نصف ساعة خرج وسد الطاقة ، لكي لا يراه أحد وهو نائم أو يصلي . وقالت أنني لم أقل لأحد عما رأيت إلا بعد ما سد الطاقة وتحجج بأن الثعابين والضفادع تدخل من الطاقة .

شهادة مماثلة 

حدثني الابن المبارك الاستاذ مكرم عبيد يسى من سمالوط بالآتي : كان أبونا عبد المسيح يبيت في منزلنا وفي ليلة دخل والدي المنزل متأخرا ، وكان أبونا عبد المسيح في تلك الليلة موجودا عندنا ... فسمع صوت أبينا عبد المسيح،  وظن أنه يريد شيئا ، فنادى عليه أكثر من مرة ولكنه لم يرد على والدي مما اضطره أن يحاول فتح الباب ، ولكنه وجده مغلقا من الداخل ، فنظر من فتحة الباب مكان المفتاح ، وإذ به يجد أبانا عبد المسيح واقفا وسط الغرفة وحوله هالة من نور وأصابعه عبارة عن شمع منير ، فتركه في خلوته مع الله ، وكان والدي يحدثنا باستمرار عن هذه الظاهرة . وعن طيبة الأب عبد المسيح. 

شهادة ثالثة 

قصة أخرى روتها السيدة مريم زوجة المرحوم المقدس حنا يواقيم فقالت أنها في ليلة نزلت من الدور العلوي من منزلها لقضاء بعض أمور المنزل ، وكان لابد من المرور على الحجرة التي كان يبيت فيها أبونا عبد المسيح،  فتقول : كان الشباك مفتوحا نصف فتحة ، فنظرت فوجدت أبونا عبد المسيح واقفا وحوله نور شديد ، والحجرة كلها منيرة ، فقلت له " أذكرني يل أبونا عبد المسيح " فبدأ يتظاهر بالعبط والجنون . 

شهادة كاهن 

كتب إلي ( الأنبا مينا) الأب القس حنا عوض كاهن كنيسة مار مرقس بالفاروقية مركز بني مزار يقول :" كنا في يوم أحد نصلي بكنيسة القديس الأنبا اثناسيوس الرسولي بقرية الكفور مركز مطاي ، وكانت الكنيسة مليئة بالمصلين ، والذي يقوم بخدمة القداس الإلهي أبونا المطوب القديس القس عبد المسيح المقاري،  وعندما ابتدأ بصلاة القداس أشرق نور عظيم لونه أحمر شبه النار،  وملأ الثلاثة هياكل،  وقد رأينا بعيوننا وكل الشعب المصلي بالكنيسة ، فمجدنا اسم الرب الممجد في قديسيه ، ومكث النور الذي يشبه النار لحين قال أبونا المجد لله في الأعالي " .

شهادة يرويها الأنبا مينا كشاهد عيان 

كنت في زيارة القديس بالمناهرة حوالي سنة ١٩٥٦ م وطلب الزواج من المقدسة مصطفية قبل وفاتها ، وكانت امراءة مسنة ، وكانت معتادة على طباع القديس وتصرفاته ، ثم أخذني معه للاتفاق معها ، وطلب من الأب القس يوحنا سليمان كاهن الكنيسة آنذاك كتابة محضر زواج له ، فخاف الأب يوحنا من أن الأنبا اثناسيوس مطران بني سويف الراحل يجرده ، وأصبح بين مصدق ومكذب ، فقلت له إذا كان عندك ملخص محضر قديم أحضره لنرى نهاية التمثيلية،  فقال يوجد عندي كعب لمحضر قديم ، وذهب ليحضره من منزل ناظر الكنيسة المرحوم توفيق سعيد،  وفيما هو راجع ومعه كعب المحضر ، كان معه الشماس صليب وهبه فرأى أصابع القديس مضيئة كأنها مصابيح كهربائية ، وكان ذلك حوالي الساعة التاسعة صباحا،  فصرخ صليب وقال للقس يوحنا:" أنظر يا أبونا صوابع أبونا عبد المسيح منورة " ، فنظر أبونا يوحنا وتأكد من المنظر ، ثم جاء مرتعبا وخائفا يرتعش ، وأخبرنا بما حدث ، وهو في حالة رعب شديدة .
ثم صمم القديس بعد ذلك على الاستمرار في تمثيلية زواجه لدرجة إننا جميعا كدنا نصدق رغم ما حدث ، فحضر بعد ذلك الاستاذ مكرم حنا يواقيم ، وهو الابن الروحي للقديس،  فقلت له:" يا مكرم اعمل معروف انت تعرف طباع الرجل ... خلصنا من هذا المطب " ، وطبعا معرفتي بالقديس كانت في بدايتها ، فقال له الاستاذ مكرم :" يا أبونا عبد المسيح نظام الحكومة الجديد لازم الذي يجري عقد الزواج يكون معتمدا موثقا من الحكومة ، لأن زواجك لازم يسجل في الحكومة ، وابونا لوقا لا يوجد عنده توثيق " فتظاهر القديس بالغضب ، وقام غاضبا وقال :" انتو عاوزين تعاكسوني وتعطلوا زواجي ، اعطوني فلوسي اللي دفعتها ، أنا مش هتجوز " وانتهت التمثيلية .

النبوة 

معجزة حدثت مع المقدس حنا يواقيم وهي تتلخص كالآتي: كان المقدس حنا مجربا بموت الأولاد وقد مات له ما يزيد عن العشرة أطفال ، فجاءه أبونا القديس وجلس على الأرض كعادته ، وأخذ يضحك مسرورا. فقال له المقدس حنا : عما تضحك على أيه يا أبونا عبد المسيح. 
فقال له : " هايجينا ولد ونسميه مكرم وفي المعمودية عجايبي " ، فيقول المقدس حنا : قلت له أنا مش عايز وجع قلب كل ولد يجي يموت . فقال القديس له : " متزعلش وستي العذراء هايجي مكرم وأعيش لما أحضر زواجه " ، وفعلا أعطاه الرب ابنا وقد عاش القديس بعد زواجه بسنين كثيرة .
معجزة أخرى حدثت مع نفس العائلة وهي أن بعد زواج مكرم جاءت السيدة والدته وقالت للقديس: أدع لمكرم وعروسته لكي يعطيهم الرب نسلا صالحا . فقال لها القديس بطريقة العبط : " متخافيش امراءة مكرم هاتبقى جارة وشايلة وحاملة " فضحكوا ولم يفهموا كلامه ، فحدث أن تمت النبوة وولدت كالآتي الأول والثاني والثالث حاملة به . فأصبحت تجر الأول في يدها والثاني تحمله على كتفها والثالث حبلى به . وصدقت النبوة جارة وشايلة وحاملة .

القديس يتنبأ بستة أطفال

هذه المعجزة حدثت مع سيدة تدعى فوزية حنا جرجس من بني مزار ، وقد كانت في كل مرة تحبل يحدث سقوط للجنين ، وقد تعبت كثيرا في العلاج ، فتقابلت مع القديس وطلبت منه أن يصلي من أجلها فقال لها : " متخافيش أنتي ستلدي ولد بنت ، ولد بنت ، ولد بنت ويبقوا مبروكين " ، وتقول أنها استغربت من قوله ، يعني ستلد اثنين في كل مرة أم ماذا ؟! . وفعلا أعطاها الرب حسب نبوة القديس ، ثلاثة أولاد وثلاثة بنات ، ولد بعده بنت في المرة التالية وهكذا تم ما قاله بالحرف .

القديس يتنبأ بنوع المولود 

هذه المعجزة تمت مع الأستاذ أنور رياض تالوت من قلوصنا مركز سمالوط يقول فيها : عندما كانت زوجتي حاملا بابني مدحت حضر أبونا عبد المسيح وقال لها " أنتي في بطنك ولد " فبدأت تستغرب ، ثم قال مدعيا العبط " تراهنيني بنصف سيجارة " فقالت أعطيك اللي أنت عاوزه ، فقال " نص سيجارة بس " وفعلا أعطاها الرب ولدا أسمته مدحت ، ويقول السيد أنور : قد تكررت نفس الحكاية مع ابني الثاني مجدي .

لازم يشتري 

هذه المعجزة حدثت مع السيدة ايلين زوجة المرحوم الخواجا حنا جرجس من بني مزار ، أنه مرة حضر القديس أبونا عبد المسيح وقال لها " قولي لأبو منير يشتري له خمسة أفدنة " فقالت له مالنا بها ، فقال لها " لازم يشتري " وبعد مدة قصيرة اشترى خمسة أفدنة بلا زيادة ولا نقصان ، كما حدد القديس رغم عدم توفر نية للشراء ، وقد عرف بعدها بفترة أن القديس قدم له هذه النصيحة بوحي من الله،  لأن الرب أعلمه ، أن تجارة القطن ستنتهي وتستلمها شركات ، وأن الأرض التي قال عنها القديس ستنفعه بعد انتهاء تجارة القطن .
تقول أيضا ذات السيدة أن القديس في يوم دخل منزلهم على غير انتظار وقال لها " قولي لأبو منير يبيع القطن قبل خمسة عشر يوم " ، والرجل كان يحترم كلام أبينا القديس ، فقام على الفور وباع كل القطن الموجود عنده ، وكانت كميات كبيرة،  وحدث بعد خمس عشر يوم أن سعر القطن نزل نزولا خطيرا وحدثت خسائر كبيرة في تجارة القطن ، ونجا السيد / حنا جرجس من ضرر بالغ كان سيلحق به حتما ، ومن وقتها أخذ يستشير القديس في أي مشروع يريد القيام به .

نخلة أبونا عبد المسيح 

توجد نخلة بقرية المناهرة تسمى " نخلة أبونا عبد المسيح " وقصتها كما يذكر سكان المناهرة جمعيا تتلخص في الآتي : جلس القديس وسط جماعة من المناهرة ، وكان يكبرهم المرحوم المقدس حنا يواقيم ، وكانت هناك نخلة صغيرة لا يزيد ارتفاعها عن نصف متر ولها حوالي خمس ورقات ولصغرها لم تثمر بعد ، فبدأ المقدس حنا يمازح القديس،  كنوع من التسلية ، فقال له يا أبونا عبد المسيح أيه رأيك النخلة دي هتطرح أحمر ؟ . فقال القديس عكسه أصفر ، ثم عكس المقدس حنا وقال يعني هتطرح أصفر؟! ، فقال القديس أحمر ، وهكذا كلما يقول المقدس حنا عن لون البلح يقول القديس عكسه ، وأخيرا قال القديس " هتطرح أصفر أحمر " ، وقد وضع الحاضرون القول في ذاكرتهم،  وقد كان أن النخلة تطرح سنويا البلحة نصفها أحمر والنصف الثاني أصفر وهي موجودة حتى الآن. 

شفاء المرضى 

كانت المعجزات التي تتم على يد أبينا القس عبد المسيح المقاري مصطبغة بصبغة من أدعاء الهبل للهروب من المجد الباطل كما سنرى في السرد الآتي وبرغم أنها أمراض كانت يصعب شفائها في ذلك الزمان إلا أن الرب تمجد كثيرا بواسطة قديسه أبونا عبد المسيح ونعمته هي التي حركت الأنبا مينا مطران جرجا المتنيح ليسطر لنا هذه المعجزات في السيرة التي كتبها للقس أبونا عبد المسيح.  

شفاء مريضة حار في شفائها الأطباء 

روى هذه المعجزة مع المرحوم حبيب اسطفانوس سكرتير مجلس بلدي سمالوط ، وكانت السيدة فيكتوريا زوجته الفاضلة قد مرضت وحار في أمرها جميع الأطباء،  وفي يوم دخل عنده أبونا القديس،  فطلب منه الصلاة من أجلها ، فإذا به يتعابط ويدور حول السرير ثلاث دورات ، ويقول للمريضة " إذا شفيتي تتزوجيني ؟ " ، وكان المرحوم زوجها يحب القديس ويعرفه جيدا ، فقال له خدها وتزوجها بعد ما تشفى ، أنا تنازلت لك عنها ، فضحك القديس ، وبعد سكوت دام حوالي دقيقتين قال لزوجها " يمكن تجيك الفكرة بعد يومين وتعرضها على الدكتور في المنيا ، فيقول لك عاوزة عملية ويطلب اثنا عشرة جنيها ١٢ جنيه " ، وفعلا عرضها على الطبيب وبعد الكشف عليها قال له تحتاج عملية ، وطلب المبلغ الذي ذكره القديس بلا زيادة ولا نقصان . وقد شُفيت السيدة بصلوات أبينا عبد المسيح وما الطبيب إلا واسطة فقط تستر فيها أبونا القديس. 

بعدما يئس الجميع 

مرضت السيدة اماليا بطرس والدة الشيخ عياد سعيد شيخ ناحية المناهرة بمرض يئس الجميع من شفائها، وكانوا يتوقعون موتها بين لحظة وأخرى ، وإذا بالقديس يحضر ويتظاهر بالعبط ويقول للحاضرين " أنا عايز أتزوجها " ، فقال له الحاضرون أنها بتموت ، هتتزوج ميتة ؟ وده وقت للهزار ؟ ، فقال القديس " لكن أنا عاوز أتزوجها ، وستي العذراء مش هتموت وهاتصحى وتعيش كتير كتير ، دي طاهرة عفيفة " ثم مد يده ورشمها بعلامة الصليب ، وخرج وهو يقول لهم " إن صحيت ( شُفيت ) ترضى تتزوجني أنا الأسود الشحات " ، فقال له ابنها الشيخ عياد : لما تصحى اتزوجها ، فضحك وخرج من المنزل ، وبعد خروجه مباشرة قامت صحيحة في الحال وعادت إليها صحتها بسرعة فائقة ومفاجئة،  وكأنها كانت نائمة واستيقظت فمجد الحاضرون الرب الذي سمع صلوات قديسه .

سيجارة القديس تشفي 

أصيبت عواطف نادر سمعان ( تاجر خردوات بالأقصر) وهي في الثامنة من عمرها بمرض الصرع ، وكانت تصاب بالأغماء باستمرار عدة مرات يوميا ، وقد يئس والدها وحار في أمرها وتعب كثيرا في علاجها ، وكان يفضل موتها على حياتها ، وعلم من بعض أحباء أبونا لوقا ( الانبا مينا ) أنه ذاهب إلى المناهرة للقاء القديس وعرف منهم الميعاد ، وقد حضر في نفس الميعاد المحدد ومعه ابنته عواطف وطلب من أبونا لوقا أن يتوسط عند القديس للصلاة عليها،  فأخذ معه المقدس حنا يواقيم وطلبوا منه الصلاة من أجلها ، فتظاهر بالعبط وبأنه " كييف سجاير " وطلب من المقدس حنا سيجارة فأعطاه ، ثم أشعلها ، وبعد أن اشتعلت السيجارة ، وضع الناحية المتقدة بالنار في فمه وبدأ ينفخ السيجارة إلى الأمام،  بدلا من سحب النفس داخل فمه ، فبدأت الفتاة تضحك عندما رأت هذا المنظر ثم قال " اسمها أيه ؟ " فقالوا له اسمها عواطف فقال لها " خدي يا عواطف نفس من السيجارة " فامتنعت ضاحكة ، فأقنعوها أن تضع السيجارة في فمها كأمره،  فأخذتها ووضعتها في فمها وهي تضحك ، لأنها لم تعهد مثل هذا المنظر ، ثم قال بعد أن وضعت السيجارة في فمها " البنت صحيحة ولا يوجد فيها مرض قوموا امشوا من هنا " ، فاندهشوا جميعا ، البعض آمن أن الرب سيصنع معجزة بصلوات القديس ، والبعض تشكك وأعتقد أنه صرفهم بهذه الطريقة التي جاءت في ظاهرها نوع الهبل ، ولكن الحقيقة أن المريضة شفيت تماما ولم يرجع لها المرض مرة ثانية من سنة ١٩٥٨ .

نياحة القديس 

كانت نياحة القديس هكذا :- ابتداء من عيد الشعانين كان يردد عبارة " أنا ها اكلل وافرح يوم العيد " ولم يقل هذه المرة عاوز اتزوج،  بل أكلل وأفرح ، وأخذ يردد هذه العبارة باستمرار فلم يفهمه أحد وكان الكل يعتقدون أنه يتعابط كالمعتاد وكان موجودا قبل العيد بخمسة أيام الشيخ إيليا عياد شيخ قرية كوم العرب مركز مطاي ، والمرحوم المقدس فانوس يوسف تاجر البصل بمغاغة ، والمرحوم المقدس حنا يواقيم،  وأخذ يردد أمامهم هذه العبارة كثيرا ، وقد استنتج الشيخ إيليا من كلام القديس أنه سينتقل إلى الأبدية فقال له بطريق الضحك كعادته مع القديس: أنت باين هتموت يوم العيد يا أبونا عبد المسيح.  فرد عليه أبونا القديس بقوله:" أنت عما تتنبأ يا شيخ إيليا خلاص " ، فقال له المرحوم فانوس : إيه دة يا أبونا سلامتك . فرد عليه القديس بقوله :" متزعلش يا أخوي أدي بوره وأدي بوره " ثم أخذ يحفر بعصاته حفرتين صغيرتين في الأرض ، فقال له المقدس فانوس : إياك أنا هاموت يا أبونا؟ . فغير أبونا كلامه وبدأ يردد عبارة " أنا لازم أكلل وأفرح يوم العيد " وأخذ يرددها على مسامع كل من صادفه .
وتمت نبوة أبوة عبد المسيح الأخيرة وتوفي المقدس فانوس في ليلة العيد وتنيح أبونا القس عبد المسيح المقاري وفرح في صباح عيد القيامة ١٤ أبريل سنة ١٩٦٣ م الموافق ٦ برموده سنة ١٦٧٩ ش 
بركة صلواته وشفاعته المقدسة تكون مع جميعنا ولربنا المجد الدائم إلى الأبد آمين 














إرسال تعليق

4 تعليقات

  1. بركه صلواته تكون معانا امين

    ردحذف
  2. بركه صلواته تكون معانه امين

    ردحذف
  3. شفاعتك تكون معانا

    ردحذف
  4. سلاام الرب عليك يا قديس ابونا عبد المسيح المناهري ازكرنا امام عرش النعمه لكي يتمج، الرب معنا ومع اولادنا دائما

    ردحذف