قبل أن نبدأ في سرد هذا الاختبار يلزمنا أولاً أن نعلم الفرق بين الجحيم وجهنم.
الجحيم هو استعلان غضب الله الحال في الساكنين فيه ، أما جهنم فهو الغضب الإلهي الآتي وتفعيله في العتيدين أن يتعذبوا فيه إلى الأبد ، وقد أعده الله لإبليس وملائكته حكماً ابدياً على كبريائه وتعاليه على خالقه . هذا وسيُلقى فيه جميع البشر الذين زاغوا وراء إبليس وقبلوا غوايته ولهثوا خلف شهواته التي أغراهم بها ، والله تبارك اسمه حينما أعد جهنم لإبليس لم يكن في الحسبان ان يطرح فيه الإنسان الذي فيه لذته وفرحته ومحبته لكن الإنسان هو الذي سيطوح نفسه بنفسه في جهنم من جراء خطاياه وآثامه وشروره وفجوره التي صنعها بدافع من إبليس بكامل إرادته فالإنسان قادر على رفض الشر وحين يخضع لمشورة إبليس يحكم على نفسه بنفسه مستخدماً حرية إرادته لهلاكه بدلاً من إستخدامها لنجاته من دينونة الله . وجهنم لم يُعلن ولم يُفتح بعد بيد أن الجحيم قد فتح أبوابه لقدوم إبليس إليه عقب سقوطه مباشرةً ، الذي لبث فيه بمفرده حتى خُلق الإنسان وسقط بغوايته ، وظل إبليس يُفسد فكر هذا المخلوق الجديد بالنسبة له ويبعده عن التوبة الأمر الذي دفع الإنسان إلى اقتراف الإثم بشتى صوره ، ومن ثم فتح الجحيم فاه وابتلع الإنسان أيضأ ، بل وصار الجحيم مسكناً لجميع الأرواح التي خلعت أجسادها بالموت وذلك من أبينا آدم وحتى مجيء الرب في الجسد وتكميل الفداء على الصليب وهكذا احتوى الجحيم نفوس الأبرار الذين رقدوا على رجاء فداء المسيح لهم ، وذلك في قسم منه دون أن يتألموا ودون أن يتمجدوا ويفرحوا ، كما احتوى أيضأ نفوس الأشرار في قسم آخر يتألمون ويتعذبون بجميع صنوف العذابات بعيداً عن أولئك الأبرار. وفيما بعد إتمام الفداء وصعود الرب إلى السماء وجلوسه عن يمين الآب ، رأت مشيئته الصالحة المقدسة أن يعلن لمن اختارهم قبساً من هذا الجحيم ليؤكد دينونته العتيدة أن تكون لجميع البشر. أما جهنم فلم يُعلن لأحد بعد ولم يُفتح بعد ومن ثم أضحى جهنم حائلاً أمام جميع لغات الإنسان التي نُطق بها على الأرض ، واستعصى على التعبير بكافة أدواتها ، ومن هذا المنطلق التزم الوحي الإلهي الصمت المطلق وذلك بين دفتي الكتاب المقدس من تكوينه حتى رؤياه ، واكتفى بمفردات معدودة للإفصاح عنه وهي ( النار الأبدية المُعدة لإبليس وملائكته) و ( البحيرة المتقدة بالنار والكبريت حيث البكاء وصرير الأسنان ) .
وحتى لا نخرج من سياق التجربة التى نحن بصددها سنقوم بنشر بحث كامل عن جهنم نتعرض لها بشئ من التفصيل ، والسبب من وراء نشر مثل هذه التجارب بالرغم من قسوتها ، هي لكي نكون على حذر لئلا نتهاون في حياتنا على الأرض ونكتشف وقوعنا تحت دينونة الله حيث لا ينفع ندم .
فإننا إن لم نبغض الجحيم وإبليس وأعماله المظلمة ، ونحب ونتطلع إلى الملكوت ويسوع المسيح الذي بدمه صار لنا دخول إلى ملكوته ونجاهد في الأعمال الخيرة لن نستطيع أن نسلك بحسن عبادة كما يليق بأبناء الله .
إلى هنا وجب التحذير لمن سيكمل قراءة هذا الإختبار فهو لا يصلح للجميع فليس من دواء يصلح لجميع المرضى هناك من هم غير قادرين على قراءة مثل هذه التجارب فرجاء محبة إن كنت لم تصل بعد إلى سن الرشد أو إن كنت من ذوي المشاعر المرهفة أو المخيلة الخصبة توقف هنا ولا تكمل قراءة .
تمهيد
ما كُتب بين دفتي الكتاب المقدس من التكوين حتى الرؤيا لم يردع الإنسان حتى يكف عن الخطية بشتى صورها ويدفعه أن يتوب عن شروره التي اقترفها ، ولأجل هذا الأمر لجأ الله تبارك اسمه أن يُعلن لمن اختارهم لزيارة الجحيم أنه مكان لا يحتمل إنسان لا أن يوجد فيه فقط بل لا يستطيع أن يراه وهو بعيد عنه .
وما يدعوا للأسف الشديد هو ما حدث في الآونة الأخيرة حيث اتفق فريق من مفسري الكتاب المقدس على أن العذاب في الجحيم يتمثل في انفصال الإنسان عن الله ، وأن نار الجحيم ما هي إلا مجرد تعبيرات مجازية عن الآلام النفسية التي تكابدها روح الإنسان في الجحيم على أثر حرمانها من المسيح الملك وسكناها في الظلمة تحت أمرة أبالسة الجحيم . حتى سمح الرب للبعض برؤية الجحيم كما هو ، والبعض الآخر سمح لهم أن يتذوقوا صنوف العذاب فيه حتى متى عادوا إلى الحياة في الجسد مرة أخرى يستطيعون أن يرووا بالتدقيق والتفصيل ما عاينوه بأنفسهم لأولئك الذين لم يروه ولم يتجرعوا عذاباته قط ، ومن ثم أضحت هذه الرؤى منظاراً للرؤية في ظلمة الجحيم المبهمة والمحجوبة عن رؤية ودراسة الإنسان ، وبالتالي التفسير الأدق والصحيح للجحيم وظلمته وصنوف العذاب التي فيه .
بيد أن صاحب التجربة كان شخص عادي جداً مثله مثل كثير من البشر وليس متعمق في دراسة اللاهوت ولا يقوم بأي عمل رعوي ، كان يعمل في مجال العقارات ويقطن في كاليفورنيا بأمريكا الشمالية وقد حدث هذا الإختبار في ٢٢ نوفمبر عام ١٩٩٨م .
الاختبار
يروي صاحب هذا الاختبار أنه لما عاد هو وزوجته من اجتماع الصلاة مساء كل يوم أحد كعادته لدى أصدقائهم ، ذهب إلى فراشه للنوم وفي الثالثة والنصف صباحا استيقظ من نومه وهو في حالة يرثى لها وممسكاً بصدغه ، ويصرخ نحو زوجته التي هرولت إليه ، لما انتبهت إليه ويقول لها " صلي من أجلي لقد أخذني الرب إلى الجحيم " .
ولما هدأت من روعه وناولته كوب ماء بدأ يقص عليها ما صيره في هذه الحالة المروعة ، إذ استهل حديثه إليها بأن قال لها : " لقد أخذني الرب من جسدي وألقاني في زنزانة سجن في الجحيم " ، وهو لم يدرك تفسيراً لهذا الأمر حتى عاد إلى جسده مرة أخرى ، واستطاع أن يصف لزوجته هذه بأن كان لها حوائط حجرية خشنة ، وقضبان على الأبواب وقد حدث كل ما رآه كأنه في دقيقة واحدة وأول ما استشعره في هذه الزنزانة حرارة هائلة لم يستطع أن يتحمل درجتها ، حتى أنه تعجب من أمره وتساءل في نفسه : كيف استطاع أن يحيا في هذه الحرارة العالية جداً إذ كانت أكبر بكثير من احتمال جسده لها ، ومع ذلك لبث على قيد الحياة في درجة الحرارة المرتفعة التي لا يتخيلها عقل إنسان.
مخلوقات مُشوَّهة
استرسل صاحب التجربة في سرد اختباره وقال " رأيت نفسي مطروحاً على الأرض وليست في جسدي قوة البتة ، إذ كنت مجرداً من أية قوة أقاوم بها ما صرتُ فيه وبشق الأنفس كنت أتحرك ، ووقتئذ نظرت لأعلى فرأيت مخلوقات في الزنزانة ولم أكن أعلم من تكون هذه في بادئ الأمر . هذا وقد نزع الرب من ذهني كوني مسيحي وبالتالي أمسيتُ إنسانا لم يقبل المسيح بعد ، هذا في نظر نفسي وقد أدركت في نهاية التجربة أن الرب قد جرد فكري من شخصه حتى يجوز الجحيم في نفسي ، وبالقدر الذي سمح به هو . أما عن هذه المخلوقات فلا أدري إن كانت شياطين أم ماذا ؟! .
إلا إنني رأيتهم في أجساد ضخمة - والحديث لازال لصاحب التجربة - إذ كان طول كل واحد منهم حوالي ١٣ قدم ( أربعة متر تقريبا) ، وكانت أجسادهم تشبه الزواحف الكثيرة الحراشف وصورتهم مُفزعة ومُرعبة ووجوههم مشوهة ، وأعضاؤهم غير متناسقة إذ كانت إحدى أيديهم أطول من الأخرى ورجلا كل منهم غير متساوية طولاً وسُمكاً . وهكذا كانت أعضاء حواس رؤوسهم أعني أذانهم وعيونهم وأنوفهم وأفواههم كانت مُشوهة ومُنفرة ، وأشار صاحب التجربة في حديثه عن شخص آخر قد مر هو أيضاً بذات التجربة ورأى نفس ما رآه صاحب الاختبار .
استرسل صاحب التجربة في وصف أحد هذه المخلوقات وقال : " كان ضخماً وشرساً ومتوحشاً ويكره جنس البشر جميعاً ، وكان يتمشى في زنزانة سجن الجحيم هذا كما لو كان ثوراً محبوساً ، وكان على أهبة الاستعداد لأن يطأني بقدميه ويمزقني إرباً إرباً وقد بدا لي أكثر من أي حيوان مفترس ومتوحش ، وطبيعته كانت مُرعبة وأنا كنت في حالة فزع ورعب لم يسبق لي أن كنت في هذه الحالة وذلك من فرط صورته المُخيفة ، فقد كانت رأسه كبيرة الحجم والوزن وأسنانه عبارة عن مخالب طول كل منها ما يقرب من ٣٠ سنتيمتراً وكانت هي الأخرى غير متناسقة ولا متساوية ، وأستطيع أن أجزم بالقول أنه ليست هناك مفردات للغة ما يمكنها أن تصور أو تصف هول ما رأيتُ ، وهذا المخلوق الشيطاني كان يمشي في أرجاء الزنزانة ويتحاور مع شيطان آخر وهذا الآخر كان يختلف عنه ، إذ كانت له زعانف حادة كشفرات أمواس الحلاقة وذلك في أنحاء جسمه وهو كان أنحف من الأول إلا أنه قوي البنية وعريض المنكبين " .
وأضاف : " وكم كنت أنا صغيراً جداً بالنسبة لهم جميعاً ، أما من جهة رائحة هذه المخلوقات فقد كانت نتنة ورديئة جداً ، حتى أنها أزكمت أنفي إذ لا يمكن لإنسان أن يشتم هذه الرائحة ، وفي الجحيم اشتممت رائحة كبريت يحترق مما أعاقني عن أن أتنفس ، فقد كانت هذه الرائحة تفوق رائحة أبخرة سامة تصعد من حمم بركانية فهي قاتلة وسامة . وأولئك الذين في الجحيم يستنشقون رائحة السموم القاتلة ومع ذلك يظلون على قيد الحياة ، وأحسست أنه لا يوجد هواء يكفي لأن يتنفس أولئك المحبوسون فيه ، ولا يمكن لأحد هناك أن يأخذ نفساً عميقاً ، مثلما يفعل الإنسان على الأرض ، إذ يعتقد كل منهم أنه لو استنشق هواء هذا الجحيم سيموت ورغم ذلك يستنشقه ويختنق به ويلبث حياً إلى الأبد في سجن هذا الجحيم .
كراهيتهم لله
بدأت هذه المخلوقات تسبّ الله وتلعنه وتجدف عليه - هكذا استأنف صاحب التجربة حديثه - ولقد استطعت أن أفهم ما يقولون ، لكن لم أعرف أية لغة كانوا ينطقون بها وأدركت أن لديهم كراهية شديدة نحو الله ، وهم لما انتبهوا لشخصي أدركتُ فيهم كراهيتهم لي وتعجبت في نفسي وتساءلت : لماذا يكرهونني هكذا مع أني لم أراهم من قبل ولا أعرفهم وهم لا يعرفوني أيضاً. وفيما كنت متفكراً هكذا في نفسي اقترب مني ذلك المخلوق الضخم الذي أشرتُ إليه سلفاً ، ورفعني وأمسكني بقبضة يده الواحدة ودفعني بكل قوته إلى الحائط. وبدوت في يده كما لو كنت عديم الوزن ، وقتئذ أحسست بعظامي تتكسر وشعرتُ بالألم ولكنه كان خفيفاً إلى حدٍ ما ، وذلك لأن الله قد منع عني الشعور بالألم كاملاً ذلك الذي يتناسب والدفعة التي دفعني بها هذا المخلوق الشيطاني نحو حائط زنزانة الجحيم التي طُرحت فيها .
والله أوضح لي فيما القاني فيه أنه سمح لي أن أشعر بشيء من الألم ، حتى متى عُدت إلى الجسد ثانية لأستأنف حياتي أخبر الناس بأن هناك أحساساً بالألم في الجحيم ، وأنه ليس مجرّد تشبيه أو مجاز ، حسبما يعتقد الكثيرون ، وأضاف صاحب هذا الاختبار المؤلم حقاً يقول : " بعدما صنع بي هذا ذاك المخلوق الضخم ، أتى إليَّ المخلوق الآخر ذو الزعانف الحادة التي شملت جسده كله . وأمسكني من الخلف ورفعني ، وغرس في صدري مخالبه وللوقت تمزق لحمي وفُتح صدري ، ووقتئذ رأيتُ أن جسدي هذا دون دم أو ماء وأحسست بالألم ثانية كالمرة الأولى ، ولاحظت أن جسدي قد تحطم وتدمر تماماً وكنت مندهشاً ومتعجباً في أمر نفسي وأتساءل: لماذا لم أمت رغم هذا كله ؟ ، وهنا أدركت أن الذي في الجحيم لا يمكن له أن يموت بل سيلبث هكذا مُعذباً ومتألماً إلى الأبد " .
الظلمة القاتلة
" وقتها أردتُ أن أزحف لأبتعد عن هذه المخلوقات الشريرة إذ بالكاد تركوني لظلمة هذه الزنزانة ، تلك التي كانت حالكة ودامسة ولا يستطيع أي إنسان أن يتخيل تلك الظلمة التي صرت فيها ، وأذكر أنني فيما سبق حين كنتُ في الجسد أن ذهبت إلى مناجم الفحم في أريزونا حيث كان الظلام دامساً في الأعماق ولكن هذا الظلام الذي لمسته في الجحيم كان يختلف شكلاً وموضوعاً. ولا يمكن لأحد أن يتصوره في عقله حيث أن هذه الظلمة التي أعنيها يُهيمن عليها حضور الشر لإبليس وملائكته ، وكان هذا الظلام المُفعم بالشر كافياً جداً بأن يرعبني ويصيرني حطاماً وشعوري بالخوف الذي لا يُعبّر عنه ولا يسوغ لإنسان أن ينطق به ، كان قادراً أن يميتني ولكن في الجحيم أدركت أن ليس موتاً لمن يسكن فيه ، بل سيظل هكذا إلى الأبد " .
استرسل صاحب التجربة وقال : " نظرت إلى اليمين ، فأبصرت قليلاً وذلك لأنه كان هناك ألسنة لهب مُرتفعة نحو السماء ، وكانت تبعد عني بمسافة استطعتُ أن أقدرها بعشرة أميال ( حوالي ستة عشر كيلو متراً ) ، وأنا لا أدري كيف استطعتُ أن أقدر هذه المسافة ولكن الذي أدركته وقتئذ أن الإنسان خارج الجسد تزداد معرفته وتصير فائقة ، وحواس الإنسان وهو خارج الجسد تصير أكثر حدة عما كانت عليه في الجسد والذين في الجحيم يكون لديهم أدراك أعلى وفهم أفضل ولأجل هذا عرفتُ مقدار هذه المسافة التي يوجد عندها اللهب ، وإن كانت ألسنة اللهب هذه قد أنارت السماء قليلاً ولكن ليس هو الحال في الزنزانة التي كنتُ فيها ، وذلك لأن حفرة النار التي كانت تصعد منها ألسنة اللهب كان قطرها ميلاً واحداً ، وبالطبع لو كانت هذه الحفرة المشتعلة بالنيران على سطح الأرض لأنارت مساحة كبيرة من الأرض المحيطة بها . ولكن حين تكون هذه الحفرة النارية في أعماق الأرض فالضوء المنبعث منها لا يستطيع أن يصل مسافة بعيدة ولذلك بالكاد كنت أرى ، ورأيت أرض مُقفرة قاحلة جرداء ، فلما رأيتُ أنا هذا القفر أمسكني أحد هذه المخلوقات وأعادني إلى الزنزانة وسحق رأسي سحقاً حتى باتت مُنبسطة ، ولا أدري كيف عشتُ ورأسي مسحوقة هكذا ، وقد تفتتت وتناثرت ، ولا أعرف إن كانت رأسي عادت إلى حالها الأول أم لا . وكنت متألماً إلا أن الألم كان لي حسبما سمح الرب. وفيما كنت مسحوق الرأس هكذا أمسكت مخلوقات أخرى بذراعيَّ وقدميَّ ومزقوها عن جسدي وقتها قلتُ في نفسي أنني لن أستطيع أن أحتمل هذا الألم ، وللوقت أحسست بشيء قد أمسك بي وجذبني خارج هذه الزنزانة ووضعني بجانب ألسنة النار التي أشرتُ إليها فيما سبق حينئذ فرحتُ لكوني أُنقذت من هذه الزنزانة إذ مرت بي لحيظة شعرتُ فيها بشيء من السلام ، وللوقت أدركت أن الشيء الذي جذبني وأتى بي إلى جوار ألسنة النار هذه كان هو الرب .
حفرة النار :
ويصف صاحب الاختبار حفرة النار هذه بقوله: " ولما وضعني بالقرب من حفرة النار هذه أمكنني أن أرى كل الذين كانوا فيها ، وسمعتهم يصرخون وهم يحترقون واستطعت أن أستوضح معالم أولئك الذين كانوا في حفرة النار ، وأن أرى هياكلهم العظمية فهم جميعاً كانوا عبارة عن هياكل عظمية دون لحم يكسوها ، وكانت هذه الهياكل في حجم الكلب ولم أرى هياكل عظمية لأطفال صغار ومن ثم أيقنتُ أنه لم يكن في الجحيم صغار . وقد عللتُ في نفسي هذا الإيقان بصرخات أولئك المحترقين في نار الجحيم هذا التي كانت لأُناس كبار بالغين وليسوا أطفالاً البتة ، فلقد كانت صرخاتهم عالية ومدوية إذ كانوا ملايين من الناس بل قُل مليارات من الذين هلكوا وذهبوا إلى الجحيم ، ولعل أياً منا تُثار أعصابه لسماعه صراخ إنسان مرتعب لشيء ما ، فكم بالحري تكون هذه الإثارة حينما تسمعون مليارات من البشر يصرخون من الفزع والخوف والعذاب هناك .
فلقد كدتُ أن أصاب بالصمم في اذنيَّ حين كنت أسمعهم ، إذ لم تكن حيلة للهروب من هذا الصراخ والنحيب والبكاء والعويل ، من فرط العذاب والرعدة والهلع للذين سيمكثون إلى الأبد هناك ، ونظرتُ الناس في هذه الحفرة النارية يحاولون الخروج منها زحفاً ، لكنهم لم يستطيعوا . لأن شياطين كانت تُحيط بهم من كل جهة وكانوا يدفعونهم للخلف مرة أخرى وهم لم يكن لديهم القدرة على الخروج منها ، وكنت خائفاً ومرتعباً للغاية لئلا يلتفتوا إليَّ ويلقون بي في هذه النار الشديدة الحرارة جداً ، ورجوتُ الذي أخرجني من الزنزانة التي كنت فيها محبوساً إلى جوار حفرة النار هذه أن لا يسمح بأن أُلقى فيها مطلقاً.
وعقب صاحب التجربة على اختباره هذا الذي دونه في كتاب حمل اسم " ٢٣ دقيقة في الجحيم " قائلاً: " العلماء يجزمون بأن الحرارة في مركز الأرض تُقدّر بحوالي ٦٦٥٠ درجة مئوية ، وأنا أدركت هذا من قِبّل المعرفة الفائقة التي كنتُ عليها ، أنني كنتُ تحت سطح الأرض بحوالي ٣٧٠٠ ميل أي ما يعادل ٥٩٥٣ كيلو متر في عمق الأرض ، والعلماء يقولون أيضاً أن طول قطر الأرض يُقّدر بحوالي ١٢٨٧٥ كيلو متر. أي أن نصف قطر الأرض يُقّدر بحوالي ٦٤٣٧ كيلو متر وبالمقارنة بين هذا الرقم والعمق الذي كنت فيه تحت سطح الأرض وهو ٥٩٥٣ كيلو متر يتضح أنني كنت قريباً جداً من مركز الأرض حين كنتُ بالقرب من هذه الحفرة النارية ، تلك التي عرفت أن طول قطرها ميلاً أي ١٦٠٠ متر وكما أوضحتُ لكم سلفاً أن هذه المعلومات بشأن الأعماق ، قد أدركتها من تلقاء نفسي وأنا بعد في الجحيم ولا أدري كيف حصلتُ عليها أو من أين وردت في ذهني .
ولكن هذه هي المعرفة الفائقةالتي يكون عليها الإنسان في الجحيم ، واستطرد صاحب الاختبار في حديثه وقال :" لقد رأيتُ بجوار هذه الحفرة النارية المعنية بالحديث حفراً نارية أخرى ، وكان بها أناس أيضاً وفضلاً عن الزنزانة التي حُبست فيها كانت هناك سجون وزنزانات أخرى ، وكانت ملآنة بالناس الهالكين فيها وعرفتُ أن الجحيم يحتوي على أماكن كثيرة ومختلفة من حيث مستويات العذاب فيها . إذ الكل ليسوا متساويين في العقاب والعذاب حينئذ فكرتُ في نفسي وقلتُ أن كل البشر الذين يعيشون على سطح الأرض في ست قاراتها، لعلهم لا يدركون أن هناك عالماً كبيراً من أرواح البشر الذين قد يتفوق عددهم عن أولئك الذين على السطح يحيون في الجحيم في أعماق أعماق الأرض ، وهم يتعذبون ويتألمون ويحترقون والخوف والفزع والرعدة تحيط بهم من كل جهة وهم ضائعون إلى الأبد عقاباً لهم على أعمالهم الرديئة وخطاياهم التي اقترفوها وهم بعد في الجسد يحيون على سطح هذه الأرض .
الصعود من الهاوية
بينما كنتُ بجوار حفرة النار تلك فوجئت بشيء إلى أعلى كما في نفق إذ بدا لي المكان الذي كنتُ محبوساً فيه كما لو كان كهف كبير ، وكانت على جانبيه من كل جهة مخلوقات شيطانية كثيرة أخرى غير التي ذكرتها بعضها كان قصيراً إذ يبلغ طولها ثلاثة أقدام أي تسعون سنتيمتراً ، وبعضها كان يتراوح طولها ما بين ستة وثمانية أقدام أي ما بين مترين ومترين ونصف ، وبعضها كان يبلغ طولها ثلاثين قدماً أي تسعة أمتار وهي ذات أحجام كبيرة نسبةً إلى طولها ، ورأيت ضمن ما رأيت من هذه المخلوقات الشيطانية ما كان في صورة ثعابين وعناكب وديدان ضخمة وحشرات مُختلفة وكل ما يعافه الإنسان ويكرهه رأيته هناك ، وكانت هذه المخلوقات جميعها تكره بني البشر جميعاً لسبب ما ، هذا وقد لاحظت أن المخلوقات التي كانت على جانبي هذا النفق الذي كنتُ أنا في قاعه كانت ملتصقة بحائط هذا الكهف ومُقيدة به ولا تستطيع أن تنفصل عنه ، وكم كنت مسروراً لكونها مُقيدة هكذا كي لا تقترب مني وهم أيضاً كانت أشكالهم مشوّهة وغريبة وشريرة وكافة أعضائهم غير متناسقة أيضاً وكانت تُجَدف على الله بكره شديد .
في رحب النور
وفيما كنتُ أصعد إلى أعلى أكثر فأكثر كنتُ أدخل في ظلام دامس تاركاً في الأسفل حفر النار التي أشرتُ إليها فيما سبق وكم كنتُ خائفاً لئلا أمكث هناك إلى الأبد ولكن فجأة انبلج نور باهر جداً كاد أن يفقدني البصر ، أنه نور لامع وبراق جداً .... أنه الرب يسوع المسيح .... لم أستطع أن أرى وجهه لكنني لمحتُ معالم جسمه فسقطت عند قدميه وكل ما أردته وقتما رأيته هو أن أحبه وأعبده وأسجد له ، ولم أكن أرغب مطلقاً أن يغيب عني إذ أحسست أنني لا أريد شيء سواه وأردت أن أشكره من كل قلبي .
فمنذ لحيظة كنتُ في طي النسيان ضائعاً في هذا الجحيم إلى الأبد وها هو قد أتى إليَّ ليرفعني منه ووقتئذ أعاد إلى ذهني بأني مسيحي ، وأنني لست مضطراً للذهاب إلى هذا الجحيم أبداً ولبثتُ مسبياً بعقلي وروحي وكل كياني في شخصه الإلهي ، إذ أدركت فيه كم يحبني هو وكم أحبه أنا أيضاً وأمسيتُ عاجزاً تماماً عن أن أصف جماله البهي والنور الذي فيه . فهو نور لا يُدنى منه وهو أصل النور وجوهره ومنه ينبثق كل نور في السماء وعلى الأرض ، وأنا لا أدري كم من الوقت لبث أمامي الرب بهذه الصورة ... ولكنني أذكر أنه لمسني وعندئذ قُلتُ يا يسوع ... فقال : أنا هو .
ولما قال لي انا هو سقطت عند رجليه كميت فلقد كان وديعاً ومُحباً لي ، ووجهه كان يضيء كالشمس في قوتها وأذكر أنه لما لمسني أخذت الأفكار تنتاب عقلي ، لكنني لم أرد أن أسأله شيئاً ، فقط كنتُ أريد أن أبقى أمامه وأن لا يغيب عني ، وأن أعبر له عن مدى شكري وامتناني له ومع أنني لم أُرد أن أسأله إلا أنه أجابني من تلقاء نفسه على كل تساؤلاتي إذ قرأ كل ما جال في فكري . فعلى سبيل المثال كنتُ أريد أن أسأله لماذا أرسلتني إلى هذا المكان المُرعب الذي هو الجحيم ؟ ، فأجابني: " لأن أُناساً كثيرين لا يؤمنون بوجود الجحيم ، وبعض من شعبي لا يؤمنون أن الجحيم حقيقي فقل لهم أنه حقيقي وموجود ، وليست رغبتي أن يذهب أي منكم هناك وليست إرادتي أن يذهب أحدكم هناك أذهب وقل لهم " .
ولما قال لي هذا صُدمت إذ سبق لي أن تقابلت مع مسيحيين كثيرين لا يؤمنون بالجحيم ولا بالهلاك فيه ، والبعض كان يؤمن أن الجحيم للشيطان فقط والبعض الآخر كان يؤمن بأن الناس الخطاة سوف يذهبون إلى الجحيم ويمكثون فيه ثم يخرجون منه ثانية ، والبعض الآخر يؤمنون أن الجحيم مجرد انفصال عن الله بمعنى أن العذاب فيه يكمن في الحرمان من الله فقط . وليس هناك عذاب بنار وكبريت ودود لا يموت إذ اعتبروا هذه كلها تعبيرات مجازية عن الجحيم ، ولما قال لي الرب هذا قلت له : " نعم يا سيدي سوف أذهب وأقول لهم " ... وألح عليّ سؤال جال بخاطري شرعتُ أن أسأله إياه وهو : لماذا يا رب أولئك الشياطين يكرهونني بشدة ؟! ، فأجابني الرب دون أن أنبث أمامه ببنت شفة قائلاً لي : " لأنك مخلوق على صورتي وهم يكرهونني أيضاً " .
وكنت أود أن أسأله: لماذا اخترتني أنا يا رب ؟ مع أنه كان يجب أن لا أفكر فيما سألته ، لأنني لو كنت جندياً في الجيش وأمرني قائدي أن أذهب لحراسة مكان ما لذهبت دون أن أناقشه ، فكيف لي أن اسأل الرب لماذا اخترتني لهذه المهمة ، لأجل هذا لم يجبني الرب ، ولكنه قال لي : " أخبرهم إني آتي قريباً جداً .... وكرر لي هذه العبارة ثانية ... أخبرهم إني قادم قريباً جداً ... جداً " . وقال لي أيضاً :" أذهب وأخبرهم مرة أخرى أني لا أريد أن يذهب لهذا المكان أي أحد " .
ومن الأسئلة التي كنتُ أود أن أطرحها عليه كان هذا السؤال : لماذا يا رب لم أعرفك في الجحيم لماذا لم أعرفك ؟ ، وقد أجابني كعادته دون أن أسأله : " لو كنت تعرفني لكان لديك رجاء ولكنني أردتك أن تختبر ماذا يشعرون هناك إنهم ضائعون للأبد بلا رجاء فهم لن يخرجوا وهذا هو أهم شيء تختبره " .
وقد علّق صاحب التجربة بنفسه على مقولة الرب له بكلمة جاء فيها : " إن العذابات فظيعة ، لكنكم هنا على الأرض لا يمكن أن تتخيلوا ما هو الحال أن تكونوا فاقدي الرجاء ، فالناس الذين في معسكرات التعذيب لديهم أمل في نجاتهم منه وإن كان بموتهم ، لكن الذين في الجحيم لا يمكنهم بأي حال من الأحوال أن يخرجوا منه أبداً . فإذا حاول إنسان أن يتخيل ولو لبرهة أنه سيبقى إلى الأبد في هذا العذاب وهذا الفزع والرعب والخوف لوجده أمراً يفوق قدرات عقله أن يحتمل هذا " .
قال صاحب هذه الرؤيا هذا واستطرد حديثه حول تجربته قائلاً : " فيما كنتُأصعد من النفق الذي كنتُ فيه ، أحسسته كما لو كان زوبعة دوامة حولنا حتى خرجت منه إلى سطح الأرض ، وقتئذ أدركتُ أنني أصعد فوق الأرض ، حتى دخلتُ في الفضاء وعندئذ أضحت الأرض مثل كرة أمامي ولكم دُهشت لكوني رأيت الأرض هكذا إذ رأيتها مُعلّقة على لا شيء ولم يسندها شيء . وهذا ما يقول به رواد الفضاء عندما يصعدون فوق الأرض ويدخلون في الفضاء إن الأرض تدور بانضباط تام . وقتئذ سمح لي الرب بلحظات اختبر فيها قوته واشعر بجزء منها فشعرت بالسلطان الذي له على كل شيء شعرت به جزئياً من قِبّل سماحه لي بهذا فرأيتُ مدى اتساع الفضاء بنجومه وكواكبه ، وأدركت كم هو متسلط على كل واحد منها وأدركتُ أيضاً أن هناك الملايين منها ، ولكل منها اسم عنده وهو يعرف كل شيء يدور في كل مكان . فكم كان هذا مذهلاً للعقل أن يشعر الإنسان بقوة الله وسلطانه على كل شيء ، وشاهدت الأرض تدور بسرعة ألف ميل في الساعة بانضباط تام ، والمياه لم تكن تغطي اليابسة ورأيت المحيط وتعجبت لكونه لم يدور مع الأرض ، وأحسست أن هذا المحيط لو انسكب قليلٌ منه على الأرض لأغرقها ولكن الله كان يحجز المياه في مكانها ، وأدركت أن الله يعرف كل ما يدور بخُلد الإنسان ويعرف كل شعرة في رأس كل إنسان ويعرف كل طير يطير على الأرض.
كل هذه الأفكار توافدت على عقلي الواحدة تلو الأخرى وأنا معه وعلمت أن الله يتسلط على كل شيء ولا يوجد شيء في الكون خارج سلطانه ، ولعل أي منا يعتقد أن الله لم يسمع صلاته أو قد يظن مخطئاً أن الله لا يعرفه ، فالله يُسيطر على كل شيء ويتسلط على كل شيء ويُدير كل شيء وهو يعرف كل شيء ، وأولئك الشياطين الذين كانوا يعذبونني حين كنت في قبضتهم من قَبّل سماح الله. وأدركت كم هم أقوياء للغاية ، وحدث لما صعد بي الرب من نفقهم هذا ، أني رأيتهم دوني كالنمل على الحائط وأنا لا أدري إن كانوا هم هكذا على حقيقتهم أم أنهم صاروا هكذا في حضور الرب ، إذ أمسوا كلا شيء ، حتى صرخت في نفسي : أنظر يا رب لهذه المخلوقات التي كانت قوية وضخمة ، وكم كنت خائفاً منها ، ماذا أصبحت الآن! .
وقتئذ أجابني الرب : " كل ما عليك فهو أن تطردهم بإسمي " .
ولما قال لي الرب هذا أحسست بقوته ومجده وسلطانه عليهم ، وقلتُ في نفسي تولى انت أمرهم يا رب ، وقتئذ أردتُ أن أمزقهم إرباً إرباً ، وقد أعطانا الله القوة أن نتسلط عليهم مادمنا نحيا فيه لكننا بدونه لا نستطيع أن نقدر عليهم مطلقاً ، ولقد سمح لي الرب أن أرى الناس يتساقطون في هذا النفق الذي أصعدني منه ، إذ رأيتهم يتساقطون الواحد تلو الآخر ، هنا صرختُ : أه يا رب كل هؤلاء يسقطون إلى حيث كنت . ولما صرخت هكذا سمح لي الرب أن أشعر بالسلام في قلبي وسمح لي أن أدرك حبه للعالم كله وكم هو يتألم حينما يرى الناس ساقطون في الجحيم ، فلقد كان يتألم آلاماً لا استطيع أن أحتملها وكان يشعر بأحزان لا أقدر أن اتحسسها فلما سمح لي الرب أن أشعر بقبس من آلامه وأحزانه هذه على أولئك الذين سقطوا ، صرخت وقلت له : كفاني يا رب .... أوقفها .... أوقفها ... انزعها مني.
إذ لم أستطع أن اتحمل الآلام التي كان يتألم بها تجاه كل إنسان يسقط في الجحيم فقد كان ينوح عليه ، وهو لم تكن له رغبة البتة أن يذهب إليه أي إنسان فلقد أعد الله الجحيم للشيطان وملائكته ، أما الإنسان فهو الذي يُقرر بذاته أن إليه حسب أعماله الشريرة ، هنا تساءلت في نفسي : ماذا لو لم يُصلب الرب عنا ؟! ، لكنا هبطنا إلى الجحيم ولكن شكراً للرب الذي أحبنا بهذا الحب حتى أنه بذل نفسه فداء عنا .
الهبوط إلى الجسد
فيما كنتُ طفلاً كنت أتمنى أن أرى الأرض من الفضاء ولهذا كنتُ أروم أن أكون رائد فضاء ، وأنا أعتقد أن ذكر لي أمنيتي هذه لذا قرر الرب أن يُريني الأرض من الفضاء ، فيما كان ينزل بي إلى حيث أقطن أنا ، فلقد أراني الرب الأرض كلها من الفضاء حسبما تمنيت في صغري وكم كان الأمر مجيداً وعظيماً لديَّ أن أرى الأرض كلها هكذا. حتى أنني فيما كنت أدخل إلى الغلاف الجوي الخاص بالأرض تذكرت أن علماء الفلك قالوا أنه يجب لمركبة الفضاء أن تخترق الغلاف الجوي بزاوية صحيحة تماماً وإلا احترقت ، لكن الرب اخترق بي الغلاف الجوي للأرض دون أدنى عائق ولم احسب شيئاً لما أدلى به العلماء ، وبطريقة ما نزل بي الرب إلى كاليفورنيا حيث أقطن ووجدت نفسي في منزلي أمام جسدي وكنت أعرف أنني لو دخلت في جسدي مرة أخرى سيغيب عني الرب ، وكم كنتُ أود أن أبقى معه ، ولكن كانت هذه هي مشيئته فلقد دخلت إلى جسدي ولا أعلم إن كنت قد دخلته من فمي أم من أنفي ، لكن الذي أدركته أنني قد عشتُ في الجسد وقد غاب عني الرب وحُرمت منه وكنت أود أن البث معه إلى الأبد .
لقد علمت أنني غبت عن الجسد ثلاث وعشرين دقيقة ، وهذا علمته بواسطة المعرفة الفائقة التي حُزت عليها وأنا خارج الجسد ، ومع أن الرب نزع من قلبي الخوف والرعدة من الجحيم الذي لبثت فيه نصف ساعة تقريباً ، إلا إنني لما أفقت أخذت أصرخ إلى زوجتي " صلي من أجلي ... لقد أخذني الرب إلى الجحيم " ، ولبثت محبطاً من هول ما رأيت ما يقرب من عام كامل حتى شُفيت ، وقد أخبرتني سيدة كانت قد مرت بمثل هذه التجربة وأراها الرب الجحيم هي أيضاً أنني سأُحبط لو أقدمت على الكرازة بما رأيت لأجل توبة الناس ، وقد كانت مُحقة إذ قالت لي هذا ، ولكنني وضعت في اعتباري أن أخبر الناس بكل ما رأيت حسبما أمرني الرب وأن أنصاع لأوامره مهما كانت النتيجة ، ولأجل هذا جعلتُ أتحدث في كنائس كثيرة في أمريكا حول ما رأيت حاثاً الناس على التوبة عن الشرور لئلا يذهبوا إلى الجحيم .
هذا هو الرجل
يذكر صاحب التجربة أنه ذهب إلى كنيسة " سكرامنتو " في روسيا وتحدث إلى خمسة آلاف نفس كانوا يسمعون في الكنيسة ، وذلك بواسطة مترجم ، وكان يحدثهم حول ذهابه إلى الجحيم والزنزانة التي حُبس فيها في قبضة ملائكة الظلمة بأشكالهم المُريعة ، وكذلك حفرة النار الهائلة وكيف أن الرب رفعه من هناك وصعد به إلى العلو ، وأجابه عن كافة أسئلته التي كانت تدور في ذهنه . وأخيراً عاد به الرب إلى الجسد مرة أخرى بعد أن لبث بالجحيم ثلاثة وعشرين دقيقة؛ ويضيف صاحب التجربة أنه بمجرد ما أنهيت حديثي فوجئت برجل طاعن في السن ويستند على عكاز ، أتى إلى الأمام على مرأى الشعب كله بالكنيسة وقال لهم : " هذا هو الرجل الذي قُلتُ لكم عنه " ، ويستطرد قائلاً: ولم أكن أدري عما يتحدث ولما قال هذا صفق له الجميع بعاصفة من التصفيق . وفيما بعد علمت من الناس أن هذا الرجل هو أحد خدام الكنيسة وكان سابقاً يهودي الديانة روسي الجنسية ، وقد سبق له أن اشترك في الحرب العالمية الثانية وقُتل أثناءها ، إذ كان في بلدة تدعى " أشروتز " وهي إحدى معسكرات التعذيب في المانيا ، ولكونه كان يهودياً كان يثير الآخرين بأنه ليس مسيحياً وهذا الرجل لما قُتل ذهب إلى الجحيم وناداه أحدٌ وهو هناك وأعاده إلى الحياة وكان قد كتب كتاباً حول تجربته هذه ، ووقتئذ صلى قائلاً :" يا رب أرسل شخصاً في يومٍ ما يؤكد ما رأيته " وهو حينما طلب إلى الله هكذا ، كان ذلك في غضون عام ١٩٤٤ م وها هو بعد ستين سنة يستجيب الله إلى صلاته بأن أرسلني الله إلى كنيسة بلدته لأتحدث بكل رأيت في الجحيم وليكون كل ما رويته تصديقاً لما رآه هو آنذاك وبهذا استجاب الرب صلاته .
الثمار
يذكر صاحب التجربة أنه حدث أن أرسل قساً إلى سيدة كتاباً مُرفق به اسطوانة تحمل اختباري ، وكان لهذه السيدة ابن في الثلاثينات من عمره وكان قد خرج من السجن لتوه بعدما أمضى به عشرين عاما عقوبة ، وكان يتعاطى المخدرات هناك وكان لا ينصت لأي أحد يحثه على التوبة ، هذا وقد كان هذا الرجل على موعد مع الله الذي افتقده بكتابي والاسطوانة التي تحمل تفاصيل اختباري . فالذي حدث أنه جلس يستمع لهذا الاختبار خلال الاسطوانة وبعدما انتهى من سماعها ، جثا على ركبتيه وصلى إلى الرب أن يقبل توبته وكان يبكي بدموع مرة وسخينة ، وبعدما صلى تائباً هكذا ، عزم على أن يذهب إلى الكنيسة ويقر بخطاياه هناك ولكن الذي حدث أنه بعد ست ساعات مات فيما هو نائم ، أما أمه فقد كانت فرحةمتهللة لكونه مات بعدما تاب عن خطاياه وكانت هي شاهدة على توبته ولبثت مبتهجة الروح لأجل توبةابنها وخلاصه .
أقرأ أيضاً عالم من واعصاب يتعرض لتجربة فائقة للطبيعة
0 تعليقات