Ad Code

سد يوليوس نيريري في تنزانيا .. إنجاز مشرف بأيادي مصرية




إنجاز كبير حققه المصريين على أراضي دولة أفريقية شقيقة ينبغي لنا أن نسلط الضوء عليه لنفتخر بما حققته السواعد المصرية من عمل متكامل ينافس شركات دول كانت تحتكر السوق الأفريقية مثل الصين وتركيا والبرازيل إنه سد تنزانيا عزيزي القارئ والذي سنذهب في جولة من خلال هذا المقال لنتعرف على الملحمة الإنشائية التي قالم بها تحالف من القطاع المصري العام والخاص ليثبتوا للعالم أن مصر قادرة على المنافسة وبقوة وفي جميع المجالات .

تاريخ سد تنزانيا 

تعود فكرة إنشاء سد على نهر روفيجى فى تنزانيا إلى عام 1940 م حينما تمت أول دراسة وأوصت ببناء سد صغير في الحجم للسيطرة على الفيضانات فى المنطقة وحماية البنية التحتية للرى لكن لم يتم الأمر لأن الدولة كانت خاضعة للحكم البريطاني الذي لن ينفذ مشروع يفيد أهل البلد الأصليين بعيد عن مصالحه وتجارته ، ثم في سنة 1961 م نشرت منظمة الفاو دراسة تتضمن إمكانية إنشاء سد بحجم أكبر يكون هدفه توليد كهرباء وتحويل المنطقة إلى بيئة صناعية بجانب السيطرة على الفيضانات وتوفير مياه الرى والشرب .
بعد استقلال تنجانيقا " اسم تنزانيا قبل أن تتحد مع جزيرة زنجبار " في العام 1961 م قال الرئيس التنزاني نيريري أن السدود الكهرومائية فرصة لتطوير تنزانيا والاتجاه لتصنيع بكهرباء رخيصة الثمن، للخروج من الأزمة الاقتصادية التي كانت تعاني منها تنزانيا، وراح يجول باحثاً على مصدر خارجى لتمويل السد، لكن هذا لم يحدث لأن البنك الدولى رفض تمويل المشروع بحجة أن نمو الطلب على الكهرباء فى تنزانيا محدود وليس هناك حاجة لبناء السد بالإضافة إلى وضع عراقيل متمثلة في مخاوف بيئية يمكن أن تحدث نتيجة بناء السد مما أحبط الشعب التنزاني بشكل كبير وقتها إلا أن حلم إنشاء السد ظل يراودهم برغم الظروف الإقتصادية الصعبة التي كانت تعاكسهم. 
تعقدت الأمور أكتر حين تم إعلان اليونيسكو المنطقة محمية طبيعية وموقع للتراث العالمى سنة 1982 م ، مما يعني استحالة فرص الحصول على أي تمويل دولي ، فاتجهت الحكومة لطرح المشروع على شركات وممولين وكان هناك فعلا مفاوضات مع الكثير من الشركات العالمية المهتمة بتمويل وتنفيذ سد تنزانيا، كانت آخرها شركة برازيلية ظلت تتفاوض مع الحكومة التنزانية من سنة 2009 م وكان من المنتظر أن تقوم بتنفيذه ولكن فوجئ الجميع بتوقف المفاوضات في 2014 م لأسباب لم يتم الإعلان عنها للرأي العام. 
في عام 2017 م أعلنت حكومة الرئيس جون ماجوفولى البلدوزر " هكذا يسمونه في تنزانيا " أن مشروع السد سيكون مشروعها القومي وسيتم تمويله من الحكومة بدلاً من اللجوء لمموليين خارجين .

مصر تدخل سباق الفوز بتنفيذ المشروع 

ما أن أعلنت الحكومة التنزانية عن مناقصة لإنشاء سد ستيجلر جورج على نهر روفينجى حتى تنافست عليها مجموعة شركات من مختلف دول العالم منها شركات مصرية وصينية وتركية وبرازيلية ولبنانية ولكن كان الفوز من نصيب شركة المقاولون العرب بالتحالف مع شركة السويدي للكابلات على أن تعمل الشركتان تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية ، لصالح الشركة التنزانية لتوريد الكهرباء تانيسكو. وفازت بها في أكتوبر 2018 م ، يقوم التحالف بتصميم وتنفيذ مشروع «محطة توليد وسد يوليوس نيريري الكهرومائية » بقدرة إجمالية 2.115 ميجاوات بمنخفض شتيجلر على نهر روفيچي بمقاطعة موروجورو بـجمهورية تنزانيا الإتحادية . وتم اختيار عرض التحالف المصري كأفضل العروض الفنية والمالية وتوقيع عقد المشروع بقيمة 2.9 مليار دولار أمريكي بتاريخ 12 ديسمبر 2018 في احتفال خاص أقيم بمدينة دار السلام، بحضور الرئيس التنزاني الراحل جون ماجوفولي ونائبته (الرئيسة التنزانية الحالية) السيدة سامية حسن ، ورئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي.

ما هو مشروع سد يوليوس نيريري 

المشروع هو لبنة في بناء بنية تحتية في مدينة دار السلام " العاصمة التجارية وأكبر مدن تنزانيا " وهو عبارة عن :
1 -  إنشاء سد خرساني بطول 1025 متراً عند القمة بارتفاع 131 متراً بسعة تخزينية حوالى 34 مليار م3 تم فيه استعمال 1.45 مليون متر مكعب خرسانة مدموكة في جسم السد الرئيسي استمرت اعمال الانشاءات على مدار 687 يوم بعد تحويل مجرى النهر في 18 نوفمبر 2020 .
 2 - محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية بقدرة 2115 ميجا وات ، وتقع المحطة على جانب نهر روفيجى بمنطقة موروجورو جنوب غرب مدينة دار السلام  والتي ستكون هي الأكبر فى تنزانيا بطاقة كهربائية 6307 آلاف ميجا وات / ساعة سنوياً .
3-  المشروع يشمل إنشاء 4 سدود فرعية لتكوين الخزان المائى ، وسدين مؤقتين أمام وخلف السد الرئيسى لعمل التجفيف والتحويل أثناء تنفيذ السد الرئيسى، بالإضافة إلى مفيض للمياه بمنتصف السد الرئيسى، ومفيض طوارئ، ونفق بطول 660 متراً لتحويل مياه النهر، و3 أنفاق لمرور المياه اللازمة لمحطة الكهرباء .
4 - كوبرى خرسانى دائم، و2 كوبرى مؤقت على نهر روفيجى ويتم خدمة منطقة المشروع بإنشاء أعمال مدنية بالمشروع تشمل، إنشاء طرق دائمة تربط الموقع بشبكة الطرق الحالية بطول 21 كيلو متر، وطرق مؤقتة للخدمة الداخلية والتي تربط الموقع بكل المنشآت الدائمة بطول 59 كيلو متر. 


مكاسب مصر من بناء مشروع ضخم مثل سد تنزانيا. 

أول كل شيء لابد أن نلقي الضوء على أهمية السوق الأفريقي عالمياً والذي تتنافس عليه كل الدول الكبرى تقريباً من أول الصين حتى إسرائيل التي تسوق نفسها على إنها خبيرة سدود ومشروعات ري وزراعة رغم إنها لا تملك الطاقة البشرية ولا الموارد الإقتصادية ( في حالة تمويل السد ) .
في كلمة لرئيس الوزراء التنزاني " قاسم ماجاليوا " موجها خطابه للشركات المصرية قال " أنتم تحملون أمل التنزانيين" من يمكنه حمل أمل شعب سوى شعب شقيق ، لقد استفاد الجانب التنزاني من أن تكلفة دراسات الجدوى من الشركات المصرية أرخص بكتير من مثيلاتها من اوروبا والصين وتركيا والهند، كما أن نقل معدات شركة المقاولين العرب إلى أفريقيا أرخص بكثير من جلبها من خارج القارة لإنها موجودة في أفريقية ، وأجور العمالة المصرية أرخص بكثير من نظيراتها كما أن الشركات المصرية إعتمدت على 85% من العمالة المحلية التنزانية في حين أن الشركات الأجنبية تفضل جلب عمالها بشكل أكبر مما يشكل عبء أكبر على الدولة صاحبة المشروع. 
هذه المقومات أعطت سبب أكبر لنجاح شركات قطاع المقاولات والبنية التحتية والطاقة المصرية في النفوذ إلى الأسواق وخصوصا الإفريقية والذي يعتبر شهادة جودة جديدة تنضم لسجل أعمالها ويمهد الطريق لدخول عدد أكبر من الشركات المصرية هذا السوق الناشئ بعدما كان حكر على دول مثل الصين والهند وتركيا، كما أن نجاح مصر في بناء سد بهذا الحجم يؤهلها لإقتناص صفقات أكبر كانت تحرم منها نظراً لقلة سابقة الأعمال الحديثة في مشاريع مشابهة خارج أراضيها ، وهو إثبات للتفوق المصري التقني والمهني في مجالات التشييد والهندسة والتصميم لمشروعات البنية التحتية خارج حدودها والذي طالته محاولات التشويه بهدف إبعاد مصر عن محيطها الإقليمي وعدم تحقيقها استفادة إقتصادية من موارها البشرية.

مكسب آخر ويعتبر أهمهم على الإطلاق وهو أن المشروع يبعث برسائل من أرض الواقع أن مصر لم تكن يوما ضد التنمية في دول حوض النيل وهذا يمحي الرواية الإثيوبية وغيرها من الروايات التي تصور مصر على إنها مصاصة مياه الأنهار في أفريقيا، وبفضل الدعم المباشر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسى لهذا المشروع تحولت تنزانيا التي كانت من أول الموقعين على معاهدة عنتيبي المجحفة لحق مصر والسودان إلى دولة تطالب بإعادة النظر في احتياجات مصر للمياه ومراعاة تعدادها الكبير من السكان وتدعم مصر في ملف سد النهضة وتطالب دول حوض النيل بدعمها .
انخراط تحالف نصفه حكومي ( المقاولون العرب) ونصفه قطاع خاص ( السويدي إليكتريك) في ملحمة عمل قام بها أكثر من 2500 مهندس وعامل مصري تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وبدعم مباشر من الرئيس عبد الفتاح السيسى ، لبناء صرح تنموي في دولة أفريقية شقيقة برغم جائحة كورونا وتعطل سلاسل التوريد لم يتأخر الجدول الزمني لتسليم التحالف للأعمال القائم عليها للجانب التنزاني أدى ذلك لاستعادة مصر لمكانتها ودورها التنموى وتأثيرها داخل القارة الإفريقية، ليكون ذلك امتدادًا للنجاحات المصرية التى يتم تحقيقها فى مختلف المجالات على الصعيد الإفريقى. 
لذلك مستلهمين عظمة يوم 6 أكتوبر واعتزازهم بذكرى الانتصار الكبير، احتفل التحالف المصري بالانتهاء من صب آخر مكعب خرسانة مدموكة في جسم السد الرئيسي، وبالتالي اكتمال الأعمال الإنشائية للسد في 6 أكتوبر 2022 بعد 22 مليون ساعة عمل 

إرسال تعليق

0 تعليقات

Close Menu